انتخابات الرئاسة في مصر: خطوة نحو "مزيد من الديمقراطية" أم مجرد "تحصيل حاصل"؟
بمشهد لم يسبق لأحد أن تابع مثله عبر تاريخ مصر الحديث يبدأ في السابع من أيلول/سبتمبر 2005 فصل جديد من فصول الحياة السياسية المصرية. يتمثل هذا المشهد في اقتراع سري مباشر على شخص صاحب أرفع منصب رسمي في مصر. أما تفاصيل ما سيلي هذا المشهد من أحداث ووقائع فلا يمكن معرفتها إلا بعد أن يسدل الستار علي معركة انتخابية حامية الوطيس.
يخوض الانتخابات الرئاسية تسعة مرشحين، إضافة إلى الرئيس الحالي محمد حسني مبارك، والذي يُرجح على نطاق واسع بأن يفوز بفترة رئاسية خامسة مدتها ست سنوات. ويعد أيمن نور مرشح حزب الغد ونعمان جمعة مرشح حزب الوفد أبرز مرشحان ينافسان مبارك على منصب رئيس الجمهورية. وتشترك سبعة أحزاب أخرى صغيرة في المعركة الانتخابية،. أما جماعة الإخوان المسلمين، التي يعتبرها الخبراء السياسيون أكثر حركات المعارضة شعبية وقوة في مصر، فلن تخوض الاقتراع كحزب نظراً لكونها محظورة سياسياً. والجدير بذكره أن عدد لا بأس به من أحزاب المعارضة المصرية تقاطع الانتخابات مشككة في عدالتها وشفافيتها، بالرغم أنه لم يتم إجرائها بعد.. أما البعض فيتفائل بهذه التجربة الانتخابية معتبراً إياها "موجة ديمقراطية" جديدة ستنطلق من مصر لتنتقل إلى دول الشرق الأوسط المحيطة وكافة البلدان العربية. ويتلخص مضمون السؤال الذي يطرحه المهتمون بالمسألة المصرية في الأتي: ما هو جدوى إجراء هذه الانتخابات؟
شروط لابد من توافرها
وسعياً للحصول على إجابة على هذا السؤال أجرى موقع دويتشه فيلّه باللغة العربية حواراً مع الدكتورة ليسلي ترامونتيني المتخصصة في شؤون العالم العربي بمعهد أرنولد بيرغ شتراسر في فرايبورغ/ألمانيا. تري ترامونتيني أن الانتخابات جزء لا يتجزأ من العملية الديمقراطية، "بل أنها تعد من أهم دعائمها على الإطلاق"، ولكن لا يمكن للمرء أن يصف بلداً ما بأنه "ديمقراطي" لمجرد أن مواطنيه يتوجهون من آن لأخر إلى صناديق الاقتراع، على حد تعبير ترامونتيني، "أما الخطوات التي قام بها الرئيس مبارك، والتي كان من ثمارها فتح الباب أمام مرشحي الرئاسة فلا شك أنها جيدة. ولكن ليس من المؤكد أن ينتج عن هذه الخطوات ديمقراطية حقيقية، إذ أنه لا تتوافر شروط لازمة لإنجاح الانتخابات وتعزيز الديمقراطية في مصر. ولعل أهم هذه الشروط: إعطاء مزيداً من الحرية لكل من يرغب في المنافسة على منصب رئيس الجمهورية، وعدم ربط إمكانية ترشحه بموافقة الحزب الوطني الحاكم الذي يشغل أغلبية المقاعد في البرلمان. أما عدم احكتار وسائل الإعلام لصالح حملة الريئس الحاكم، وإعطاء كل مرشحه حصته المشروعة في وسائل الإعلام، فلا غنى عنها لكي يتمكن الناس من معرفة البرامج الانتخابية للمتنافسين" على حد قول ليسلي ترامونتيني.
ديمقراطية تحت ظروف صعبة؟
وفي نفس السياق يعتقد الدكتور ميشائيل كرويتس، خبير شؤون الشرق الأوسط بجامعة بوخوم والذي أجرى موقعنا مقابلة تليفونية معه، أن الرئيس مبارك يسعى بشتى السبل إلى إصباغ نظام حكمة بالشرعية. خصوصاً بعد أن تعرض الأخير لانتقادات لاذعة تلاحقت عليه من الداخل والخارج. ومما لاشك فيه أن مفهوم الديمقراطية يختلف من بلد لأخر. لكن هناك مبادئ ديمقراطية ثابتة لا يختلف عليها اثنان. فإذا كانت الحكومة المصرية تسعى بصورة جدية إلى إجراء انتخابات حرة شريفة، من شأنها تعزيز "الديمقراطية الفعلية"، فعليها أن "تقابل النداءت التي وُجهت إليها بآذان صاغية. وأن توافق على إخضاع انتخابات الرئاسة لمراقبة دولية" على حد قول كرويتس. ومن المعرف أن هذا الأمر شديد الحساسية يلاقي رفضاً عارماً من قبل مبارك. ويبرر أسامة الباز، مستشار مبارك السياسي، هذا الرفض بالقول إن: "الرقابة الدولية على الانتخابات تتم عندما يكون الحياد موضع شك وحيادنا ليس موضع شك، ومصر دولة لا تقع تحت أية وصاية"، بالإضافة إلى أن "الأجهزة الإعلامية لديها الفرصة الكاملة في أن ترى وترصد وتنقل كل ما يتم في العملية الانتخابية" على حد قول الباز.
علاء الدين سرحان