انتخابات تونس: صراع "الكبار" ورهان "الصغار"على مفاجأة
٢٣ أكتوبر ٢٠١٤تتقدم ثلاث قوى سياسية في تونس على الأقل المراكز الأولى في استطلاعات الرأي بالنسبة للانتخابات التشريعية، التي تجري الأحد المقبل، لكن تتطلع أحزاب أخرى أيضا إلى إثبات حقيقة مغايرة عند صناديق الاقتراع. وستشارك في الانتخابات التشريعية التي ستمهد لتأسيس برلمان جديد لمدة خمس سنوات بعد فترة انتقالية، أعقبت ثورة شعبية أطاحت بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 2011، أكثر من 1300 قائمة انتخابية لأحزاب ومستقلين.
النهضة تنافس على الفوز مجددا
أبرز القوى السياسية هي حركة النهضة، والتي تعد الأكبر في البلاد قياسا إلى فوزها الكاسح في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 2011 و حصولها على 89 مقعدا من بين 217. ويتطلع حزبها الذي يحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي بالنسبة لنوايا التصويت في الانتخابات التشريعية، إلى تكرار فوزه والحصول على الأغلبية بمجلس النواب الجديد على الرغم من تجربة متعثرة في الحكم بين 2011 و2013، انتهت بخروجه من السلطة لفائدة حكومة غير متحزبة اثر الاضطرابات التي أعقبت اغتيال النائب محمد البراهمي في تموز/ يوليو 2013.
تأسس الحزب منذ 1981 ودخل في صدام مع نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الذي لاحق قياديي الحزب وحكم على عدد منهم بالسجن من بينهم رئيس الحركة راشد الغنوشي وعلي العريض وعبد الفتاح مورو، وأفرج عن قياديي الحزب مع صعود الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى الحكم في 1987. واستأنفوا النشاط السياسي بالمشاركة في انتخابات 1989 لكن سرعان ما دخلوا في صدام مع النظام الذي كرس حكم الحزب الواحد.
حصلت حركة النهضة الإسلامية على التأشيرة القانونية من السلطة بعد الثورة في 2011، وتعد اليوم أحد المكونات الأساسية في المشهد السياسي بتونس. ولم يتقدم الحزب بمرشح إلى الانتخابات الرئاسية، لكنه أعلن بأنه سيدعم مرشحا من خارج الحزب والأكثر توافقا. وقال الناطق الرسمي باسم الحزب زياد العذاري لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الحركة تساند تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات مهما كانت الأطراف المشاركة فيها وتعتبر التوافق الخيار الأمثل لإدارة المرحلة المقبلة للديمقراطية الناشئة.
"نداء تونس" يريد لعب دور النِد للنهضة
الحزب الثاني هو حزب "نداء تونس" الذي تأسس في حزيران/ يونيو عام 2012 برئاسة رئيس الوزراء الأسبق الباجي قايد السبسي مرشحه إلى الانتخابات الرئاسية، وجاء كرد فعل ضد هيمنة حزب واحد على الحياة السياسية وسيطرة الاتجاه الإسلامي على السلطة في مقابل تشتت القوى الليبرالية والعلمانية.
نجح الحزب في استقطاب العديد من الشخصيات السياسية من ذوي الاتجاهات المختلفة، ليبراليون ويساريون ونقابيون ومستقلون، وأحدث خلال أشهر قليلة توازنا سياسيا في البلاد مع حركة النهضة الإسلامية وهو يحتل منذ عدة أشهر المركز الأول في استطلاعات الرأي بالنسبة لنوايا التصويت في التشريعية والرئاسية.
لعب الحزب دورا مهما في الضغط على التحالف الحكومي بقيادة حركة النهضة لدفعها إلى طاولة الحوار الوطني خلال الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد والذي انتهى بتنازلها عن الحكم لفائدة حكومية غير حزبية تتولى الإشراف بشكل مستقل على باقي المرحلة الانتخابية.
ستكون الانتخابات التشريعية بمثابة الاختبار الأول للوقوف على حجم نداء تونس وتأثيره في الشارع. ويقول القيادي في الحزب رافع بن عاشور لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن نداء تونس يخطط للفوز بأكثر من مليوني صوت خلال الانتخابات والحصول على الأغلبية ما يمكنه من تشكيل الحكومة المقبلة.
حول خطته القادمة، يؤيد الحزب تشكيل حكومة وحدة وطنية في حال أفرزت صناديق الاقتراع تقاربا في النتائج من شأنه أن يفضي إلى شلل سياسي في البلاد.
جبهة لليسار والعروبيين
ثالث القوى السياسية البارزة على الساحة التونسية هي "الجبهة الشعبية"، بحسب استطلاعات الرأي. تضم ائتلافا انتخابيا يتشكل من 12 حزبا ذات الاتجاهات اليسارية والقومية العربية. تأسست الجبهة في تشرين الأول/ أكتوبر 2012 بهدف تجميع القوى اليسارية المشتتة ضد هيمنة التيار الإسلامي عقب انتخابات 2011 التي شكلت انتكاسة كبرى لليساريين.
لعبت الجبهة دورا محوريا في الاحتجاجات التي انطلقت في الشوارع عقب اغتيال السياسي شكري بلعيد أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين المنضم للجبهة في شباط/ فبراير 2013، بمعية باقي أحزاب المعارضة، ومارست ضغوطا أدت إلى تنحي حكومة حمادي الجبالي الأمين العام السابق لحركة النهضة، وتعويضها بحكومة علي العريض القيادي في الحركة ووزير الداخلية في الحكومة المتخلية.
كما لعبت الجبهة دورا مهما في الاحتجاجات التي تلت اغتيال النائب محمد البراهمي أمين عام التيار الشعبي القريب من الجبهة خلال اعتصام الرحيل الذي امتد لأشهر بساحة باردو أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي وفي المفاوضات داخل الحوار الوطني.
ستكون انتخابات 2014 فرصة التعويض لأحزاب الجبهة والكتلة اليسارية والقومية عموما، من أجل إثبات ذاتها في المشهد السياسي عبر كتلة نيابية قوية داخل البرلمان الجديد ووضع حد للتحليلات الشائعة بأنها أحزاب معارضة فقط ولا تصلح للحكم.
أحزاب تبحث عن مكان لها
وتتطلع أحزاب أخرى إلى أن تكون قريبة من المراكز الأولى ما يخول لها الدخول في تحالفات للصعود إلى الحكم عقب الانتخابات. ويبرز من بين هذه الأحزاب، الحزب الجمهوري الذي أسسه السياسي البارز احمد نجيب الشابي المرشح إلى الانتخابات الرئاسية. والحزب هو عبارة عن ائتلاف بين أحزاب ومستقلين ظهر في نيسان/ أبريل 2012.
لكن يعتبر الحزب الديمقراطي التقدمي الذي كان يرأسه الشابي أبرز مكون له وكان قد حل خامسا في انتخابات 2011 بفوزه بـ17 مقعدا معتمدا على قاعدته النضالية العريقة ضد نظام بن علي.
وإلى جانب الحزب الجمهوري تتطلع أحزاب التحالف الديمقراطي والاتحاد من أجل تونس (ائتلاف انتخابي) والتكتل من أجل العمل والحريات الذي يرأسه مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي المنتهية ولايته، إلى التواجد ضمن المراكز الأولى في الانتخابات التشريعية. وتعرف هذه الأحزاب نفسها بالوسطية والمعتدلة وتدافع ضمن برامجها الانتخابية عن مشروع الدولة المدنية والنظام الجمهوري.
ويطمح حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أسسه الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي في سنة 2001 إلى تكرار مفاجأة انتخابات 2011، عندما حل ثانيا وفاز بـ29 مقعدا بالمجلس التأسيسي تماما مثل حزب تيار المحبة (تيار العريضة سابقا) الذي جاء ثالثا بـ26 مقعدا.
ع.خ/ م. س (د ب أ، وكالات )