انتقادات لاذعة لمشروع تشديد إجراءات الحصول على الجنسية الألمانية
١٨ مارس ٢٠٠٦يسعى الحزب الديمقراطي المسيحي في ولاية هيسن إلى تشديد إجراءات الحصول على الجنسية الألمانية، وذلك من خلال اختبار مدى معرفة المتقدم بطلب الحصول على الجنسية بمحيطه الألماني. ويضم هذا الامتحان مائة سؤال يجب على المتقدم الإجابة عليها. بذلك تصبح ولاية هيسن ثاني ولاية ألمانية تعمل على تشديد قواعد الحصول على الجنسية الألمانية، وذلك بعد أن أعدت وزارة الداخلية في ولاية بادن– فورتمبيرغ في شهر كانون الثاني/يناير 2006، قائمة تحتوي على 30 سؤالاً لاختبار مدي تقبل صاحب طلب الحصول على الجنسية لمبادئ الدستور ومبادئ التعايش السلمي في المجتمع الألماني.
وفي الأوسط الألمانية تم إطلاق مصطلح "امتحان المسلمين" على هذه القائمة، نظراً للاعتقاد السائد بأنها أعدت خصيصاً للمسلمين الراغبين في الحصول على الجنسية الألمانية دون غيرهم. ولاقت هذه الخطوة انتقادات لاذعة من قبل الأحزاب الألمانية على كافة أطيافها. وأثارت هذه الأسئلة حفيظة المهاجرين المسلمين وووصفها الكثيرون بأنها تضطهد المسلمين من خلال توجيه أسئلة حول مسائل شخصية شائكة تمس الحقوق الأساسية لكل فرد، علاوة على الإختلاف عليها في المجتمع الألماني كما يظهر جلياً في طريقة التعاطي مع موضوع المثلية الجنسية.
شروط صعبة
أما الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم في ولاية هيسن فيقدم نموذجاً أقل حدة من التعديل المعمول به في ولاية بادن- فورتمبيرغ. فهو لا يطرح أسئلة على غرار: "ماذا سيكون رد فعلك، إذا أخبرك ابنك يوماً أنه مثلي جنسياً وأنه يريد أن يعيش سوياً مع رجل؟". لقد قامت حكومة الولاية بالتخلي عن مثل هذه الأسئلة، التي لن يجمع حتى المواطنون الألمان على إجابة واحدة عليها. لكن الأسئلة، التي سيقع على صاحب طلب الحصول على الجنسية الألمانية الإجابة عليها، تتناول مسائل حساسة مثل الموقف من دولة إسرائيل. كما تحتوى القائمة على أسئلة حول كيفية التعامل في محيط الأسرة ودور الرجل والمرأة في المجتمع والموقف من التطرف الديني.
ومن جانبه أعلن وزير داخلية ولاية هيسين فولكر بوفير أنه حكومة ولايته تهدف بهذه الخطوة إلى تصحيح قانون الهجرة ، الذي أقره البرلنان الاتحادي (بندستاغ) بعد مفاوضات طويلة يبن الأحزاب المسيحية المحافظة وحزبي التحالف الحكومي السابق في ألمانيا وهما حزب الخضر والحزب الاشتراكي الديمقراطي. فعلى حد قول بوفير "لقد كان من أخطأ مشرعو القانون عندما وضعوا حداً أدنى من الشروط الواجب توافرها للحصول على الجنسية الألمانية"، كإتقان التحدث باللغة الألمانية على سبيل المثال، "فمن يود أن يكوناً ألمانياً عليه أن يكون ملماً بالمبادئ التي تقوم عليها جمهورية ألمانيا الاتحادية."
نموذج غير صالح للتطبيق
ويخطط بوفير لتعميم هذا التعديل في ألمانيا، وأن ينص قانون الهجرة في المستقبل على أن يقوم المتقدم بطلب الحصول على الجنسية الألمانية بالاشتراك في دورة تأهيلية قبل السماح له بالتقدم للامتحان، بالإضافة إلى حلف اليمين على الدستور الألماني قبل الحصول على الجنسية. وكانت دول أوروبية عديدة كهولندا على سبيل المثال، قد قامت بإدخال تعديلات كهذه على قوانين التجنس. وكما هو معمول به في هولندا يرغب رئيس وزراء ولاية هيسن رولاند كوخ المعروف بتشدده تجاه قضايا الهجرة والإندماج في أن يقوم صاحب طلب الحصول على الجنسية بتأهيل نفسه قبل إجراء الاختبار. لكن من غير المعروف حالياً إذا كان اختبار هيسن سيتم تعميمه في كافة ولايات ألمانيا نظراً لمعارضة الحزب الاشتراكي الديمقراطي له، إذ يصفه ايرهارد كوترنج، وزير داخلية ولاية برلين، بـ"أنه غير ملائم". أما في ولاية هيسن نفسها فيلاقي هذا الاقتراح معارضة شديدة حيث أعلن حزب الخضر واتحاد المنظمات الممثلة للمهاجرين أنه غير صالح للتطبيق.
انتقادات لاذعة
أما حزب الخضر فيرى أن الأسئلة لن تؤدي إلى اندماج المهاجرين في المجتمع الألماني. وفي هذا الإطار يرى خبير شئون الهجرة واتلاندماج دانيل كون بينديت، أن "الامتحان يغيب أبسط بديهيات العقلانية، وأنه لن يؤدي إلى اندماج المهاجرين في المجتمع الألماني، ولن يحول دون تكون المجتمعات الموازية، التي يتقوقع فيها المهاجرون على أنفسهم، إذ أنهم لن يقوموا أساساً بتقديم طلب الحصول على الجنسية الألمانية." ويطالب كون بينديت بتسهيل قواعد الحصول على الجنسية، فألمانيا في حاجة إلى أن يتجنس المهاجرون بالجنسية الألمانية، على حد تعبيره. أما يلماظ ميميسوجلو رئيس اتحاد منظمات المهاجرين في ولاية هيسن فيرى أنه "من غير الواقعي أن يعتقد المرء أن المتقدمين سيجلسون كالتلاميذ في لجان امتحان لتأدية امتحاناً لكي يصبحوا بعد ذلك مواطنين ألمان." أما ممثلو الكنيستين البروتستنتية والكاثوليكية واتحاد النقابات الألمانية فيرون أنه من غير المنطقي مطالبة المهاجرين بمثل هذا الامتحان ويرون أن قانون الجنسية الألمانية ينظم قواعد الحصول على الجواز الألماني على نحو كافي. لذلك فولاية هيسن وألمانيا بأكملها ليست في حاجة إلى مثل هذا الاختبار.
وفي مقابلة مع إذاعة دويتشه فيلّه انتقد الصحفي الألماني الشهير بمغامراته الإستقصائية غونتر فالراف مشروع ولاية هيسن واصفاً اياه بأنه "إذلال للناس المندمجين في ألمانيا منذ زمن طويل، والذين قضوا أجمل سنوات عمرهم وهم يعملون لصالح هذا البلد." ويضيف فالراف أن حكومة ولاية هيسن تهدف إلى إثارة الرهبة في نفوس الناس المنتمين فعلاً للمجتمع الألماني، مما سيدفعهم إلى التفكير في العودة إلى أوطانهم الأصلية. وإذا قام المرء بتوجيه الأسئلة للقرويين مثلاً في ألمانيا فلن يستطيع معظمهم الإجابة عليها. إنه ليس من الجهل وعدم المعرفة بالمجتمع إذا لم يتمكن المرء من الإجابة على أسئلة كمن هو معجزة برن الكروية ومتى تم استضافت ألمانيا دورة الألعاب الأولمبية، فما نحته في ألمانيا هو الإنسانية والضمير الاجتماعي"، على حد قول فالراف.