انقسام ألماني فرنسي حول مشروع الاتحاد المتوسطي
٢٨ ديسمبر ٢٠٠٧ما تزال مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بإنشاء اتحاد متوسطي تثير جدلا حادا في العواصم الأوروبية المعنية بهذا المشروع. ففي الوقت الذي أعلنت فيه اسبانيا وإيطاليا موافقتها على مشروع الاتحاد المتوسطي، الذي يُمثل في نظرهما شراكة جديدة بين الاتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط، تعتبر ألمانيا وبعض دول شمال أوروبا الخطوة الفرنسية منافسة من شأنها أن تقوض مشروع الشراكة الأوروـ متوسطية التي انطلقت في برشلونة الاسبانية عام 1995.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل السباقة في التشكيك في المشروع الفرنسي بحجة أن حكومة باريس لم تنسق مع الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي بشأن المشروع الذي قد يسبب انقساما داخل البيت الأوروبي. لكن ساركوزي سارع من ناحيته قبل أيام بالقول إن فرنسا وألمانيا ستعملان على صياغة اقتراح مشترك يهدف إلى إشراك جميع دول الاتحاد الأوروبي التي ترغب في الانضمام إلى المبادرة الفرنسية.
وحول إذا ما كانت مبادرة ساركوزي ستنجح في إنهاء الخلاف الفرنسي الألماني يقول رودولف كيميلي مراسل صحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانية في باريس: "هذا الخلاف لم ينتهي بعد، والتناقضات التي دفعت أنجيلا ميركل إلى اختيار هذه العبارات اللطيفة ما تزال قائمة لأن ميركيل، مثل قادة الكثير من دول شمال أوروبا، تشك في أن يكون الاتحاد المتوسطي أداة لاستعادة مجد فرنسا". كما يرى كيملي أن الخطوة الفرنسية "تجعل الألمان والأوروبيين الآخرين في الشمال يتحملون فقط التكاليف المالية".
مفهوم فرنسي جديد لشراكة متوسطية؟
ويهدف الاتحاد المتوسطي، حسب وجهة النظر الفرنسية، إلى ضمان منطقة سلام مع وضع ضوابط للهجرة وترسيخ التنمية المشتركة والتحكم في قضايا البيئة. لكن ألمانيا ترفض هذه المبادرة التي قد تخدم السلام والتنمية في منطقة حيوية بالنسبة إلى أوروبا، لأسباب جيوسياسية، حيث يرى كيميلي في هذا السياق أنه يوجد مع توسيع الإتحاد الأوروبي في هيكله الحالي الكثير من المهام وأنه إذا ما تم إشراك كافة دول الإتحاد الأوروبي في مشروع الإتحاد المتوسطي فإن ذلك سيؤدي إلى توسيع الإتحاد إلى جنوب أوروبا، الأمر الذي ترفضه الدول المعارضة للمشروع.
أما فيما يخص إعلان كل من إسبانيا وإيطاليا عن دعمها للمبادرة الفرنسية فيقول كيميلي: " وفيما يخص موافقة ايطاليا واسبانيا فيجب التحلي بالحذر لأن تلك المساندة المعلنة خلال لقاء زعماء حكومات ليست إلا أمرا عاديا، أما الواقع فيتسم بالحذر".
فرنسا تبحث عن دور مميز
ومن جانب آخر، تساءل المحلل السياسي المغربي محمد طوزي حول إذا ما كان المشروع الفرنسي سيشمل فقط الدول المغاربية أم أنه سيضم دول الشرق الأوسط أيضا ومن ضمنها إسرائيل والأراضي الفلسطينية. أما جون كلود توري، مدير معهد المتوسط في مرسيليا، فتساءل هو الآخر عن فحوى تخلي فرنسا المفاجئ عن الشراكة الأوروـ متوسطية التي أطلِقت في 1995 ببرشلونة والتي تُتيح لدول جنوب حوض المتوسط العمل مع دول الاتحاد الأوروبي.
وفيما تذهب آراء بعض الخبراء في السياسة الأوروبية إلى أن المبادرة الفرنسية جاءت فقط لإفشال مساعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لأن الاتحاد المتوسطي قد يصبح يوما ما بديلا بالنسبة إلى تركيا، يرى كيميلي أن المبادرة الفرنسية تنبع من رغبة فرنسا في لعب دور مميز وعن ذلك يقول: " فرنسا هي عضو من بين عدة أعضاء في عملية برشلونة، وهذا وضع يزعج رجلا مثل ساركوزي. ساركوزي يريد اتحادا يلعب فيه هو الدور المحوري، وهو يعاني مثل الكثير من الفرنسيين من حقيقة أن فرنسا تم الدفع بها إلى هامش الاتحاد الأوروبي، لاسيما بعد عملية التوسيع الأخيرة ".