اوبك تقرر زيادة الإنتاج والخبراء يتوقعون أسعاراً قياسية خلال العام الجاري
١٨ مارس ٢٠٠٥استهلت الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك اجتماعها االأخير في أصفهان الإيرانية بالاتفاق على زيادة الإنتاج اليومي بنحو 500 ألف برميل في اليوم الواحد اعتبارا من شهر أبريل / نيسان المقبل. هذا ما صرح به رئيس اوبك وزير النفط الكويتي الشيخ أحمد الفهد الصباح على هامش اجتماع الدول الأعضاء المنظمة. وتوقع الوزير الكويتي زيادة الإنتاج مرة أخرى في وقت لاحق من هذا العام وخصوصاً في الربع الأخير منه. وعزا المراقبون اتخاذ هذا الإجراء الذي جاء بناء على طلب من السعودية والكويت إلى حرص الدول المصدرة على تفادي ارتفاع أسعار النفط وتوفير ظروف الاستقرار في الأسواق العالمية وإعطاء دفعة لنمو الاقتصاد العالمي. من جانبه قال وزير النفط السعودي علي النعيمي في أصفهان إن الإنتاج الفعلي سيرتفع من 27،7 مليون برميل يومياً إلى 28،2 مليون برميل. تجدر الإشارة إلى أن رفع إمدادات النفط للأسواق العالمية لا يلاقي استحسان جميع الدول الأعضاء في أوبك، ففي حين تؤيد السعودية والكويت رفع الإنتاج، ترى دول مثل إيران وليبيا والجزائر وقطر أن هذا الإجراء لن يساعد كثيراً على تهدئة أسعار النفط التي بدأت تقترب من مستوياتها القياسية. إلى ذلك قال وزير النفط القطري عبد الله بن حمد العطية في تصريحات مماثلة في أصفهان إن اوبك لم يعد بوسعها السيطرة على أسعار النفط المرتفعة أكثر من المطلوب. أما نظيره الإيراني فوجه انتقادات للمقترحات السعودية، مشيرا إلى أسعار النفط مرتبطة بتكهنات الأسواق بخصوص الأوضاع السياسية على الساحة الدولية.
زيادة الطلب رغم ارتفاع الأسعار
في غضون ذلك توقع خبراء اقتصاديون أن ترتفع أسعار النفط خلال العام الجاري بشكل لم يسبق له مثيل. وتقول معاهد البحوث الاقتصادية والبنوك الألمانية إن سعر الذهب الأسود سيحطم في عام 2005 أرقاما قياسية. ورفع خبير الشؤون النفطية كلاوس ماتيس من معهد البحوث الاقتصادية "إتش.دبليو.دبليو.إيه" الذي يتخذ من مدينة هامبورغ الألمانية مقرا له توقعاته بشأن الأسعار، قائلا في تصريح ليومية "فرانكفورتر روندشاو" إن سعر البرميل الواحد سيتعدى في العام الجاري معدل 45 دولار. كما توقع المصرف الألماني "نورد بنك" أن تصل أسعار النفط في عام 2005 إلى أكثر من 40 دولاراً للبرميل الواحد. وكان أضخم مصرف ألماني "دويشه بنك" أجرى مؤخرا تعديلا على توقعاته ورفعها إلى 40 دولاراً للبرميل. وعزا الخبراء توقعاتهم إلى الأسباب التقليدية المتمثلة في زيادة الطلب على النفط الخام رغم ارتفاع أسعاره وإلى المضاربات في الأسواق والبورصة.
نعمة ونقمة
من جانب آخر، كشفت دراسة قام بها المعهد الاقتصادي الألماني
(دبليو.إي.) عن أن اعتماد كثير من الدول المنتجة للنفط بشكل أساسي على عائدات الذهب الأسود كان بمثابة "لعنة" بالنسبة لاقتصادات هذه الدول. وتناولت الدراسة التي حصل موقعنا على نسخة منها نيجيريا كمثال على ذلك، مشيرة إلى أن البلد الإفريقي الذي يعتبر من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم ركّز في العقود الماضية على عائدات القطاع النفطي وأهمل في الوقت ذاته القطاعات الاقتصادية الأخرى، الأمر الذي أضعف على مدى هذه العقود اقتصادها. وتؤكد الدراسة على أنه رغم تضاعف عائدات النفط في نيجيريا بعشر مرات منذ بداية الستينات، إلا أن الناتج القومي المحلي بقي على حاله وما زالت الأغلبية العظمى من النيجيريين يعانون من فقر مُزر. ووفقا للدراسة، فإن هذا الحال لا ينطبق على نيجيريا فقط، بل أن معظم الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك لم يتجاوز النمو الاقتصادي فيها بين أعوام 1980 و 2002 أكثر من 2 بالمائة. وتستثني الدراسة فقط قطر والإمارات العربية المتحدة التي جلبت العائدات النفطية لمواطنيها هذين الرخاء والاستقرار الاقتصادي، إذ أن الدخل الفردي السنوي يبلغ في البلدين أكثر من 20 ألف دولار.
وذكرت الدراسة أن اعتماد الدول المنتجة على صادرات النفط لوحدها يؤدي إلى رفع قيمة عملاتها، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار صادراتها غير النفطية وإضعاف فروعها الاقتصادية الأخرى. ويزيد من المشاكل عدم استثمار عائدات النفط بالشكل المطلوب. وتقول الدراسة إن الدول الأعضاء في أوبك استثمرت بين اعوام 1980 و 2001 فقط 0،2 بالمائة من ناتجها القومي المحلي في مجالات البحوث والتطوير، وبدلا من ذلك تستثمر هذه الدول نسبة كبيرة من عائداتها النفطية في مجال التسلح. فعلى سبيل المثال بلغت مصاريف التسلح في هذه الدول بين أعوام 1980 و 2001 حوالي 6،1 بالمائة من الناتج القومي المحلي. وختمت الدراسة بالقول إن تفشي الفساد والرشوة في اقتصادات الدول المصدرة للنفط أحد الأسباب المؤدية إلى ذلك.
ناصر جبارة