بدء حملة التلقيح في ألمانيا ضد وباء أنفلونزا الخنازير
٢٤ أكتوبر ٢٠٠٩تنطلق رسميا يوم الاثنين القادم (26 تشرين الأول/أكتوبر)، حملة تلقيح في عدد من الولايات الألمانية ضد وباء أنفلونزا الخنازير. وموازاة لذلك، أظهرت دراسة أجراها مؤخرا معهد فورسا الألماني لاستطلاع الرأي أن 20 في المائة من الألمان فقط يعتزمون أخذ اللقاح، وأن غالبية المستطلعة آراءهم ترى أن تفشي المرض لم يكن بتلك الخطورة التي تم التنبؤ بها في السابق.
من جهة أخرى، ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن كلاوس بيتر شوبنيير، المدير العام لمعهد "إيماند" الألماني لاستطلاع الرأي، أن "تراجعا أكبر لعدد الممتنعين عن أخذ اللقاح، قد يتجاوز السبعين بالمائة". يذكر أنه خلال شهر يونيو/حزيران الماضي أعرب أكثر من نصف الألمان استعدادهم للتطعيم، وفقا استطلاع للرأي أجراه معهد "إيماند". ويعزو المراقبون هذا التراجع إلى حدة الجدل الدائر حول سلامة اللقاحات المعروضة ومدى فعاليتها لمواجهة وباء انفلونزا الخنازير.
خطة عبر مراحل
وفي سياق متصل طرح معهد روبرت كوخ للأبحاث مخططا لتقديم اللقاح عبر مراحل، على أن تشمل المرحلة الأولى العاملين في القطاع الصحي ورجال الشرطة والإطفاء. ثم بعد ذلك، المصابين بأمراض مزمنة. في المقابل، بات يتوجب على الأشخاص البالغين غير المصابين بأي من الأمراض الانتظار لأسابيع اللاحقة. وكانت الحكومة الألمانية قد طالبت من مختبرات الأدوية البريطانية ( "كلاسكو سميث كلاين" GlaxoSmithKline) تزويدها بزهاء خمسين مليون لقاح، وذلك بقيمة مليار يورو. وكانت شركات الأدوية البريطانية قد أكدت الأسبوع الماضي فعالية اللقاح الذي طورته، والذي يحمل اسم (باندميكس (Pandermrix) وذلك عقب تجربة سريرية ثانية، أجريت على 130 شخصا مصابا بين 18 و60 عاما.
وحينها، أكدت شركة الأدوية ذاتها أن جرعة واحدة من اللقاح يمكن أن تثير رد فعل قوي لدى جهاز المناعة يفوق المعايير التي حددتها منظمة الصحة العالمية، التي وافقت على اللقاح المذكور. من جهتها أوضحت وزيرة الصحة الألمانية أولا شميت، أن الحكومة الألمانية لم تطلب تزويدها بلقاح باندميكس فحسب، وإنما أيضا بثلاث لقاحات أخرى، وصفتها الوزيرة بـ "الآمنة والصالحة للاستخدام".
انتقادات لاختيار لقاح باندرميكس
بيد أن الحكومة الألمانية واجهت انتقادات حادة من قبل بعض الخبراء والمتخصصين، وعلى رأسهم العالم الكسندر كيكوليه، مدير معهد الميكروبيولوجيا بمستشفى جامعة هاله، شرق ألمانيا. ففي لقاء خصه محطة "إم دي آر إنفو" الإذاعية انتقد كيكوليه لقاح باندميكس الذي تم اختياره كونه يحتوي على مادة أدجوفانس (Adjuvans) المحفزة التي بإمكانها أن تتسبب في أضرار للجسم خصوصا للأطفال والحوامل.
وأوضح البروفسور كيكوليه، أن لهذه المادة التي تعتبر مبدئيا ملائمة لمواجهة الفيروسات الخطيرة مثل انفلونزا الطيور، لها آثار جانبية فادحة على حد قوله. و أن استعمالها ضد وباء انفلوانزا الخنازير يعد "مبالغة كبيرة". ونوه العالم الألماني بالتطعيم الذي يتم استخدامه في الولايات المتحدة ويحمل إسم فاكسين. وهو ذات التطعيم الذي تم شراءه من قبل الجيش الألماني. بيد أنه ورغم الانتقادات التي وجهها البروفيسور كيكوله للحكومة الألمانية، إلا أنه حث المواطنين على تطعيم أنفسهم معتبرا أن ذلك "أنجع وسيلة لمكافحة الوباء".
غياب للشفافية
من جهته انتقد مكتب الشفافية الدولي ومقره برلين، الآليات المتبعة من قبل المسئولين الألمان لاختيار لقاح معين دون غيره. وفي حوار خصت به دوتشه فيله، ذكرت رئيسة إدارة مكتب ترسبرينسي، سيلفيا شينك أن السبب الكامن وراء الجدل الحاد الدائر حاليا حول لقاح شركة "كلاسكو سميث كلاين" يعود بالأساس إلى "غياب الشفافية والوضوح". إذ كان "من المفترض أن يشرح المسئولون داخل لجنة التطعيم بشكل مستفيض الأسباب التي دفعتهم إلى اختيار لقاح دون غيره". وهذا ما لم يتم حسب شينك. فكان من الطبيعي "أن تهتز ثقة المواطن وأن يطرق باب الاتهامات خصوصا وأن أعضاء لجنة التطعيم لهم علاقات مباشرة مع شركات الأدوية الكبرى".
(و.ب/آ.ب/د.ب.آ/دوتشه فيله)
مراجعة طارق أنكاي