بداية خجولة لحملة أول انتخابات في تاريخ ليبيا منذ نصف قرن
٢٣ يونيو ٢٠١٢بعد حوالي أسبوع من انطلاق حملة الانتخابات لأول انتخابات في تاريخ ليبيا منذ حوالي نصف قرن، ما يزال الليبيون يحاولون التعرف على المرشحين واللوائح السياسية المتنافسة على مقاعد المؤتمر الوطني العام (المجلس التأسيسي) الذي ستكون مهمته وضع دستور جديد للبلاد بعد أقل من سنة على الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.
على الجسور والميادين وفي الشوارع الرئيسية بالعاصمة الليبية طرابلس وأيضا في كبريات مدن البلاد، علقت لافتات تحمل صور المرشحين وكذلك الكيانات السياسية مع شعارات للحملة، بينما قام آخرون ببث بيانات ترشحهم عبر صفحات الفيس بوك مع صورهم، وفتحت بعض القنوات الفضائية الليبية فترات زمنية مجانية للمرشحين كما انشئت قناة فضائية مستقلة بالخصوص.
وقد أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أنه أمام المرشحين 18 يوما تنتهي يوم 5 يوليو/تموز، ويجري الاقتراع يوم السابع من يوليو. وهو ثاني موعد يتم اختياره للانتخابات بعد تأجيلها في وقت سابق، لأسباب "لوجستية وفنية" ، لكن انطلاق حملات الانتخابات هذه المرة تزامن بموجة عنف شملت مناطق عديدة من البلاد، وتقول الحكومة الليبية إن ضحاياها بلغ عددهم 100 قتيل وزهاء 500 مصاب.
اقتراع في قلب التحديات
وفي أول انتخابات تخوضها ليبيا منذ عام 1964 بلغ العدد الاجمالي للمرشحين الأفراد المتنافسين على مقاعد المؤتمر الوطني العام في الدوائر الفرعية لنظام الأغلبية (2501 مرشحا)٬ فيما بلغ عدد مرشحي الهيئات السياسية في الدوائر الفرعية للنظام النسبي ( 1206 مرشحا) مدرجين في ( 377 ) قائمة تمثل ( 142 ) هيئةً سياسية. ويبلغ عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم في هذا الاستحقاق 2 مليون و700 ألف، وهو ما يمثل 80 % من المستهدفين في هذه العملية الانتخابية الاولى التي تحمس لها الليبيون بالرغم مما يعصف ببعض المناطق من توترات واشتباكات نتيجة تراكمات سابقة أو من أسباب انتشار السلاح على الارض وبشكل عشوائي أحيانا.
وهو ما دفع رئيس المجلس الانتقالي المستشار مصطفى عبد الجليل مؤخرا إلى دعوة الشعب الليبي إلى دعم بناء دولة المؤسسات والعدل والقانون و"الوقوف صفا واحدا لعبور هذه المحنة والوصول الى حلم الليبيين وهو الانتخابات الحرة والنزيهة للمؤتمر الوطني". مؤكدا بأن هذه الانتخابات ستكون "بداية حقيقية لتاريخ ليبيا ونقلة نوعية سياسية في تاريخها" مطالبا ب"الابتعاد عن المظاهر المسلحة والاقتتال الغير مبرر".
أجواء باهتة في طرابلس
في جولة بالعاصمة وبعض شوارعها، لاحظنا ضعف التجاوب مع حملات الانتخابات، وهو ما يفسره بعض الخبراء بسبب "عدم وجود ثقافة الانتخابات او لان العملية الانتخابية في ليبيا لا تشتعل منذ البداية بل تستمد قوتها بعد منتصف الطريق كما حدث في تسجيل الناخبين". وفي ميدان رئيسي بطرابلس، تتساءل السيدة سالمة عن سبب وضع صور المرشحين بعد أن كانت صور الشهداء تزدان الشوارع، متسائلة ان كانوا في نفس المرتبة.
بينما قال مهندس الاتصالات عبد الرزاق البخبخي لـDW بأن الحملة تأخرت وهناك من لم يعدَ حملته إلى اليوم وأضاف"أشعر أن الامور غير منظمة من قبل المرشحين بالرغم من أن بعضهم قد جهز لحملته واطلقها" ويعزو ذلك إلى "افتقاد ثقافة الانتخابات في ليبيا".
وقال الشاب خليل محمد من طرابلس لـDW لقد مررت بعدد من الشوارع ولكن لم أجد الكثير من اللافتات الخاصة بحملات المرشحين.
ضعف وسائل إدارة الحملات الانتخابية
أما في مدينة درنه ساحرة الشرق الليبي والتي تبعد 1450 كم شرق العاصمة طرابلس، فقال الاعلامي تقي الدين الشلوي لـ DW ، إن والده مرشح للانتخابات وهو إلى حد الآن لم يبدأ اى من حملته الانتخابية، ويرجع ذلك إلى"عدم قدرته على توفير تمويل لحملته الانتخابية"، حيث لم يتم إلى الآن صرف المبالغ المالية المخصصة للحملات الانتخابية.
أما رشاد عليوه مدون وناشط اعلامي من الجنوب الليبي من مدينة مرزق التي تبعد 950 كم جنوب العاصمة طرابلس فقال لـ DWإن الحملات الاعلامية للكيانات السياسية قد انطلقت وبالنسبة للإفراد فهي متأخرة. ويفسر بعض المرشحين تأخر أو غياب حملاتهم في جنوب البلاد، بضعف الامكانيات المالية والوسائل الاعلامية، وقلة الخبرة فى ادارت مثل هكذا حملات.
وكان نوري العبار رئيس المفوضية العليا للانتخابات قد أعلن عن بدء الحملة يوم الاثنين الماضي ودعا المرشحين إلى "تجنب أي ضغوط أو تهديدات أو التلويح بالمغريات أو الوعود بمكاسب شخصية مادية أو معنوية". كما دعا إلى "الحيلولة دون نشوب نزاعات أو خلافات بين الناخبين أو ما من شأنه الإخلال بالوحدة الوطنية".
وتسعى المفوضية للتأكيد على احترام حقوق المرشحين الآخرين و"التقيد بقواعد المنافسة الشريفة" و "عدم استخدام العبارات التي تحرض على التمييز أو الكراهية" أو "إجراء أي شكل من أشكال الحملات الانتخابية قرب مراكز الاقتراع".
وأكد بيانه على السماح للمرشحين الافراد والكيانات السياسية باستخدام المطبوعات والإعلانات المسموعة والمرئية وإجراء الحملات الدعائية مجانا وعلى قدم المساواة في وسائل الإعلام الوطنية.
عصام الزبير- طرابلس
مراجعة: منصف السليمي