برلين ترحب بخطاب أوباما وتستبعد الحل العسكري للوضع في أفغانستان
٢ ديسمبر ٢٠٠٩رحبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بالخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما في أكاديمية ويست بوينت في نيويورك وأعلن فيه قراره بإرسال ثلاثين ألف جندي إضافي إلى أفغانستان ضمن إستراتيجية جديدة لمواجهة تنامي العمليات العسكرية التي ينفذها مقاتلو "طالبان" والمساعدة في بناء القوات المسلحة الأفغانية. وفي أول رد فعل رسمي على قرار الرئيس الأميركي، أعلن وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله أن بلاده لا تفكر حاليا في إرسال المزيد من الجنود وأن برلين ستحدد موقفها من الأمر بعد انعقاد مؤتمر أفغانستان الدولي الشهر القادم في لندن. وتعمل ألمانيا سوية مع فرنسا وبريطانيا لكي يضع المؤتمر الدولي إستراتيجية جديدة تحدِّد الأسس التي ستعتمد خلال السنوات القادمة لتمكين السلطات الأفغانية تدريجيا من ضمان الأمن في البلاد ذاتيا بدلا عن القوات الدولية.
فيسترفيله: "لا أحد يريد البقاء عسكريا إلى الأبد في أفغانستان "
وفي نفس السياق قال فيسترفيله إن ألمانيا على استعداد لبذل المزيد من الجهد في مجال تدريب قوات الأمن الأفغانية مضيفا أنه بذلك فقط يمكن مساعدة السلطات الأفغانية على ضمان أمن بلدها بمسؤولية. وتابع بالقول "لا أحد يريد البقاء عسكريا إلى الأبد في أفغانستان". وكانت المستشارة ميركل أشارت خلال الأيام الماضية إلى مواقف مماثلة في عدد من التصريحات والمؤتمرات الصحافية آخرها كان المؤتمر الصحفي عقدته في برلين مع رئيس الحكومة الباكستانية يوسف رضا غيلاني قبل يوم من صدور قرار أوباما.
من ناحية أخرى شدد وزير الخارجية الألماني على أن أي نقاش حول زيادة القوات الألمانية في أفغانستان "لا معنى له وغير مناسب" قبل انعقاد مؤتمر أفغانستان الدولي، مشيرا "إلى ضرورة تحديد الأهداف بداية ومن ثم الإستراتيجية وبعد ذلك الوسائل التي ستستخدم لتحقيقها". وفيما أكد أن حكومته ستبحث هذه الأمور داخل حلف الناتو ومع شركائها، أوضح أنه من الضروري البحث في تحديد موعد لإنهاء التدخل العسكري في أفغانستان لافتا إلى أن المطلوب ليس تحديد موعد نهائي له، وإنما الوجهة إليه. وقال فيسترفيله إن الرئيس أوباما "ألقى خطابا هاما جدا" ملاحظا أنه أخذ وقتا كافيا للتحضير لخطابه وإستراتيجيته، "من هنا نحتاج نحن أيضا إلى وقت لتقويم ما قيل في هذا الخطاب وبحثه مع شركائنا".
واشنطن تنتظر إرسال الحلفاء قوات إضافية
وحسب مصادر مطلعة تنتظر الولايات المتحدة من حلفائها إرسال ما بين خمسة وسبعة آلاف جندي إضافي إلى أفغانستان. وفيما رفضت فرنسا إرسال أي جندي وأجّلت ألمانيا ودول أخرى إعلان موقفها إلى ما بعد انعقاد مؤتمر أفغانستان الدولي، قررت بريطانيا إرسال 500 جندي. وتُعتبر القوات الألمانية المتواجدة في أفغانستان والبالغ عددها 4500 جندي، ثالث قوة عسكرية للناتو في أفغانستان، فيما يوجد نحو 68 ألف جندي أمريكي منتشرين في أفغانستان بالإضافة إلى ما يربو عن تسعة آلاف جندي بريطاني. جدير بالذكر أن وزير الدفاع الجديد كارل تيودرو تسو غوتنبيرغ كان قد وعد خلال زيارته أفغانستان قبل أسبوع بإرسال كتيبة مقاتلة جديدة مكونة من 100 جندي لتعزيز القوة الألمانية المتواجدة حاليا في قندز.
وفي السياق ذاته قال فيسترفيله أنه "لا يوجد حل عسكري للوضع في أفغانستان، وما نحتاج إليه هو حل سياسي مدعوم عسكريا" لافتا إلى أن هذا الأمر مهم ويتوافق أيضا مع نظرة الرئيس الأميركي للوضع في أفغانستان. وذكر أوباما في خطابه أنه يريد أن تبدأ قواته مسيرة العودة إلى بلدها بعد سنة ونصف السنة، ويتمنى أن تقوم الحكومة الأفغانية بنهج سياسة الحكم الرشيد ومحاربة الفساد وأن تكثف جهودها فيما يتعلق ببناء قوات مسلحة أفغانية قادرة على تولي مهمة استتباب الأمن بدلا عن القوات الدولية.
وعلى صعيد آخر، ذكرت تقارير صحافية في اليومين الماضيين أن الإدارة الأميركية تحض ألمانيا على إرسال ألفي جندي إضافي إلى أفغانستان وعلى مشاركة أكبر للجنود الألمان في العمليات العسكرية المحتدمة في جنوب البلاد وشرقها. ويعتقد مراقبون مطلعون أن ألمانيا لن تكون قادرة على تلبية الطلب هذا بفعل موقفها المتحفظ جدا، إن لم نقل الرافض، لتوسيع المشاركة العسكرية في أفغانستان.
الكاتب: اسكندر الديك
مراجعة: طارق أنكاي