"بعد الانتخابات...لبنان أمام خطر توترات سياسية داخلية جديدة"
٩ يونيو ٢٠٠٩التشاؤم كان لعبة مفضلة قبيل هذه الانتخابات، إذ أن الحديث جرى عن سباق متقارب الحظوظ (صوت مقابل صوت) لكلا المعسكرين، وسط مخاوف من أن يتولى حزب الله، المدعوم من إيران وسوريا مقاليد السلطة، بل إن المخاوف وصلت إلى حد الخشية من إعلان لبنان "جمهورية إسلامية".
والحق يُقال أنه لولا نظام الانتخابات المتبع في لبنان لكانت نتائج الإنتخابات هذه قد شكلت ثورة حقيقية من خلال صناديق الاقتراع؛ إذ أن قانون الانتخاب في لبنان ينص على تقسيم المقاعد بين المسيحيين والمسلمين بالمناصفة؛ لذلك لم تحدث حتى الآن تغيرات كبيرة في ظل بقاء هذا التوزيع على حاله، إلا إذا ما كان الشركاء المسيحيون لميشيل عون قد حققوا مكاسب أكبر كانت ستكفي لتشكيلهم أغلبية مع حزب الله. لكن هذا أولا: لم يحدث، وثانيا: حتى لو كان قد حدث فإنه لم يكن من شأنه أن يقود إلى جمهورية إسلامية في لبنان؛ فجماعة عون تتعاون مع حزب الله من أجل مصالحها السياسية، وليس من بين هذه المصالح الحلم بأن يتحول لبنان إلى إيران ثانية.
التوجه الديني المتشدد لايتناسب مع تركيبة لبنان
وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك ابدا خطرا حقيقيا من تحول لبنان إلى إيران أخرى، إلا أن من شأن الولايات وأوروبا وإسرائيل أن تشعر بالإرتياح من نتائج هذه الانتخبات، ذلك أن استمرار تقوية موقف حزب الله كان من شأنه أن يعقد الجهود المبذولة من أجل تسوية المشكلات القائمة في المنطقة، كما كان من شأن ذلك أن يجعل من مشروع تطبيع الوضع في لبنان في خبر كان.
إن أي توجه دني متطرف لا يناسب لبنان بالمرة، بصرف النظر عن الدين الذي سيتم التعصب له، فلبنان عبارة عن لوحة فسيفساء متعددة الألوان تتألف من جماعات عرقية ودينية مختلفة، وبقاؤه كدولة يتوقف على عدم خلط الأمور في هذه البنية بشدة؛ الحرب الأهلية الطويلة وسنوات المواجهة مع إسرائيل والتدخل السوري، كل هذه الأمور تركت أثارها؛ إلا أنها في الوقت نفسه قوت رغبة لبنان في أن يصبح فعلا حرا و مستقلا.
خطر حدوث توتر سياسي داخلي
مع هذا هناك تهديدات بوقوع اضطرابات جديدة؛ إذ أنه بعد عام من النزاع السياسي الداخلي بين حكومة فؤاد السنيورة وحزب الله؛ جاء اتفاق حذر على حكومة وحدة وطنية، ولم تكن هذه الحكومة محبوبة من أغلب اللبنانيين لأن البعض كان يريد سلطة غير منقوصة والبعض الآخر كان يطالب بقسم أكبر منها.
وفي حالة تحتم خضوع هذا الائتلاف مجددا للاختبار، فلن يكون من السهل أن يقبل الفائزون بالانتخابات بائتلاف جديد، وفي الوقت ذاته فإن من خسر الانتخابات لن يرضى بالتنازل عن نفوذه المباشر على العملية السياسية. وإذا لم يحدث اتفاق بين الطرفين فإن هناك خطر حدوث توتر سياسي داخلي من جديد، وأما إذا ما استمر الائتلاف السابق كما كان عليه، فهذا سيعني أن إلغاء معنى هذه الانتخابات.
تعليق: بيتر فليب/صلاح شرارة
تحرير: عبده المخلافي