بعد بنيامين.. يسار أم يمين؟
٧ ديسمبر ٢٠١٤تشهد إسرائيل منذ تأسيسها غالبا إجراء انتخابات مبكرة نتيجة لخلافات داخل الائتلاف الحكومي تؤدي إلى حل الحكومة، لكن هذه المرة جاء إعلان الانتخابات المبكرة مبكرا جدا وبعد فقط أقل من سنتين من الانتخابات السابقة، فوصفها الكثير من المحللين والمراقبين بالانتخابات الغريبة، ليبدأ سباق انتخابي شرس بين المتنافسين والأحزاب.
شغل بنيامين نتنياهو رئاسة حكومة إسرائيل ثلاث مرات، فقد قاد حكومة إسرائيل بين عامي 1996-1999، ثم عاد ليشكل حكومتين متتابعتين واللتين حكمتا إسرائيل منذ 2009 حتى يومنا هذا، فما هي حظوظ نتنياهو ليشغلها مرة رابعة بعد الانتخابات المزمع عقدها في مارس من العام القادم؟
يرى يونتن لايس، محلل الشؤون البرلمانية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن هذه الانتخابات تأتي نتيجة لخلافات شخصية بين نتنياهو وشركائه في الحكومة المنحلة، وخاصة زعيم حزب"هناك مستقبل" يائير لابيد ورئيسة حزب "الحركة" تسيبي ليفني، ونتيجة أيضا لفقدان الثقة بين الأطراف السياسية.
ويوضح لايس في مقابلته مع DWعربية: "ستتركز المنافسة الانتخابية حول الأمور الشخصية، فهناك العديد من الأطراف والأحزاب يقفون ضد أجندة نتنياهو وربما قد يؤدي ذلك إلى تحالفهم ضده، وقد تكون هذه التحالفات على غير المعتاد".
وبدأ أيضا تهديد جديد لنتنياهو داخل حزبه ( الليكود) بالظهور، بسبب أصوات تنادي بعدم انتخابه لرئاسة الحزب بالانتخابات الأولية (البرايماريز)، حيث يريد البعض إرجاع وزير التربية الأسبق جدعون ساعر والذي أوقف نشاطه السياسي قبل بضعة أشهر، وفي حال قراره العودة فسيشكل خطرا على نتنياهو داخل حزبه كما تشير استطلاعات الرأي.
وتشهد الحالة السياسية الإسرائيلية الحالية مرحلة استكشافية بين جميع الأحزاب في الساحة السياسية الإسرائيلية، فجميع الأحزاب منفتحة لإجراء تحالفات حزبية من أجل كسب أكبر قدر ممكن من الأصوات.
فرص اليسار والمركز
بدأ الحراك السياسي داخل أحزاب الوسط واليسار، حيث دعا زعيم حزب العمل يتسحاق هرتسوغ باقي هذه الأحزاب بالتعاون والتوحد معه لتشكيل كتلة مواجهة لليمين. وبرأي لايس: " في حال نجاح هذا التحالف فسيشكل تحديا كبيرا لنتنياهو، لكن من المبكر أن نقرر بأن ما يجري من حراك داخل اليسار والوسط سينجح لتشكيل كتلة وقائمة موحدة".
وقد يكون هناك إعادة لسيناريو الانتخابات والائتلاف المنحل ويوضح لايس: "قد يبقى الأمر في يد نتنياهو وقد ينضم لابيد مستقبلا مرة أخرى لنتنياهو، لان لابيد وأيضا هرتسوغ رفضا الإعلان بأنهما على غير استعداد بالتعاون مع نتنياهو، وبذلك تكون الانتخابات هذه لا حاجة لها ولا يكون هناك تغيير حقيقي في الخارطة السياسية".
أما تال شنايدر صاحبة مدونة "السياسي" الإسرائيلية في مقابلتها مع DWعربية فتقول: "استخلصنا من خلال التجارب الماضية أنه عندما يكون نتنياهو في مأزق، فانه يقوم بحل الحكومة، فهو الآن يريد إقامة كتلة مع "إسرائيل بيتنا" أو احد أقطاب اليمين، أما اليسار والوسط فيريدان إقامة كتلة مضادة، لكنهم لم ينجحوا في محاولتهم خلال السنة الماضية بإقامة كتلة لإسقاط حكومة نتنياهو".
كما ترى شنايدر أن اليمين الإسرائيلي متبلور بشكل أكبر وأفضل من اليسار وان فرص التحالف أكبر: "هناك فروق إيديولوجية بين أحزاب الوسط واليسار، وهذا يجعل تكتلها ليس بالشيء السهل، هرتسوغ استطاع أن يجد بعض التحالفات في السابق داخل البرلمان، لكن السؤال إذا كان سيستطيع أن يقوم بذلك في الانتخابات، لان الأمور بالنسبة للانتخابات أكثر تعقيدا، لذا على اليسار والوسط أن يتخلى عن الأنانية حتى يستطيعوا خلق تحالف مثل هذا".
تحالف اليمين
تشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية إلى حصول نتنياهو على أكبر قدر من الأصوات (أكثر من 30 مقعد من أصل 120)، لكن في حال عدم توافقه مع قوى الوسط واليسار فربما يضطر نتنياهو إلى اللجوء إلى قوى اليمين، وبذلك لا يكون هناك حظوظ للوسط واليسار.
ويرى لايس بأنه في حال استمرت استطلاعات الرأي على ما هي عليه فسيكون الائتلاف الحكومي القادم أكثر يمينيا وتدينا وتطرفا ويوضح: "نتنياهو سيعتمد على حلفاءه الطبيعيين كالحريديم ( الأحزاب الاورثودوكسية) الغير متواجدة بالائتلاف المنحل و"البيت اليهودي" بقيادة بينت (حزب وطني- ديني مؤيد للاستيطان ) الموجود في الائتلاف المنحل والذي يتجه أكثر فأكثر نحو اليمين، أضف إلى حزب "إسرائيل بيتنا" بقيادة ليبرمان اليمينية، وبذلك لا يكون هناك مكان للوسط واليسار".
ومن جهتها ترى شنايدر بأنه: "قد يقوم بعض أقطاب اليمين باستفزاز نتنياهو من أجل أن يتحالف معهم بعد أن قام بحل تحالفه مع الوسط في الائتلاف الحكومي الأخير" لكن من جهة أخرى ترى شنايدر أن: "استطلاعات الرأي قد لا تكون دقيقة بسبب رفع نسبة الحسم في الانتخابات، والذي قد يؤثر كثيرا على النتائج وقد تكون على غير المتوقع".
"الربيع الإسرائيلي"
يوجد الكثير من الأحزاب التي تريد أجندة اجتماعية واقتصادية وخاصة أحزاب الوسط واليسار، وتريد أخرى أجندة سياسية أمنية وهي الأحزاب اليمينية، لكن ما يلعب أيضا داخل أروقة الأحزاب دورا مهما هو الجانب الشخصي، فهناك خلاف حول شخصية نتنياهو وهذا يلعب حاليا دورا مهما جدا في اتخاذ الأحزاب لقراراتها.
تعبر شنايدر عن خيبة أملها من الإصلاحات الاقتصادية والوعود التي أطلقها السياسيون في الانتخابات السابقة: "لم يتغير شيء في أرض الواقع، وتعلم حكومة نتنياهو مدى أهمية مشاكل غلاء المعيشة والسكن المستمرة منذ سنوات، والوضع يزداد سوءا، وعبر الانتخابات المبكرة تريد الحكومة أن تتهرب من قوانين إصلاحية مطروحة على طاولة البرلمان، ف "لابيد" لا يلام وحده بعدم إجراء إصلاحات بل أيضا اللوم يُلقى على عاتق رئيس الحكومة نتنياهو".
وبنهاية الأمر وعلى الرغم من تفوق نتنياهو باستطلاعات الرأي، إلا أن هناك مخاطر قد تواجه نتنياهو في حال توحد جبهة كبيرة ضده، أو في حال تغييرات كبيرة خلال الثلاثة أشهر القادمة.