بعد تعاون الأسد في "الكيماوي" هل تغير واشنطن موقفها من النظام؟
٩ أكتوبر ٢٠١٣حظي نظام الأسد بـإشادة دبلوماسية بعد يوم فقط من بدء خبراء دوليين بتدمير أسلحته الكيماوية، وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن العمل الذي أنجز كان بداية طيبة وأثنى الوزير الأمريكي على الأسد في إشادة نادرة برئيس اعتبرته واشنطن بأنه فقد شرعيته عندما رد بالعنف على الاحتجاجات المناهضة لحكمه والتي اندلعت في مارس/ آذار 2011. وقال كيري:"اعتقد أن هذا الأمر نقطة تسجل لنظام الأسد، بصراحة. هذه بداية جيدة ونحن نرحب بالبداية الجيدة"، وأضاف: "اعتقد أن هذه خطوة جديرة بالتقدير لنظام الأسد في استجابته سريعا".
إنها لهجة جديدة في الخطاب الأمريكي تجاه نظام الأسد، وحتى وان كانت رمزية، فإنها جعلت المراقبين يتساءلون إن كان ذلك تغيرا في الموقف الأمريكي،أم أنها زلة لسان، أم أن الإدارة الأمريكية تريد الحفاظ على وتيرة إنجازاتها الإستراتيجية التي بدأت تتحقق بداية من خلال تدمير الأسلحة الكيماوية السورية؟
فرصة للأسد؟
مما لاشك فيه هو أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما حاولت بشتى الطرق الابتعاد عن أي عمل عسكري ضد نظام الرئيس بشار الأسد، بعد اتهامه بالمسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيماوية في هجوم على الغوطة. فبعد أن قُرعت بداية طبول الحرب من قبل بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، تحولت المواقف للترحيب بمبادرة تفكيك الترسانة الكيماوية السورية، بما في ذلك التهديد والوعيد بضرورة معاقبة المسؤولين على الجريمة التي خلفت أكثر من 1400 قتيل، واعتبرتها واشنطن سابقا بأنها تمثل "خطا أحمر" لا يمكن تجاوزه.
التفاهم بشأن تدمير الترسانة الكيماوية للنظام أثار استياء المعارضين والنشطاء السورين، حيث اعتبروا ذلك إشارة إلى تراجع الولايات المتحدة عن دعمها لهم. وقالت سوزان أحمد وهي ناشطة معارضة في دمشق إن "الاتفاق الخاص بالأسلحة الكيماوية يشكل خطوة الى الوراء وليس إلى الأمام في جهود حل الأزمة المستمرة منذ عامين ونصف العام". واعتبرت أن "كل ما تحقق الآن هو منح الأسد مزيدا من الوقت لقتل مزيد من الناس مشيرة إلى استخدام النظام لصواريخ سكود وتجنيد المقاتلين". وأضافت أن "المجتمع الدولي يحتفل بانتصاره في الإبقاء على الأسد رئيسا رغم أنه قتل مئات الألوف".
لكن الكاتب والمعارض السوري غسان المفلح يرى أن الإدارة الأمريكية لم تمنح الأسد فرصة لبقائه في السلطة "ولم يكن لها من قبل مشروع لإحداث في سوريا". ويتساءل المفلح في حوار مع DW /عربية: هل كان الغرب ينوي أصلا إسقاط نظام الأسد؟ إن الإدارة الأمريكية لديها تصورات عما تريده، فلا احد يستطيع القول إن واشنطن كانت بصدد تغيير بشار الأسد".
زلة لسانأم استراتيجية
الانتقادات الموجه للإدارة الأمريكية ولكيفية تعاملها مع الأزمة السورية تزداد حدتها يوما بعد يوم، فإشادة الوزير كيري بامتثال نظام الأسد لعملية تفكيك الأسلحة الكيماوية أثارت انتقادات داخل المعارضة السورية، حيث اعتبر المعارض السوري برهان غليون أن زلة لسان جون كيري التي شكر من خلالها الرئيس الأسد على سرعة استجابته وتعاونه، هي "وصمة عار في جبين سياسة واشنطن". وأضاف غليون:" لا أدري كيف يمكن لوزير خارجية دولة كبرى أن يثني على سفاح لا يزال يقتل أبناء شعبه ... اللهم إلا إذا كان الخلاف الوحيد بين واشنطن ونظام الأسد، بالرغم من كل ما يقوله المسؤولون الأمريكيون، يتعلق بامتلاك الأسد للأسلحة الكيماوية فقط".
المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف حاولت توضيح الأمر بالقول: " لا ينبغي إساءة شرح كلمات كيري على أنها إشادة بالأسد". وتابعت قائلة:" ينبغي أن يتنحي وموقفنا من ذلك لم يتغي". فالنظام قبل القيام بمسؤولياته في إطار عملية تدمير الأسلحة، ولكن هذا "لا يمنحهم الشرعية السياسية لقيادة البلاد في المستقبل".
من جانبه يرى الكاتب والمعارض السوري غسان المفلح أن الموقف الأمريكي لم يتغير تجاه نظام الأسد إذ أن الوزير "كيري لم يُشد بالنظام السوري وبالرئيس الأسد، بل أشاد بعملية الامتثال، بمعنى أن الأمر مرتبط هنا بمسألة تدمير الأسلحة الكيماوية". وبذلك حصلت واشنطن وبدون أي عناء على إمكانية تدمير تلك الأسلحة دون دفع أي مقابل. وقد يكون ذلك مقدمة لواشنطن في تحقيق أهداف أخرى في المستقبل، كما يقول المفلح، وأضاف قائلا:" عندما تجد الإدارة الأمريكية أنها لم تعد تحقق أي نتائج من الوضع القائم فإنها ستغير استراتيجيها في اللحظة التي تراها مناسبة وبالطريقة التي تخدم مصالحها. فإدارة أوباما ترى في الوقت الحالي أنها الرابح الأكبر مقارنة بكل الأطراف الأخرى، وهنا أعني كل من روسيا وسوريا وإيران وحتى الجماعات الجهادية في المنطقة".