بورصة برلين.. السياحة العربية تحاول تجاوز عقباتها
١١ مارس ٢٠١٧السياحة ليست بخير، هذا ما يتردد كثيرا على مسامع زائر معرض السياحة الدولي في برلين هذا العام "2017 ITB" من قبل المشاركين العرب في المعرض باستثناء الإماراتيين منهم. فسياحة الإمارات وعلى لسان عدد من ممثلي شركات السفر لاتبدو متأثرة بمصائب المنطقة العربية، التي أوصلت السياحة إلى وضع لا تحسد عليه في أكثر من بلد عربي وفي المقدمة تونس ومصر وسوريا، خلال الأعوام الستة الماضية.
وعملا بمبدأ "مصائب قوم عند قوم فوائد" يرى كثيرون أن الإمارات، وخاصة إمارة دبي، استفادت سياحيا من تبعات الاضطرابات السياسة والأمنية، التي حلت بدول عربية، من خلال استقبالها فئات غنية من تلك الدول كسياح وكرجال أعمال.
غير أن رجل الأعمال الإماراتي سعود محمد الدرمكي، مدير شركة بريمير للسفر والسياحة، يرى أن الاستمرارية في تطوير المنتج والعروض السياحية وراء استقرار السياحة الإماراتية ونموها، رغم الأزمات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط. ومن الأمثلة على ذلك العروض الثقافية الجديدة من خلال بناء المتاحف وإقامة المعارض والمهرجانات المتنوعة.
السعودية- السياحة للخروج من عباءة النفط!
وفي منطقة الخليج، التي تراهن إلى حد كبير على السياحة لتنويع مصادر دخلها، بدأت السعودية باكتشاف واستغلال مجال السياحة الثقافية والتاريخية والصحراوية بالاعتماد على زوار العمرة. وعلى هذا تشارك للمرة الأولى في معرض برلين بجناح خاص بها لترويج مساراتها السياحية الجديدة.
"حددنا للسياحة أربع مسارات للجولات السياحية وبدأنا باستغلالها هذا العام في إطار برنامج رحلات ما بعد العمرة"، يقول سعود المقبل، مدير إدارة الإعلام في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مضيفا: "نريد من خلال البرنامج التعريف بأن المملكة ليست دولة نفطية وحسب، بل أيضا فيها الكثير من فرص السياحة والاستثمار السياحي."
وعن مدى الإقبال على البرنامج يؤكد سعود المقبل أن البداية مشجعة، لاسيما من قبل الزوار الماليزيين. ومع تكثيف حملات الترويج سيكون هناك إقبال متزايد من الزائرين من الجنسيات الأخرى، الذين يأتون سنويا بالملايين للعمرة.
ويشمل البرنامج الحالي أربع مسارات للجولات السياحية وهي، مكة- جدة، ومكة- الطائف، والمدينة- ينبع والمدينة- العلا. ويأتي في إطار "رؤية السعودية 2030"، الهادفة إلى تشجيع مصادر الدخل بعد تدهور أسعار النفط منذ صيف 2014.
الجزائر- المطلوب مزيد من الترويج وتسهيل الفيزا
وعلى غرار السعودية تحاول الجزائر بدورها تنويع مصادر دخلها بعيدا على النفط بالاعتماد على السياحة والفلاحة، كما يقول رابح لعبدوني مدير مؤسسة "قمة الضيافة للخدمات/ KDS" السياحية.
"لدينا برامج كثيرة لتنمية السياحة الجزائرية في بلد يتميز بتنوع مناخي وفرص استثمار نادرة لا تقتصر فقط على تقديم القروض السخية بفوائد متدنية والإعفاءات الضريبية الطويلة الأجل لتحديث المنشآت السياحية"، يقول لعبدوني، مضيفا: "علاوة على ذلك لدينا أيضا خدمات سياحية متنوعة بأسعار متوسطة تساعدنا في سعينا لدخول أسواق جديدة مثل السوق الماليزية وأسواق آسيوية أخرى إذا قمنا بالترويج المناسب".
وإلى جانب ضعف الترويج هناك صعوبة الحصول على الفيزا (التأشيرة) التي ينظر إليها كأحد أبرز العوائق أمام تدفق السياح إلى الوجهات الجزائرية. وعلى صعيد الكوادر هناك جهد متميز لتأهيل الشباب الجزائري بمعايير عالمية على العمل في المؤسسات والشركات السياحية التي تجذب الكثيرين منهم، كما أوضح لعبدوني، الذي يشارك في معرض "بورصة برلين الدولية للسياحة"، الذي يعد أعرق معرض لصناع السياحة في العالم، حيث يجري تنظيمه سنويا في مارس/آذار من كل عام منذ 1966. وقد افتتحت الدورة الحالية يوم 8 آذار/ مارس، وتختتم فعاليتاها يوم الأحد 12 من نفس الشهر.
تونس ومصر- خطوة نحو التعافي!
أما في تونس ومصر فهناك تحسّن تدريجي طفيف في الحجوزات السياحية الخارجية خلال العام الماضي. غير أن تراجع الأنشطة السياحية ما يزال بنسبة تصل إلى 75 بالمائة مقارنة بعام 2010 حسب ما يقوله أحمد عفت، مدير شركة كوزموس إيجبت المصرية للسياحة.
وذكر أحمد بأن "تحسّن الحالة الأمنية أدى إلى تزايد أعداد السياح القادمين من أوروبا، غير أن المفاجأة في أن الزيادة الأكبر جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية". وعلى ضوء التوقعات بعودة قريبة للسياح الروس يبدو رجل الأعمال المصري متفائلا بموسم سياحي جيد هذا العام 2017.
وبدورها تعلّق الشركات السياحية التونسية آمالا كبيرة على عودة السياحة الأوروبية وجذب المزيد من السياح الروس، الذين زادت حجوزاتهم إلى تونس بنسبة 400 بالمائة خلال العام الماضي (2016) مقارنة بعام 2015، كما يقول عثمان تركي، مدير شركة نت تورز في منطقة الحمامات التونسية. ويرى تركي أن إقبال السياح الروس إلى تونس "أنقذ الوضع إلى حد كبير، وهناك فرصة قوية لجذب المزيد منهم ومن أسواق آسيوية أخرى، نحاول الدخول إليها."
استقرار نسبي في المغرب ولبنان والأردن
وإذا كانت تونس ومصر من أكثر الدول المتضررة من تراجع قطاع السياحة، فإن المغرب ولبنان وإلى حد ما الأردن حافظت على استقرار نسبي تارة ونمو ولو ضعيف تارة أخرى، لاسيما وأنها لم تتعرض إلى اضطرابات سياسية وهجمات إرهابية مقارنة خطيرة مقارنة بدول أخرى.
في لبنان تبدو النظرة المتفائلة هي السائدة في قطاع السياحة على ضوء تعزيز الاستقرار السياسي بفضل انتخاب ميشيل عون رئيسا للجمهورية، وتولي سعد الحريري رئاسة الحكومة كما يقول محمد بركات، مدير شركة بركات للسياحة والسفر مضيفا: "توقعاتنا للموسم القادم جيدة، لاسيما وأن هناك عودة تدريجية للسائح الخليجي إلى لبنان."
ويحصل الأردن على منافع متزايدة من خلال تدفق مزيد من المجموعات السياحية الأجنبية التي تزور إسرائيل إلى الوجهات السياحة الأردنية حسب حسين تادرس، مدير قسم المبيعات في فندق هيلتون البحر الميت. وتقدم هذه الوجهات، والكلام لحسين، عروضا متميزة وفريدة مثل السياحة العلاجية بمياه البحر الميت التي تشفي من أمراض كثيرة كالصدفية مثلا.
أما في المغرب فإن الجهود منصبة لتشجيع السياحة المحلية بهدف الحد من التأثيرات السلبية لبطء تدفق السياح من الخارج.