بيتر ليمون: مشروع صحفي طموح يغرس شجرة في أرض بور
٨ مايو ٢٠٠٦ماذا يتبادر إلى ذهنك لو عرفت في يوم من الأيام أن عميل سابق في جهاز المخابرات الإسرائيلي (موساد) ووزير فلسطيني سابق أيضا يعملان يد بيد في خدمة السلام بين شعبين متناحرين منذ عقود طويلة؟ خيانة أم تضحية أم ربما جسارة وتحدي؟ لا هذا ولا ذاك. فالمسألة تتلخص ببساطة في تبادل معلومات بشكل حضاري عن مواضيع مشتركة بين شعبين يعيشان في دوامة عنف لا نهاية لها ولا بداية. الحديث هنا يدور عن عميل المخابرات الإسرائيلي المتقاعد يوسي ألفر ووزير العمل الفلسطيني السابق غسان الخطيب ومجلتهما المشتركة ذات الاسم الجميل والمعبر في آن واحد "بيتر ليمون" (الليمون المر). وتعني المجلة الناطقة الإنجليزية، التي تأسست في عام 2001 ، بمواضيع الصراع العربي الإسرائيلي وتصدر أسبوعيا في الإنترنت.
حوار حضاري
وفي مبادرة لتشجيع الحوار بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، أجرى موقعنا حوارا مع الناشرين الخطيب وألفر، أوضحا من خلاله أهداف المجلة ومساعيها وآليات العمل فيها. وعن لغة المجلة الإلكترونية والجمهور الذي تصبو إليه، قال ألفر، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود بارك إن "بيتر ليمون" "موجهة بالدرجة الأولى إلى النخبة وتصدر فقط بالإنجليزية." أما عن المبدأ الأساسي للمجلة الفتية، فقد أكد ألفر أن "التعددية والنقاش الحضاري والتنوع هي المعايير الأساسية التي يقوم عليها عمل المجلة منذ الخطوة الأولى وهي اختيار المواضيع وحتى الخطوة الأخيرة وهي نشر هذه المواضيع ومناقشتها." أما غسان الخطيب فقد شرح لنا في مقابلة مماثلة أطر عمل المجلة والمعايير الثابتة التي يتم من خلالها مناقشة المواضيع ونشرها. ويقول الخطيب إن هناك مواضيع يختلف حولها الفلسطينيون والإسرائيليون، وأخرى يتفق عليها الجانبان، مضيفا أن الفكرة "ترجمت إلى واقع فقط عندما اتفق مع زميله ألفر على أن يستند عمل المجلة إلى حوار حضاري وبناء حول نقاط الخلاف والالتقاء بين الشعبين."
تقسيم المهام
وعن خطوات العمل، يقول ألفر إن البداية تتطلب دائما اختيار المواضيع التي ستناقشها المجلة وإن اختيار هذه المواضيع يأتي دائما موفقا لأن زميله الخطيب يعرف خصوصيات الجمهور الفلسطيني وهو يعرف بالمقابل خصوصيات الجمهور الإسرائيلي، على حد قوله. ويضيف أنه عندما يتفقان على هذه المواضيع، فإنهما يبدآن بالبحث عن آراء مغايرة، سواء كانت يسارية أو يمينية. أما الخطيب فيقول إن مهمته "هي البحث عن كتاب فلسطينيين، على سبيل المثال الخبير في شؤون حركة "حماس" هشام أحمد الذي قابلته مؤخرا. أما ألفر فإن دوره يتلخص في البحث عن كتاب إسرائيليين." وفي عدد الأسبوع الأخير، اتفق الناشران على اختيار مواضيع تناقش المجلة من خلالها تأثير الحركات الإسلامية في الصراع العربي الإسرائيلي. وفي حين يركز ألفر في مواضيعه على الخطر الاستراتيجي للحركات الإسلامية على إسرائيل، يلقي الخطيب نظرة قلق على حركة "حماس" وتأثيرات الحركات الإسلامية الخارجية عليها. وفي هذا الخصوص، يقول الخطيب إنه إذا لم تستطع "حماس" الوفاء بوعودها الانتخابية وإذا بقيت إسرائيل تحصل على تأييد أمريكي لسياستها يرفض حلا سياسيا للصراع ويقف أمام حدوث تحسن اقتصادي في الأراضي الفلسطينية، فإن هذا سيساهم في المستقبل القريب في بعض المناطق الفلسطينية وخصوصا في قطاع غزة في خلق أجواء مناسبة لزيادة حجم هذه القوى الإسلامية وتأثيرها، على حد قول الخطيب.
الجدار العازل
وعن الصعوبات التي تواجه عمل الناشرين، يقول ألفر إن البعد الجغرافي بينه وبين زميله لا يشكل صعوبة لعمل المجلة، عازيا العقبات التي تعترض عملها إلى أسباب أخرى يقول إن أهمها هو الجدار العازل الذي يفصل الأراضي الفلسطينية عن إسرائيل. إلى ذلك، يقول الخطيب إنه لا يلتقي ألفر كثيرا وإن عمل المجلة يتم تنظيمه تلفونيا أو عبر البريد الإلكتروني أو في لقاءات خارج الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، معللا ذلك بأن السلطات الإسرائيلية لا تسمح له بدخول الأراضي الإسرائيلية وبأن ألفر ممنوع أيضا من دخول الأراضي الفلسطينية. يشار إلى أن الخطيب وألفر تعرفا على بعضهما بعضا في حلقة نقاش نظمت في بداية التسعينيات في جامعة هارفارد الأمريكية. وفي إطار عملية السلام، تقابل الخطيب وألفر من جديد في مدريد. وعن النجاحات التي حققتها المجلة، يقول السيدان أنهما لم يتوقعا في البداية أن تلاقي المجلة آذانا صاغية، ولكن ما حدث هو العكس، على حد تعبيرهما. وفي هذا الخصوص يشير ألفر إلى أن المواضيع التي تنشرها المجلة تنشر في صفحات إلكترونية سورية وفي الصحافة اللبنانية والإيرانية والسعودية والإسرائيلية. ويضيف الناشر أن عدد القراء الذين يطلعون على المجلة يبلغ أسبوعيا 100 ألف قارئ وأن المقالات تترجم إلى لغات عالمية مثل العربية والعبرية والبرتغالية والفرنسية ولغات أخرى لا يعرفونها.
مايك مويزر
إعداد: ناصر جبارة