تأجيل اختيار البرادعي رئيساً لوكالة الطاقة الذرية بسبب المعارضة الأمريكية
يجتمع مجلس محافظين الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الأربعاء في العاصمة النمساوية فيينا من أجل التصويت على ترشيح محمد البرادعي لمنصب المدير العام للوكالة الذي يترأسها منذ العام 1997. ويأتي هذا التصويت الذي يلق اهتماماً كبيراً من قبل المراقبين وصناع القرار الدوليين نظراً للدور الحساس الذي تلعبه هذه الوكالة الدولية فيما يتعلق بتقييم خطورة البرامج النووية لكثير من الدول مثل إيران وكوريا الشمالية، في ظل استمرار معارضة الولايات المتحدة لإعادة انتخاب البرادعي لولاية جديدة مدتها أربع سنوات. لذلك قرر مجلس المحافظين ارجاء قراره حول تجديد ولاية البرادعي حتى يونيو حزيران القادم لمنح الأمريكيين وقتاً للموافقة على التجديد.
من هو محمد البرادعي؟
ولد البرادعي، وهو دبلوماسي مصري محترف في 17 حزيران/ يونيو 1942، ودرس في جامعة القاهرة قبل أن ينتقل إلى نيويورك ليحصل فيها على درجة الدكتوراه في القانون الدولي في عام 1964. وفي العام نفسه بدأ العمل في مقر الأمم المتحدة في نيويورك ثم انتقل إلى جنيف. وفي عام 1984 انتقل البرادعي إلى مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا حيث شغل في البداية منصباً إستشارياً ليتولى بعد ذلك منصب مدير الشؤون القانونية. تخصص البرادعي في مجال التعاون التقني والسلامة النووية، وهو ما أهله لشغل موقع ممثل المدير العام للشؤون الخارجية. وفي حزيران/ يونيو 1991 عين مديراً عاماً للوكالة خلفاً للسويدي هانس بليكس بعد أن كان معاوناً له. ويعرف عن محمد البرادعي، المرشح الوحيد لمنصب المدير العام لوكالة الطاقة الذرية الذي يتولاه منذ العام 1997، كفاءته العالية وحرفيته والتزامه التام بالحيادية في عمله كموظف دولي تجرد من التحيز للجنسية أو للدين أو العرق.
تحفظات أمريكية غير مبررة
وعلى الرغم من أن ترشيح البرادعي يحظى بدعم واسع من الدول الأعضاء الخمس والثلاثين في مجلس المحافظين، وخاصة من الصين ودول عدم الانحياز و دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن الولايات المتحدة أعلنت عن معارضتها لإعادة انتخابه. الإدارة الأمريكية بررت ذلك رسمياً بإشارتها إلا أن رئيس أي وكالة تابعة للأمم المتحدة لا يجوز أن يخدم أكثر من ولايتين وفقاً تقليد كرسه المساهمون البارزون في المنظمات الدولية المعروفون بـمجموعة جنيف. لكن السبب الحقيقي للتحفظات الأمريكية تجاه خبير مثل البرادعي يتمتع بثقة دولية كبيرة وخبرة قانونية ودبلوماسية عالية يكمن في فشلها في "تطويعه" لخدمة رؤيتها وأهدافها السياسية. ففي المرحلة التي سبقت الحرب على العراق حافظ البرادعي على إستقالايته ولم يتحول إلى بوق يخدم الدعاية الأمريكية.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الإدارة ألأمريكية تواجه مشاكل تتعلق بمصداقية حججها التي بررت بواسطتها هذا الحرب بعد أن أصرت على أن العراق كان يملك مخزونات من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وأنه يواصل برامج تسليح نووي. كما يعتبر الكثير من المسئولين الأمرييكين أن هذا "المصري المسلم" لا يبدي حزما كافيا تجاه إيران، على حد قولهم. ووصلت الأزمة إلى ذروتها حين قامت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بالكشف عن قيام أجهزة الإشتخبارات الأمريكية بالتنصت على البرادعي لمعرفة ما إذا كانت اتصالاته مع إيران تتيح إمكانية لإدانته بأي شكل من الأشكال.
تأجيل اختيار البرادعي
ورفض البرادعي اتهامه بالانحياز إلى جانب أي دولة بناء على أسس عرقية أو طائفية أو إقليمية جملة وتفصيلاً، وقال:"وسائل الإعلام العربية والإسرائيلية والأميركية والعراقية والكورية الشمالية والإيرانية تنتقدني لأسباب مختلفة، وهذا يشير إلى أننا نقوم بعملنا بشكل جيد". وفيما يتعلق بإيران فقد قال بأنه ليس لديه دليل دامغ على أن إيران تقوم بتطوير قنبلة نووية وهو ما يعارض تأكيدات الولايات المتحدة بأن برنامج التسلح الإيراني يعطي سبباً كافياً لفرض عقوبات عليها.
وفي غضون ذلك تبدي الإدارة الأمريكية نوعاً من التراجع الملحوظ في موقفها، لأن البيت الأبيض لا يريد تحويل هذه المسالة إلى خلاف سياسيي دولي في مرحلة تواجه فيها السياسة الخارجية الأمريكية تحديات كبيرة في العراق وكوريا الشمالية وإيران. ومن أجل منح الأمرييكين مزيداً من الوقت لتقييم موقفهم تجاه ترشيح البرادعي بصورة جديدة كلياً، أجل مجلس محافظين الوكالة الدولية قبل ساعات اتخاذ قرار نهائي حول تجديد ولاية البرادعي.
لؤي المدهون