تبدد الحلم الإفريقي داخل اسرائيل
٢٠ يونيو ٢٠١٢ينام إبراهيم منذ شهرين وسط الأشجار في حديقة ليفنسكي. أعمال العنف في وطنه الأم، السودان، أجبرته على الفرار. وكغيره من اللاجئين في اسرائيل لا يرغب في الإفصاح عن اسمه العائلي. مشكلته الكبرى هي أنه لم يسمح له بالعمل، كما يقول إبراهيم: "هذا مختوم على التأشيرة، ولذلك لا يسمح لي رسميا بكسب المال". ومع ذلك، فإنه يقف كل يوم في زاوية الشارع منتظرا أن يأتي أحد ما ليشغله.
حالة إبراهيم هذه ليست الوحيدة من نوعها، بل هناك 60.000 من اللاجئين الأفارقة الذين، وفقا للإحصاءات الرسمية، دخلوا بشكل غير شرعي إلى إسرائيل خلال السنوات الخمس الماضية. كثير منهم جاؤوا من السودان واريتريا. وصلوا إسرائيل عبر شبه جزيرة سيناء في مصر. قرابة 3000 دولار تصل تكلفة الرحلة على متن شاحنة قديمة متجهة إلى "أرض الميعاد".
ولكن عند وصولهم إلى هناك لا يجدون أي جهة تتولى استيعابهم. وبدون تصريح عمل، فإنهم ينتظرون غالبا، على الأقل رسميا، حتى يتم الاعتراف بهم كلاجئين. وينتهي المطاف بالكثير منهم على قارعة الطريق.
اللعب مع الموت
نفس الوضع يعيش فيه محمد من اريتريا، البالغ من العمر 26 عاما، والذي يعيش منذ شهر في إسرائيل. في وطنه اريتريا قيل له إن اسرائيل هي بلد جيد وديمقراطي جدا. "ولكن منذ أن جئت إلى هنا، أعرف أن هذا ليس صحيحا"، كما يقول محمد. "بالنسبة للاجئين لا يوجد أي احترام ولا سكن ولا وظيفة – لا يوجد أي شيء".
ويتعرض اللاجئون بصورة متزايدة لاعتداءات عنصرية. وبعض سكان تل أبيب يتهمونهم بالمسؤولية عن حوادث سرقة ونهب واغتصاب في المدينة، ويشجعون بالتالي عمليات المطاردة ضد المهاجرين غير المحبوبين. سياسيون يمينيون يحرضون ضدهم، ويدعون أن اللاجئين الأفارقة يشكلون تهديدا للدولة اليهودية.
ما يريده السياسيون هو فقط تخويف المهاجرين الأفارقة، كما يقول أوسكار أوليفر من "الخط الساخن للعمال المهاجرين". وهنا يلعب بعض السياسيين بورقة ملامح بشرة المهاجرين. "لا أحد يتحدث عن المائتي ألف لاجئ القادمين من أجزاء العالم الأخرى. أما الستين ألف أفريقي فالكل يخاف منهم".
وجبة طعام لمناهضة العنصرية
بعض السكان المجاورين لحديقة ليفينسكي يريدون فعل شيء ضد هذا التوجه. منذ خمسة أشهر وهم يقدمون الغذاء للاجئين في الحديقة. كل يوم يوزعون ما يصل إلى 700 وجبة طعام.
ييغال شتاييم هو المشرف على المشروع. "لدينا الكثير من العنصرية"، كما يقول. لذلك يبذل هو ورفاقه ما بوسعهم من أجل مساعدة الناس الموجودين في الحديقة. ثم يضيف: "بعضهم يعاني من الجوع، والبعض الآخر مريض وبحاجة إلى رعاية". بادر رفاق ييغال بهذا المشروع، لأن دولة اسرائيل ومدينة تل أبيب لم تتحملان المسؤولية.
الوضع في حديقة ليفينسكي ازداد توترا منذ بداية يونيو/ حزيران. بعد اشتباكات بين السكان المحليين واللاجئين، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية حوالي 300 من المهاجرين من جنوب السودان. والآن سيتم ترحيل قرابة 1500 من السودانيين الجنوبيين. ويوم الأحد (16 يونيو/ حزيران 2012) تم إرسال أول دفعة من اللاجئين على متن طائرة متوجهة إلى جنوب السودان. وقبل المغادرة تعهد كل واحد منهم باستعداده للمغادرة، وحصلوا على ما يعادل 1000 يورو لكل لاجئ. وفي حال عدم الاستجابة لمثل هذا الإجراء، كانوا سيواجهون الاعتقال من قبل الشرطة.
إلى أين العودة؟
عبد العزيز لم يتم القبض عليه بعد. وبما أنه قادم من منطقة دارفور التي تمزقها الصراعات في شمال السودان، فإنه يتمتع بحماية خاصة، هذا ما قررته الأمم المتحدة. ولكنه يخشى أن يتم رفع هذه الحماية يوما ما.
يطرح عبد العزيز السؤال الحاسم بنفسه: أين سيذهب عندما يتم ترحيله؟ فيقول: "المكان الذي أنحدر منه تم حرقه بالكامل". قتل العديد من الناس هناك، ومعظم أفراد عائلته فروا. ليس عنده مكان يأوي إليه، "إضافة لخطر الاعتقال في السودان أو حتى القتل".
مبدئيا بإمكان عبد العزيز البقاء في اسرائيل. ولكن ليس في حديقة ليفينسكي في تل أبيب. بالنسبة للاجئين مثله ممن لا يمكن ترحيلهم، تقوم الحكومة الإسرائيلية حاليا ببناء مخيم يتسع لقرابة 12000 شخص. موقع المخيم قيد البناء هو صحراء النقب في جنوب البلاد، بعيدا جدا عن المدن الإسرائيلية وحدائقها.
إيميلي بوجارد/ فلاح آل ياس
مراجعة: محمد المزياني