تحسن الوضع الأمني في العراق.... أسئلة بلا إجابات
٢٩ يوليو ٢٠١٠أشاد رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الأميرال مايك مولن قبل يومين أثناء زيارته للعراق بالتقدم الكبير المحرز في مجال الأمن منذ ثلاث سنوات. مشيرا إلى أن خفض عدد القوات الأميركية في العراق يسير وفق الخطة المرسومة.
كما يشير كل المحللين السياسيين إلى أن أكبر انجاز لحكومة نوري المالكي هو تعزيز الأمن و إخراج العراق من دوامة الحرب الطائفية الأهلية عام 2007.
يعني هذا أن تحسنا أمنيا ملحوظا قد حدث في العراق، لكن السؤال هنا، كيف نعرّف التحسن الأمني في ظل التفجيرات والهجمات الانتحارية اليومية التي تحصد أرواح مئات الناس؟
الكاتب والإعلامي قاسم المرشدي قال إن من الإنصاف القول بوجود تحسن أمني يميز الوضع عما آل إليه عام 2006 و2007 ، لكنه ليس تحسنا أمنيا يمكن أن يعول عليه، إذ لا يزال بإمكان الإرهاب وقوى الشر أن يوجهوا ضرباتهم أينما ووقتما شاءوا، لذا فان الاعتماد على هذا التحسن الأمني النسبي غير مأمون.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: قاسم المرشدي: وضع الأمن ما زال هشا قابلا للانهيار)
المحلل السياسي واثق الهاشمي شارك في الحوار من بغداد ، ذهب إلى أن التصريحات الأمريكية عن تحسن الأمن غير واقعية وتطلق لأغراض تخدم أغراضهم ، مشيرا إلى أن الإرهاب يضرب أين ووقتما يشاء . لفت الهاشمي إلى أن القيادات الأمنية في العراق تعتمد على مبدأ الصدفة وهي تنشط في العمل بعد وقوع الهجمات.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: واثق الهاشمي: المواطن يريد مشهدا امنيا مستقرا)
قاسم المرشدي، من جانبه شرح أسباب نجاح الإرهابيين في اختراق الإجراءات الأمنية، مشيرا إلى أن الهجمات لا تختص بمهاجمة الذين يقيمون الشعائر الدينية، لكن حضور الإعلام في المناسبات الدينية. وبين المرشدي أن التنافس السياسي يجعل من النجاح الأمني يوزع على الجميع فيما تلقى أوزار الفشل الأمني على المالكي حصرا، وهذا ليس عدلا ، إذ يجب أن يتقاسم الجميع المسؤولية.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: قاسم المرشدي: البعث والقاعدة يعملون وفق أجنداتهم لكن هشاشة الأمن هي التي تسهل عليهم العمل)
واثق الهاشمي تساءل من بغداد عن قيمة تصريحات الأجهزة الأمنية التي تسبق الزيارات والمناسبات الدينية والتي سرعان ما يكتشف المرء هشاشتها أثناء الزيارات والمناسبات الدينية التي أصبحت مناسبات للقتل الجماعي دون أن تتمكن السلطات من التصدي لها . وكشف الهاشمي أن توجيه التهم الجاهزة إلى تنظيم القاعدة بعد كل هجوم يدل على عجز.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: واثق الهاشمي: لا تحسن أمني، والدليل بيانات الحكومة)
انضم إلى الحوار من دمشق المحلل السياسي الدكتور فاضل الربيعي حيث قال إن عددا من المختصين بالشأن العراقي يعتبرون أن أهم انجاز للسيد نوري المالكي هو القضاء على العنف ، معتبرا هذا القول "أسطورة" أشاعتها وسائل إعلام مرتبطة بالسلطة في العراق مؤيدا أن المالكي قام بالفعل ببعض المعالجات للمشكلة الأمنية، لكن المالكي لا يملك رؤية سياسية( حسب الربيعي) و جوهر المشكلة في العراق ليس أمنيا ،بل سياسيا.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: فاضل الربيعي: رجع العراق إلى ما قبل عصر الدولة لأن القائمين على الأمور لا يعرفون حلا سياسيا لمشكلاته)
قاسم المرشدي نفى أن يكون للجمود السياسي علاقة بالعنف والهجمات، لأن هذا العنف أصبح ثقافة متأصلة في نفوس الناس، وستأتي الحكومة العراقية القادمة في كل الأحوال، لكنها ستأتي ضعيفة وسوف يستمر العنف. وأشار المرشدي إلى أن العراق الحالي هو امتداد للعراق الذي حكمه صدام بتاريخه الدموي، والعنف الحالي موروث من ذلك العهد. واعتبر المرشدي أن الفدرالية هي الحل الحقيقي لحل أزمات العراق، وعلى المراقب أن يتساءل لماذا لا تحصل هجمات في كردستان؟ الجواب هو الفدرالية التي أتاحت للإقليم جهازا أمنيا قويا يحمي العراقيين فيه.
واختلف واثق الهاشمي بالرأي مع المرشدي معتبرا أن الإرهاب جاء إلى العراق مع الولايات المتحدة ، ومشيرا إلى أن طرح موضوع الفدرالية أثبت أنه غير مقبول ، حيث تخلى المجلس الإسلامي الأعلى عن هذا المشروع بعد أن رفضه الشعب، كما أن السيد وائل عبد اللطيف طرح مثل هذا المشروع بخصوص البصرة وواجهه الفشل فتخلى عن المشروع.
الدكتور فاضل الربيعي علق على مقترح المرشدي بشأن الفدرالية بأنه غير واقعي، ومعتبرا أن كردستان ليست جوهر الصراع لذا فإن الأمن فيها مستقر، ومعتبرا أن الإقليم لا يواجه تحديات كبرى، وكردستان لا تواجه تحديات سياسية. العنف سببه غياب تصور سياسي واضح لواقع ومستقبل العراق. الانفراد بالحكم هو السبب في انتشار العنف وانهيار الأمن.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: فاضل الربيعي: أطراف خارج وداخل السلطة في العراق هي التي تروج العنف)
أكد د فاضل الربيعي تصوره بأن الأمريكيين لن يغادروا العراق وإذا فعلوا فسيتركون خلفهم جهازا دبلوماسيا وعسكريا كبيرا.
وانضم إلى الحوار من برلين ميشائيل لودرز الخبير في شؤون الشرق الأوسط ، فأشار إلى أن الإدارة الأمريكية في واشنطن بحاجة الى تقديم أدلة على نجاح تجربتها في العراق وعلى تحقق أشياء إيجابية فيه، وهذا الكلام موجه إلى الأمريكيين في الداخل. وأشار لودرز إلى أن هذا الانطباع سيمكّن الأمريكيين من الانسحاب من العراق. رسميا يريد الأمريكيون والأوروبيون أن يقولوا إن العمليات العسكرية قد انتهت وصار الوضع مستقرا في العراق ويمكن للجيوش الأمريكية أن تغادر البلد.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: ميشائيل لودرز: الحكومة الأمريكية تحتاج إلى نتيجة ايجابية في العراق)
قاسم المرشدي أكد أن تنظيم القاعدة دخل العراق قبل سقوط نظام صدام حسين، حيث أشارت اعترافات المدعو" أبو أيوب المصري" زعيم القاعدة في العراق إلى أنه دخل البلد عام 2002 فيما التحقت به زوجته عام 2003 . وكشف المرشدي أن مصير الأمن في العراق مهدد بعد الانسحاب الأمريكي ، وأن البلد سيواجه حربا أهلية طاحنة ، وهو ما أكده في أكثر من مناسبة الزعيم مسعود بارزاني، مشيرا إلى أن الكرد لن ينحازوا لأي من أطراف الصراع المقبل. ثم قال المرشدي إن أحد أقطاب المقاومة العراقية هو مقتدى الصدر الذي يؤكد في كل مناسبة أن الدم العراقي خط أحمر لا يجب تخطيه من جميع المقاومين، فأين هذا من فصائل أخرى من المقاومة تقتل العراقيين بالجملة في كل مناسبة، فالملثمون يقتلون الشرطة وعناصر الأمن الذين يحمون أمن الناس بدعوى أنهم يدعمون الوجود الأمريكي ، هذه في نظري ليست مقاومة بل إرهاب، المقاومة الحقيقة هي التي تقاوم بشكل سلمي وقد تبنى مقتدى الصدر خط المقاومة السلمية السياسية منذ حل جيش المهدي.
ميشائيل لودرز رفض مقارنة التجربة العراقية بالتجربة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية ، لكنه أكد أن الشعب الألماني بعد الحرب تولدت عنده قناعة أن العنف والحرب ليست أمثل السبل لحل مشكلات المجتمع. وبيّن لودرز أن غياب الطبقة الوسطى في العراق يفاقم مشكلاته. وأشار الخبير الالماني في شؤون الشرق الأوسط إلى أن العودة إلى العنف أكثر احتمالا بعد خروج القوات الأمريكية من هذا البلد، لاسيما وأن دولا أخرى تتدخل في الشأن العراقي.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: ميشائيل لودرز: احتمالات تفجر العنف بشكل واسع بعد الانسحاب الأمريكي قائمة وقوية)
واثق الهاشمي أشار إلى أن حكومة الاستحقاق الانتخابي هي الحكومة القوية التي يمكن أن تحل مشكلة الأمن. فوجود حكومة استحقاق انتخابي ومعارضة برلمانية تمثل حكومة الظل هي التي يمكن أن تخرج بالعراق من مأزق حكومة التوافق والوحدة الوطنية . وعقّب الهاشمي على موضوع انسحاب القوات الأمريكية مشيرا إلى أنه لا يتوقع انسحابا كاملا في ظل البرنامج النووي الإيراني الذي تعارضه الولايات المتحدة بشكل مطلق.
وتحدث قاسم المرشدي مرة أخرى عن أعداء العراق مبينا أن تعريفهم ينحصر في حزب البعث وتنظيم القاعدة، ولا علاقة لدول الجوار بهؤلاء الأعداء، ثم أشار إلى أن الإرهاب يستهدف الإنسان العراقي ولا علاقة له بالجمود السياسي.
ميشائيل لودرز اعتبر أن الظروف في العراق ستبقى صعبة بعد الانسحاب الأمريكي، ومبينا أنه لا يتوقع انسحابا أمريكيا تاما من هذا البلد بوجود احتمال أن توجه أمريكا ضربة إلى إيران في المستقبل القريب.
ودعونا المستمعين إلى مشاركتنا الحوار بالإجابة عن سؤالنا:
هل تعتقد ان الوضع الأمني في العراق قد تحسن فعلا؟
فتنوعت الإجابات مجمعة على أن الأمن مفقود ولا وجود لأي تحسن أمني.عبد الستار من بغداد ( وهو سائق سيارة أجرة) أشار إلى أنه لا يوجد أي تحسن أمني ، وأن القانون غائب عن الشارع، ونقاط التفتيش المنتشرة في الشوارع لا تؤدي وظائفها.
( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: المستمع عبد الستار من بغداد: انحسرت الطائفية إلى حد ما لكن الأمن غائب)
الكاتب : ملهم الملائكة Mulham Almalaika .