ترشيح مهاجرين..بحث عن ناخبين أم اقتناع بأهميتهم في السياسية؟
١٩ سبتمبر ٢٠٢١تباهت بعض الأحزاب السياسية الألمانية بتمثيلية عددية مهمة ضمن مرشحيها لانتخابات البوندستاغ المقبلة. فهل ترقى أعداد المرشحين من خلفيات مهاجرة لنسبة المهاجرين واللاجئين ضمن سكان البلد؟ وهل تواجدهم في قوائم الترشيحات لانتخابات البرلمان الاتحادي الألماني اقتناع بمسيرتهم السياسية وأهميتهم في المشهد السياسي؟ أم وسيلة لجلب نسبة تصويت مهمة من مجتمع المهاجرين بألمانيا؟
قد يصبحون صوت ما يفوق عشرة ملايين مهاجر ولاجئ يتواجدون في ألمانيا حاليا، وقد يمثلون مجتمعاً تضخمت أعداده بسرعة كبيرة في العشرية الأخيرة. هم أشخاص من خلفيات مهاجرة قدم آباؤهم إلى هنا منذ سنوات طوال، ترعرعوا ضمن المجتمع الألماني وحصلوا فيه على جنسية وانتماء. شخصيات سياسية من مجتمع المهاجرين، تعلن الأحزاب ترشحها لانتخابات البوندستاغ لتمثيل شريحة صارت مهمة.
أرقام المهاجرين ضمن الدعاية!
معلوم أن حزب الخضر الألماني من بين الأحزاب المدافعة عن حقوق المهاجرين واللاجئين في ألمانيا، وطالما كانت تصريحات رئيسته أنالينا بيربوك، من أبرز التصريحات السياسية المذكرة بأهمية الحفاظ على حقوق هذه الفئة.
وفي حوار لمهاجر نيوز مع إحدى أبرز شخصيات الحزب المنحدرة من خلفية مهاجرة، لمياء قدور، اعتبرت أن الحزب الذي لديه أقل تحفظات على الأشخاص من أصول مهاجرة في ألمانياـ وأن أي عضو في حزب الخضر مدرك لأهمية التنوع في مجتمعنا. وشددت المتحدثة أن الحزب جعل التنوع نظامًا أساسيًا ورسمياً، معتبرة أنها خطوة كبيرة جدًا وأنا سعيدة جدًا بذلك.
من ناحية أخرى اعتبرت لمياء قدور أنه "لا يزال هناك الكثير للقيام به، فالبعض يطالب بكوتا للمهاجرين، كما يجب التفكير في كيفية شغل المناصب السياسية بطريقة تمثل التنوع الموجود داخل الحزب".
من بين الأحزاب الألمانية الأخرى التي أعلن أعضاؤها بفخر عن تمثيلية "مهمة" للمهاجرين، هناك الحزب الديمقراطي الاشتراكي SPD. وضمن مقال لعزيز بوزكوت، أحد مرشحي الحزب والرئيس الفيدرالي لمجموعة عمل الهجرة والتنوع، ذكر أن هناك 40 مرشحًا للحزب لعضوية البوندستاغ لديهم خلفيات مهاجرة.
واعتبر بوزكوت أنه يجب تمثيلهم بشكل أفضل في المكاتب السياسية للحزب، ويجب أن تمثل الأحزاب بشكل فعال مصالح مجتمع المهاجرين. مذكرا بنتائج دراسة أجراها المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية، والتي تتناول السلوك الانتخابي للأشخاص الذين لديهم تاريخ في الهجرة إلى ألمانيا، والتي ذكرت أنه خلال سنة 2019، تم إحصاء 7.4 مليون ناخب مؤهل لديهم تاريخ هجرة.
من جهته، أوضح الإعلامي والمحلل السياسي حسن حسين في تصريحات لمهاجر نيوز، أنه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار العدد الكبير لأشخاص من خلفية مهاجرة المتواجدون حاليا في ألمانيا، معتبرا أن "ترشيح 40 شخصا من حزب واحد ضمن الانتخابات القادمة كلهم لهم خلفية مهاجرة هو ليس بالشيء القليل لكنه في الوقت ذاته ليس بالشيء الكثير".
وشدد المتحدث على أنه "تختلط مصلحة الحزب في كسب أصوات الناخبين المهاجرين وبين تمثيلهم تمثيلا حقيقياً، لكن لا أعتقد أن الأحزاب الألمانية تريد فقط أن تتباهى بالترشيحات، بل هناك جدية كبيرة بخصوص موضوع الدفاع عن حقوق المهاجرين في ألمانيا على مستوى الأحزاب السياسية". واعتبر حسن حسين أن "القضية ليست مجرد دعاية وإنما هناك جهد كبير من المهاجرين ضمن الساحة السياسية، ويعملون بجدية للرفع من نسبة تمثيلهم داخل الأحزاب والظفر بأصوات تمكنهم من التنافس سواء على المستوى المحلي وأيضا على مستوى البوندستاغ".
تمثيلية سياسية ضعيفة!
حسب تقرير حول التنوع في السياسة الألمانية ومدى حضور المهاجرين، نشرعلى جريدة "دويتشلاند فونك"، فإنه "في البرلمانات الألمانية، لا يتجاوز عدد النواب من أصول مهاجرة أكثر من واحد من كل عشرة نواب. كما أنه ما يناهز واحد من كل أربعة مواطنين ألمان لديهم تاريخ هجرة." لكن في السياسة، بالكاد يتم تمثيل هذا الواقع، حسب التقرير. فـ "ثمانية بالمائة فقط من أعضاء البوندستاغ لديهم خلفيات مهاجرة".
إحصائيات تبرز حسب حسن حسين، أن مشاركة الأشخاص من خلفيات مهاجرة في ألمانيا في العمل السياسي ما تزال ضعيفة. "دائما ما أدعو إلى ضرورة تكثيف المشاركة السياسية من قبل المهاجرين، لنساهم بأنفسنا في صياغة السياسات الجيدة لمجتمعنا لا أن ننتظر شخصاً آخر يقوم بذلك عوضنا، لكن مع الأسف النتيجة ضعيفة جدا وهناك القليل من المهاجرين من كل الجنسيات الذين يخوضون طريقهم نحو السياسة عبر الانتماء للأحزاب السياسية أو الاندماج في المجتمع من خلال العمل السياسي اليومي".
كما أبرزت السياسية الألمانية لمياء قدور، المرشحة باسم الخضر للانتخابات المقبلة، أنها غير مسرورة بنسبة تمثيلية المهاجرين في البرلمان الاتحادي، معتبرة أن البوندستاغ الألماني غير متنوع بما فيه الكفاية. وذكرت أن الأمر لا ينطبق فقط على الأشخاص الذين لديهم خلفية مهاجرة، بل على نسبة النساء أيضا، والتي لا تتجاوز 31 في المائة فقط، على الرغم من أنهن يشكلن أكثر من نصف السكان. وبالنظر لنسبة الألمان من أصول مهاجرة والتي تصل إلى ما يناهز 20 إلى 25 في المائة، "فتمثيليتهم في البوندستاغ التي لا تتجاوز ثمانية في المائة فقط، لا تجعلني راضية أبدا".
أسباب العزوف السياسي من مجتمع المهاجرين يردها الخبير بالشؤون الألمانية حسن حسين إلى "قدومهم من بلدان لا فعالية للأحزاب السياسية فيها، ويأتون إلى ألمانيا بهذه الفكرة، أي أن الانتماء السياسي لا ينفع بشيء. بالنسبة لهم التركيز على كسب لقمة العيش أهم من ممارسة السياسة لكن هذا تفكير خاطئ تماما لأن المجتمع الألماني يضمن للمواطن حياة كريمة مما يمنحه الوقت للعمل السياسي والمساهمة في رسم معالم حياته وحياة غيره من مجتمع المهاجرين".
وشدد المحلل السياسي حسن حسين على أن "توافد أسماء لأبناء المهاجرين العمال الأوائل تتصاعد في عالم السياسة داخل ألمانيا خاصة منهم الأتراك واليونانيين والبرتغاليين وتونسيين ومغاربة أيضا، يعملون بشكل دؤوب وتبرز أسماؤهم على المستوى المحلي أو كمستشارين ضمن الحكومات المحلية وغالبا ما نجدهم ضمن الأحزاب اليسارية التي تتضامن كليا مع حقوق المهاجرين إضافة لحزب الخضر وأحزاب أخرى، من بينهم من يُعتقد أنه قد يصل خلال الانتخابات القادمة لوزارات مهمة".
هل تسهم "الكوتا" في تمثيلية أفضل؟
"من الناحية النظرية، من المحتمل أن ينجح ذلك"، تقول لمياء قدور، التي ترى "أن نظام الحصص يمكن حلاً لتمثيلية أفضل للمهاجرين". وتضرب مثالا بالكوتا النسائية التي تضمن تمثيلية أفصل لهن داخل الأحزاب وعلى مستويات أخرى، وترى أن "كوتا" للمهاجرين يمكن أن تكون مفيدة إذا لزم الأمر.
من جهته، لا يعير المحلل حسن حسين اهتماما للكوتا بخصوص تمثيلية المهاجرين، بل "أعير الأهمية لعمل هذا السياسي ذو الخلفية المهاجرة، ومدى حضوره وصلابة مواقفه في مجال نشاطه وداخل حزبه ودائرته. أما أن يفرض المهاجرون بكوتا فهذا سيؤدي إلى منافسة غير نزيهة ونوع من الاحتقان من الجانب الألماني وهو ما لا نرغب فيه" يقول المتحدث. ويستطرد "ربما إذا كان حلاً مرحلياً فيمكن القبول بها".
مهاجر نيوز/ م.ب