ترقب كبير في يوم حاسم في تاريخ الجزائر المعاصر
٣ مارس ٢٠١٩تشهد الجزائر الأحد (الثالث من آذار/مارس 2019) يوماً حاسماً للانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/أبريل مع ترقب تقديم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ملف ترشحه رغم احتجاجات الشارع ضد بقائه لولاية خامسة في الحكم. والرئيس موجود في المستشفى في سويسرا منذ ستة أيام لإجراء "فحوص طبية دورية" بحسب ما ورد رسمياً، ولم يعلن بعد موعد عودته إلى البلاد. وليس هناك على ما يبدو أي بند في القانون يلزم المرشح بالتقدم شخصياً إلى المجلس الدستوري لإيداع ملف ترشحه.
وطوال أيام الأسبوع أكد المعسكر الرئاسي أن الاحتجاجات لن تمنع تنظيم الانتخابات في موعدها المقرر وأن ملف ترشح بوتفليقة سيقدم الأحد للمجلس الدستوري. وقال أحد المراقبين طالباً عدم كشف هويته قبل التظاهرات الأخيرة إن السلطات "تأمل أن تصمد حتى الأحد، على أمل أن تنحسر الاحتجاجات بعد تسجيل ترشح بوتفليقة".
التصريح بممتلكات بوتفليقة تمهيداً لترشحه
وفي تصريح لبوتفليقة موقع بتاريخ الثالث من شباط/فبراير الماضي، نشرته صحيفة "المجاهد" الحكومية مساء السبت، أعلن بوتفليقة عن ممتلكاته امتثالاً لقانون الانتخابات الذي يلزم كل مترشح للرئاسة بالإعلان عن كافة ممتلكاته. وأضاف إن ممتلكاته العقارية تضم سكناً فردياً في سيدي فرج غربي العاصمة الجزائرية، وسكنا فردياً آخر في وسط العاصمة الجزائرية، وشقة بالعاصمة الجزائر. كما أوضح أن ممتلكاته المتحركة تتمثل في سيارتين. وأكد بوتفليقة، بأنه لا يملك غير ما تم ذكره، لا في داخل البلاد ولا خارجها.
إقالة مدير حملة بوتفليقة
وأمس السبت صدر قرار رئاسي بإقالة مدير حملة بوتفليقة الانتخابية عبد المالك سلال، وتم تعيين وزير النقل عبد الغني زعلان محل سلال، رئيس الوزراء السابق الذي تولّى إدارة حملات بوتفليقة الانتخابية الثلاث السابقة في 2004 و2009 و2014، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية نقلاً عن "مديرية حملة" بوتفليقة. ولم يصدر أي تبرير لهذا التغيير قبل ساعات من انتهاء مهلة إيداع ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية منتصف ليل الأحد (23,00 ت غ). بينما تداولت وسائل إعلام جزائرية أن لإقالة لها صلة بتسريبات محادثة هاتفية نسبت إلى سلال يتوعد فيها بقمع المظاهرات. حيث نشرت بعض وسائل الإعلام ومواقع الانترنت الجزائرية فحوى مكالمة هاتفية بين عبد المالك سلال وعلي حداد، رجل الأعمال المقرّب من النظام، تضمن جزءاً من خططهما لتجاوز حالة الاحتجاجات وضمنها خطة بإطلاق النار على المتظاهرين.
وفي غياب بوتفليقة الذي لم يخاطب الجزائريين منذ تعرضه لجلطة دماغية في 2013 ولم يعد يظهر إلا نادراً، وجد سلال نفسه في خط المواجهة الأول لحركة الاحتجاج، ويمكن أن يكون "كبش فداء" بحسب ما قال مراقب لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته. وأضاف المراقب أن "إقالته قد تكون إجابة أولى" على حركة الاحتجاج التي تشهدها الجزائر منذ أكثر من أسبوع ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة "لكن (مفاعليها) قد تكون قصيرة الأمد"، بحسب المصدر ذاته.
وعبد الغني زعلان (54 عاماً) موظف كبير قضى معظم مسيرته في إدارة الولايات بصفة أمين عام الولايات ثمّ وال، ولا سيما في وهران، ثاني أكبر مدن البلاد. وهو غير معروف كثيراً لدى العموم.
أنباء عن "نية" الإخوان المقاطعة
ومن جانبه، قرر حزب "حركة مجتمع السلم" (حمس)، أحد أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، الانسحاب من السباق الرئاسي وعدم المشاركة فيه. وأكد مصدر موثوق، من داخل الحزب، أن مجلس شورى "إخوان الجزائر" صوت لصالح العدول عن خوض المعترك الرئاسي في الجزائر، "تماشياً مع رغبة الشعب، الذي خرج في مليونيات مناهضة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة".
ورغم تمسك رئيس الحركة عبد الرزاق مقري بخيار خوض السباق الرئاسي، فإن أغلبية الذين حضروا مجلس الشورى، الذي استمر لساعة متأخرة من الليلة الماضية، فضلوا "العدول وقوفا لجانب الشعب الذي خرج في مظاهرات متتالية، رافضة للعهدة الخامسة". ومن المنتظر أن يعلن الحزب رسمياً اليوم الأحد.
وفي السياق نفسه عدل حزب العمال، التنظيم الصغير من أقصى اليسار، للمرة الأولى منذ 2004 عن تقديم مرشح. وكان الحزب يرشح تقليديا زعيمته التاريخية لويزة حنون.
مرشحون كثر بعضهم مغمور
وحتى الآن، قدم أربعة مرشحين غير معروفين كثيراً ملفات ترشحهم للمجلس الدستوري في حين تبدو ثلاث شخصيات من المعارضة متريثة.
والأبرز بين المرشحين الذين سجلوا ملفاتهم هو عبد العزيز بلعيد (55 عاماً) الذي استقال من جبهة التحرير الوطني، حزب بوتفليقة، في 2011 ليؤسس "جبهة المستقبل"، ونال 3% من الأصوات في انتخابات 2014. كما أعلن وزير السياحة السابق عبد القادر بن قرينة رئيس "حركة البناء" (إسلامية) أنه قدم ملف ترشيحه لدى المجلس الدستوري.
والاثنان الآخران غير معروفين وهما علي زغدود رئيس حزب صغير من "التجمع الجزائري"، وعبد الكريم حمادي وهو مستقل. وسبق لهما الترشح لكن ملفيهما لم يقبلا.
وحاولت المعارضة الجزائرية التي لم يسمع لها صوت والمتوارية في ظل حركة الاحتجاج المنبثقة من دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الاتفاق على تقديم مرشح واحد للانتخابات، لكن بدون جدوى.
وسيعلن علي بنفليس، منافس بوتفليقة الرئيسي في انتخابات 2004 و2014 بعد ان كان رئيس وزرائه، الأحد إن كان سيترشح أم لا.
وأما اللواء المتقاعد الذي دخل فجأة عالم السياسة في نهاية 2018، دون أن يكون لديه حزب، واعداً بإقامة "جمهورية ثانية"، والذي لزم الصمت في الأسابيع الأخيرة، فمن المتوقع أن يقدم ترشيحه صباح الأحد، وفق ما أفاد منسق حملته مقرن آيت العربي على فيسبوك.
من جهة أخرى، يبدو أن رجل الأعمال رشيد نكاز الحاضر بقوة على شبكات التواصل الاجتماعي والذي يجتذب حشوداً من الشباب المتحمسين في كل تنقلاته، لا يستوفي كل الشروط للترشح. فبالرغم من تأكيده سحب جنسيته الفرنسية بناء على طلبه، فإن القانون الانتخابي ينص على أنه لا يمكن للمرشح لمنصب الرئيس أن يكون حظي في أي وقت بجنسية أخرى غير الجزائرية.
وبعد الانتهاء من تقديم ملفات الترشح ينظر المجلس الدستوري في الأيام العشرة التالية في مدى أهلية المرشحين.
خ.س/م.س (أ ف ب، د ب أ، رويترز)