Frankfurter Buchmesse: Blick über Türkei
١٣ أكتوبر ٢٠٠٨تشهد مدينة فرانكفورت الألمانية خلال الفترة من الأربعاء 15 وحتى الأحد 19 أكتوبر/ تشرين الأول فعاليات الدورة الستين لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب. ويعد هذا المعرض أكبر فعالية ثقافية من نوعها في العالم ويفتتح رسميا مساء يوم غد الثلاثاء بحضور رسمي عالي المستوى يشارك فيه الرئيس الألماني هورست كولر والرئيس التركي عبدا لله جول، الذي تحل بلاده هذا العام ضيف شرف على المعرض.
ويتضمن برنامج الدولة الضيف إقامة حوالي 300 فعالية ثقافية، علاوة على إقامة معرض خاص بها على هامش المعرض الرئيسي. وستمتد فعاليات قراءة الكتب والعروض الدرامية والموسيقية، لتشمل مناطق أخرى من مدينة فرانكفورت، التي تتحول خلال تلك الفترة إلى صالة مفتوحة للفعاليات الثقافية والفنية.
اختيار التنوع الثقافي التركي ـ مخاطرة شجاعة
وينظر إلى اختيار تركيا كضيف شرف لدورة هذا العام من المعرض على أنها خطوة إلى الأمام لصناعة النشر، التي تعاني من تباطؤ في المبيعات. ويشارك في المعرض أكثر من 300 كاتب ومؤلف ومترجم تركي، من بينهم خمسة أكراد واثنين من أصول أرمينية، يلتقون مع ناشرين من أكثر من 100 دولة وكتاب من كل أنحاء العالم. ومن ضمن هؤلاء المشاركين الأتراك الروائي التركي المثير للجدل أورهان باموك، الحائز على جائزة نوبل في الآداب، والذي يشارك أيضا في حفل الافتتاح إلى جانب رئيس بلاده.
وقد اختار مجلس من ناشرين وكتاب أتراك التنوع الثقافي النابض بالحياة موضوعا لهم، ومن المتوقع أن يقابل هذا الاختيار بانتقادات من جانب قوميين يرون التنوع خطرا على تركيا. لكن موجي جورسوي سوكمين، الرئيس المشارك للجنة المنظمة، قد صرح من جانبه في مقابلة جرت في وقت سابق أن هذا الاختيار يستهدف تسليط الضوء على الجانب المغمور من المكون الثقافي التركي التراثي الذي يشكل الحياة الثقافية للبلاد اليوم. وقال سوكمين وهو ناشر يساري من اسطنبول: " سترون كيف أن هذا الإرث يشمل جذورا عربية وأرمينية وبيزنطية".
سجال ثقافي
ولم يكن حشد كل هذا الخليط المتنوع في فرانكفورت بالأمر الهين، فكما هو الحال في الحياة السياسية التركية، لا يخلو المشهد الثقافي من سجال، هو انعكاس للصراع السياسي القائم في البلاد بين النخبة من "الكماليين" والطبقة المتوسطة الجديدة. هذا الصراع انتقل أيضا إلى ساحة معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، إذ رفض حوالي 20 كاتباً حضور المعرض، قائلين إن هدفه الحقيقي هو تلميع صورة حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه. وبذلك أضحى المعرض ساحة صراع بين الكماليين الأتراك الذين يتّخذون من مؤسس الدولة التركية، كمال أتاتورك، مرجعًا لهم وبين حزب العدالة والتنمية الإسلامي، بقيادة أردوغان. وفي هذا السياق قالت الروائية التركية ليلي ربيل إنها "تحتج" على استفادة حزب العدالة والتنمية من خلال معرض الكتاب.
من ناحية أخرى، بررت الناقدة الأدبية، فوزون أكاتيل- قائدة حملة المقاطعة- تلك الحملة بالقول إن الحكومة التركية الحالية لا تمثل الثقافة والأدب التركيين، وإنها تريد أن تعطل مسيرة ثمانون عاما من التقدم والحداثة، وأن تلغي الهوية العلمانية لتركيا تحت مبرر الإسلام المعتدل، معربة عن اعتقادها بأن الحكومة سوف تحاول ـ من خلال برنامج الفعالية في فرانكفورت ـ تقديم صورة غير واقعية وتصوير "نموذج الإسلام المعتدل" على أنه الوضع الطبيعي في تركيا وستحاول إعطاء الانطباع بوجود كتاب أتراك من كافة الأطياف. وأضافت قائلة: "لا أريد أن أشارك في معرض فرانكفورت للكتاب تحت رعاية وزارة ثقافة هذه الحكومة. ولا أريد أن أظهر في صورة كهذه".
من ناحية أخرى، احتج آخرون على خطط للرئيس جول بالظهور على المنصة مع باموك، الذي يكرهه عدد كبير من القوميين الأتراك على خلفية مواقفه من القضية الكردية ومن الماضي التركي إزاء الأرمن. لكن وزير الثقافة التركي رد على هذه الاحتجاجات بالقول إنه من دواعي الفخر أن "يتكرم باموك بقبول الدعوة" للحضور.
وقد حاولت اتحادات الكتاب الأتراك واللجنة المنظمة وبعض الكتاب عبثا التأكيد على أن هذا الفعالية ليست خاصة بالحكومة. وفي هذا السياق، قال أحمد أوميت، الناقد الروائي المعروف، إن حملة المقاطعة هذه "خطأ" و"غير مفهومة"، لأن معرض الكتاب لم ينظم من قبل حكومة حزب العدالة والتنمية، بل هو ملتقى أدبي عالمي، وأضاف قائلاً: "هذه فرصة يجب استغلالها للتعريف بأدبنا المغمور تقريبا". وأردف الكاتب التركي قائلا إن المشاركة لا تعني بالضرورة عدم انتقاد الحكومة التركية، مشيرا إلى أنه سوف يحاول أن يقدم بلاده كما هي، بسلبياتها وإيجابياتها مؤكداً أن هذه تعد مساهمة في العملية الديمقراطية والتحديث في تركيا. وفي هذا السياق قالت اللجنة التركية المنظمة للمشاركة إن التمويل الحكومي للحملة الدعائية غير مرتبط بشروط وان الكتاب أحرار في انتقاد أنقرة كما يحلو لهم في فرانكفورت.