تصاعد حدة الانتقادات للحكومة الألمانية على خلفية الغارة الجوية في أفغانستان
٧ سبتمبر ٢٠٠٩وجدت الحكومة الألمانية نفسها في موقف حرج عقب الغارة التي أمر بتنفيذها قائد القوات الألمانية في إقليم قندز بأفغانستان على شاحنتي وقود يوم الجمعة الماضي (04 سبتمبر / أيلول) وأسفرت عن مقتل العشرات. يأتي ذلك عقب تزايد الانتقادات الدولية للقوات الألمانية العاملة في أفغانستان، لاسيما من الدول المشاركة في قوة المساعدة الأمنية الدولية في أفغانستان (إيساف). في هذا السياق أشارت تقارير صحفية إلى ما أسمته بوادر توتر في العلاقات بين ألمانيا والولايات المتحدة على خلفية انتقادات الانتقادات الأمريكية لدور القوات الألمانية في تلك الحادثة.
وذكرت صحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونغ" الألمانية في عددها الصّادر اليوم الاثنين (07 سبتمبر /أيلول) أن قيادات رفيعة المستوى في الجيش الألماني تشعر بغضب شديد من تعامل الولايات المتحدة مع غارة قندز، ولاسيما تصريحات الجنرال ستانلي ماكريستال ، القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان وتقرير صحيفة "واشنطن بوست" الذي يحمل انتقادات لقائد القوات الألمانية في أفغانستان جيورج كلاين، متهمة إياه بالأمر بتنفيذ تلك الغارة بناء على معلومات حصل عليها من مصدر واحد فقط.
وزارة الدفاع الألمانية ترفض الانتقادات
ورفضت وزارة الدفاع الألمانية انتقادات الحلفاء بشأن تلك الغارة الجوية المثيرة للجدل وكذلك الانتقادات بشأن سياسة المعلومات التي تتبعها الوزارة. وقال كريستسان شميت وكيل وزارة الدفاع الألمانية، في تصريحات للقناة الثانية للتليفزيون الألماني (زد.دي.إف) اليوم الاثنين إنه غاضب من أنه تم البحث عن معلومات عن الحادث لدى العامة "بالرغم من أنهم ربما ليس لديهم معلومات أخرى مثلنا"، مشيرا إلى أنه ليس هناك حتى الآن معلومات نهائية. وفي الوقت نفسه نفى شميت انتقادات بشأن سياسة المعلومات التي تتبعها وزارته، إلا أنه اعترف أن الوزارة اعتمدت عقب الهجوم يوم الجمعة الماضي "في أول الأمر في الحصول على معلومات سريعة على مصادر أفغانية اتضح الآن أنها غير مؤكدة بنسبة 100في المائة". أما المتحدث باسم الوزارة، توماس رابيه، فحاول اليوم تبرير تلك الغارة بأنها كانت "صائبة"، مؤكدا أن الصور ولقطات الفيديو التي تم التقاطها لمكان الغارة تشير إلى أن الأشخاص المتواجدين حول شاحنتي الوقود كانوا مسلحين.
غارة قندز تصعّد من حدة الجدل الداخلي في ألمانيا
وعلى الصعيد الألماني الدّاخلي، احتدم الجدل مجدّدا في ألمانيا حول مهمّة القوات الألمانية في أفغانستان في أعقاب تلك الغارة، يأتي ذلك قبيل انطلاق الانتخابات البرلمانية في ألمانيا بأسابيع قليلة. وأدّت الحادثة إلى زيادة الضغط على الحكومة الألمانية، وبخاصّة وزير الدفاع الألماني فرانتس جوزيف يونغ لتوضيح، ملابساتها. وتتّهم أحزاب المعارضة وزير الدفاع المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل، بأنّه أضرّ بالسياسة الخارجية والأمنية للبلاد وإتباع سياسة معلوماتية غير شفافة. وطالب حزب الخضر المعارض الحكومة الألمانية بتقديم بيان خلال هذا الأسبوع لتوضيح ملابسات الحادث. في الوقت الذي طالب فيه حزب اليسار المعارض أعضاء حزبه والمواطنين الألمان إلى التظاهر غدا الثلاثاء ضد مهمة القوات الألمانية في أفغانستان.
من ناحيتها أكدت المستشارة الألمانية مساء أمس الأحد (06 أيلول/سبتمبر) خلال اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون في برلين، أن حكومتها ستقدّم للجنة التحقيق التابعة لحلف الناتو كافّة المعلومات المتعلّقة بهذا الحادث. ودعت ميركل إلى إجراء تحقيق سريع لتحديد ما إذا كان مدنيون قتلوا في الغارة الجويّة، كما أكّدت في الوقت نفسه أن الجنود الألمان والقوات الدولية في أفغانستان يعملون تحت ظروف صعبة جدا. من جهته، أكّد وزير الخارجية الألماني فرانك -فالتر شتاينماير ضرورة التحقيق في الواقعة في أسرع وقت ممكن وبدون أي تحفظ.
أخر تقديرات الضحايا
في هذا الأثناء قال مسئول محلي أفغاني إن الغارة الجوية التي نفذت الأسبوع الماضي في إقليم قندز أسفرت عن مقتل 135 شخصا على الأقل من بينهم أطفال. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية ( دب ا) عن عبد الواحد عمر خبل، حاكم منطقة شار دارا بإقليم قندز إنه أعد قائمة بالضحايا وسلمها للفريق الذي كلفه الرئيس الأفغاني حامد كرازاي بفحص الواقعة، مشيرا إلى أنه من غير الواضح في الوقت الحالي عدد الضحايا المدنيين، ولكنه أكد وجود عدد كبير من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و 16 عاما بين الضحايا.
وفي أول تقدير مستقل لعدد القتلى قالت جماعة حقوقية أفغانية بارزة اليوم الاثنين أن عشرات المدنيين قتلوا في الغارة الجوية لحلف شمال الأطلسي. وقالت جماعة (افغانستان رايتس مونيتور)، وهي جماعة غير حكومية يمولها نشطون محليون مدافعون عن حقوق الإنسان في تقرير استند لأكثر من 12 لقاء مع سكان محليين إن ما بين 60 و70 مدنيا قتلوا في الهجوم. وتابعت "حتى أن كان جميعهم من أنصار طالبان فحقيقة أن معظمهم لم يكن يحمل سلاحا ولم يشارك في أي قتال لا يعطي مبررا لقتلهم بشكل جماعي."
( ش ع/ د ب ا/ أ ف ب/ رويترز)
مراجعة: عبده جميل المخلافي