تكسي الاسكندرية للسيدات فقط
١٨ فبراير ٢٠١٠فوجئت فريدة التي تقطن في منطقة جليم بالإسكندرية مفاجأة سارة عندما علمت بالخدمة الجديدة التي تقدمها شركة التاكسي الخاصة وهي عبارة عن توفير سيارات أجرة تقودها نساء وتقل السيدات فقط. وفي حديث مع الدويتشه فيلله عبرت فريدة عن فرحتها لهذا الأمر، فهي لا تملك سيارة وأرادت أن تذهب إلى قلعة قايتباي مع صديقاتها اللواتي حضرن من القاهرة لزيارتها، وهي تعرف جيدا حجم المعاناة عندما تستقل الأتوبيس المزدحم أو عندما توقف تاكسي وسط الشارع كما أنه من غير المضمون أن يكون سائق التاكسي شخصاً مهذباً لا يتحرش بها.
صاحب الفكرة هو شركة خاصة تقدمت بها إلى محافظ الإسكندرية عادل لبيب الذي وافق عليها وبدأ العمل بها الشهر الماضي. وقد استخرجت الشركة ترخيصا لـ 40 سيارة أجرة ذات لون وردي، تقودها عشر فتيات في العشرينات والثلاثينات من أعمارهن، وحصلن على رخص القيادة بعد اجتياز الامتحان الضروري. كما أن هؤلاء السيدات يتقن اللغة الإنكليزية نظراً الى احتمال حصولهن على طلبات للنقل من قبل سائحات أجنبيات وخاصة خلال احتفال مدينة الإسكندرية بكونها عاصمة للسياحة العربية لعام 2010. وتؤكد فريدة أن الفكرة تلاقي نجاحا لدى النساء في الإسكندرية، مما دفع شركة تاكسي العاصمة بالقاهرة الى تقديم طلب هي الأخرى لتنفيذ هذه الفكرة في القاهرة.
فوائد مادية
ويقول عماد الدين عبد الرحمن نائب مدير عام شركة (كايرو كاب ) التي تنتظر الموافقة على تخصيص تاكسي للسيدات في القاهرة إن الشركة أرادت تنفيذ الفكرة بعد أن وجدت أن السيدات يشكلن 60 في المائة من العملاء الذين يطلبون تكسي عبر الهاتف ويضيف "عندما سألنا أولئك السيدات إذا كن يفضلن أن يكون قائد السيارة امرأة أم رجلا؟ وجدنا ترحيبا كبيرا بالفكرة" ويشير عماد الدين الى أن الشركة تلقت في فترة قصيرة أكثر من 120 خطاب شكر من الأزواج الذين وجدوا في الفكرة وسيلة للأمان والمحافظة على بناتهم وزوجاتهم، خاصة في حالة الانتقال إلى محافظة أخرى. ويعمل حالياً لدى شركة (كايرو كاب) نساء كقائدات سيارات ولكنهن ينقلن الرجال والنساء على حد سواء، لكن الشركة تريد الآن تخصيص تكسي للنساء فقط على نسق تجربة محافظة الاسكندرية.
وقد بدأت الفوائد الاقتصادية لمشاريع من هذا النوع تظهر بوضوح بعد أن تبين أن الدخل اليومي من التاكسي الذي تقوده المرأة قد زاد بنسبة تزيد على 80 في المائة عن الدخل الذي كان يحققه السائق الرجل، إضافة الى ذلك قلت نسبة المخالفات والحوادث.الأنثوي، وتقودها سيدات متعلمات يحملن شهادات متوسطة أو جامعية وسيرتدين زياً أنيقاً وموحداً يتكون من بنطلون أسود، وقميص أصفر.
جدل بين الرفض والقبول
ويعبر نائب مدير شركة كايرو كاب عن رغبته في تعميم الفكرة على كل محافظات مصر لكنه يظهر الشك في إمكانية تحقيق ذلك: "أتوقع أن تاكسي السيدات لا يصلح إلا في القاهرة والإسكندرية، إذ لا يمكن أن يتقبله أبناء المجتمع الصعيدي أو مدن الدلتا، نظرا لاختلاف عاداتهم عن باقي محافظات البلاد." إلا أن الفكرة تثير الجدل وخاصة بعد أن أصدر المركز المصري لحقوق المرأة بياناً يرفض هذا المشروع.
وتؤكد نهاد أبو القمصان الناشطة الحقوقية ومديرة المركز أن مشروع " التاكسي الحريمي" يعتبر عودة بالمجتمع المصري إلى الوراء 100 عام على الأقل. ويعد انتكاسة حقوقية على المستوى الديني والمجتمعي والقانوني ويتعارض مع المواثيق والإتفاقيات الدولية.
وترى نهاد في حوارها مع دويتشه فيلله أن المجتمع المصري يتجه الآن إلي تأسيس مجتمع مواز يحمل شعار "للنساء فقط" مثلما هو الحال بالنسبة الى عربتي مترو الأنفاق بالقاهرة المخصصة للنساء، والشواطىء الخاصة بهن، ومحلات تصفيف الشعر، والمقاهي النسائية، وأرجعت سبب ذلك إلى مؤثرات خارجية قادمة من البلدان النفطية. كما ترى الناشطة الحقوقية ومديرة مركز قضايا المرأة عزة سليمان هذا المشروع بمثابة ردة من قبل الدولة، مشيرة الي أن عجز الدولة عن توفير الحماية اللازمة للسيدات في الشارع جعلها تتجه إلى الحل الأسهل وهو عزل المرأة.
انقسام الرأي في الشارع
وفي الشارع هناك حالة من الانقسام بين النساء والرجال، وإن كانت أغلب السيدات يتقبلن الفكرة لحمايتهن من التحرش الذي أصبح كالداء المتفحل في الشارع ووسائل المواصلات. فترى نهى الطالبة الجامعية أن هذه فكرة رائعة تعطي الحماية للمرأة في ظل تزايد عدد السائقين متعاطى المخدرات، كما أنها فكرة تطبق الشريعة الإسلامية التي تعتبر ركوب المرأة مع سائق التاكسي الرجل خلوة محرمة بحسب قولها. أما ربة المنزل هبة فترفض الفكرة لأن القيادة ليست سهلة على المرأة، خاصة فى مصر حيث الزحام وانتشار الحوادث وقلة الطرق الممهدة. وترى أنه لا يجوز الفصل بين الجنسين وأنه على المرأة والرجل التعامل مع بعضهما البعض وإلا ستؤدي حالة الفصل إلى مشكلات فور حدوث الاختلاط، مستنكرة هذا الفصل فى ظل مجتمع ينادى بالاندماج وبالحرية والمساواة.
الأغرب من ذلك أن الكثيرين من الرجال يؤيدون الفكرة وينادون بتطبيقها مثل الصحفي والمذيع ماجد إبراهيم الذي انتقد في حوار مع دويتشه فيلله أراء منظمات حقوق المرأة التي ترفض ذلك، مشيرا إلى أن هذه المنظمات لابد وأن تعترف بتراجع أخلاق المجتمع في السنوات الاخيرة، الأمر الذي يستوجب حماية الفتاة في الشارع ووسائل المواصلات، وأن ذلك لا يعني الفصل بين الجنسين في مختلف نواحي الحياة الأخرى.
الكاتبة: نيللي عزت- القاهرة
مراجعة: منى صالح