تكنولوجيا ألمانية للحد من حوادث المرور في عمان
٢٩ يوليو ٢٠١٠في إحدى قاعات مبنى حديث ذي سقف مسطح، يتابع عشرة رجال متوسطي الأعمار بلحى طويلة وعمائم ودشاديش بيضاء الصور التي يعكسها جهاز العرض على الحائط خلال دورة التدريب على أمن المواصلات، التي تشرف عليها شرطة السلطنة. ويقول سعيد، وهو أحد المشاركين في الدورة، " اليوم نتعلم شيئا عن الفرامل".
ولم يشارك سعيد، البالغ من العمر أربعين سنة، طواعية في برنامج التدريب، بل توجه إلى هناك مضطرا، لأنه وفق النظام الجديد بحاجة إلى شهادة إضافية كي يتمكن من العمل كسائق سيارة شحن. ومن المؤكد أن هذا التدريب سيعود عليه بالفائدة، فقبل بضع سنوات تعرض إلى حادثة سير خطيرة عندما اصطدمت سيارة بسرعة 160 كم في الساعة بسيارة الشحن التي كان يقودها. لكنه وبعون الله، كما يقول، لم يصب إلا بجروح طفيفة في هذه الحادثة.
أمن المواصلات في الأولويات
لكن لم يعد بالإمكان في عمان الاعتماد فقط على رعاية الله إن لم تتم مراعاة قواعد السير، وقد وضع السلطان قابوس أمن المواصلات في أوليات برامج العمل. فاليوم تغيرت الأحوال عما كانت عليه قبل أربعين عاما، عندما أطاح السلطان بأبيه عن العرش. عندئذ لم يكن يوجد في السلطنة سوى عدد صغير من السيارات الخاصة، وحتى الدراجات الهوائية كانت ممنوعة، باعتبارها من صنع الشيطان.
أما اليوم، وحيث تسير سلطنة عمان على خطى التقدم، وتستخدم شتى أنواع التقنيات والمحركات، فقد حلت منذ وقت طويل السيارات محل الجمال. ويريد السلطان قابوس الآن تقوية وعي المواطنين بأمن المواصلات.
وتقع مهمة تنفيذ المشروع على عاتق عواد الرواس، رئيس شرطة المرور الملكية، الذي يقول إن السلطان كان قد تطرق في خطاب له عام 2003 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أمن المواصلات، واصفا إياه بأحد أكبر مشاكل عصرنا. ويضيف الرواس "أن عُمان أصبحت الآن، بمشيئة الله ورعاية السلطان، إحدى الدول الرائدة في ميدان السعي لضمان أمن حركة المواصلات".
ويتضح من مثال أمن حركة المواصلات كيف تتم عملية صنع القرار السياسي في السلطنة. فمنذ خطاب السلطان، في أكتوبر/تشرين أول الماضي، بات هذا الموضوع أحد أهم قضايا البلاد. كما نظمت ندوة عالمية بهذا الخصوص، وتم تأسيس رابطة لأمن الشوارع. ويؤكد عواد الرواس ذلك بالقول "هنا في عمان نؤمن باستعداد الشعب للتعاون، وعندما يقول جلالته شيئا، يطاع، وهكذا أمكن تخفيض نسبة وفيات حوادث السير بشكل قوي".
كاميرات ألمانية لضبط المسرعين
تبلغ نسبة وفيات حوادث السير في عمان 21 شخصا لكل مائة ألف شخص في المتوسط، وهذه نسبة عالية. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى السرعة العالية، كما يقول عواد الرواس. ففي بلاد كبيرة المساحة وقليلة السكان يضطر الكثيرون من السائقين إلى قطع مسافات كبيرة بسرعة عالية. لهذا تتركز الجهود الآن على التصدي لهذه الظاهرة.
ويستعان في ذلك بالتقنيات الألمانية، فقد طلبت سلطنة عمان من إحدى شركات مدينة دسلدورف 300 كاميرا لضبط السرعة، وتزين هذه الكاميرات الآن طرقات عمان السريعة وتقاطعاتها. ويعبر عواد الرواس عن التفاؤل في إمكانية التوصل إلى تخفيض أعداد ضحايا حوادث السير إلى أكثر من النصف في إطار المخطط الحكومي القادم الذي يمتد حتى عام 2015.
حزام الأمان
ويتضمن برنامج التدريب توضيح الأهمية الكبيرة لحزام الأمان في تفادي الإصابات. ويتم عرض أفلام تبين العواقب الفادحة لاصطدام سيارة بجسم صلب، حتى إذا كانت مسافرة بسرعة بطيئة. ويعبر المشاركون في الدورة التدريبية عن الارتياح للتوعية على هذه المخاطر، ولكون السفر في عمان أصبح أكثر أمانا.
سفين تونيجيس/ منى صالح
مراجعة: أحمد حسو