تكنولوجيا جديدة في الانتخابات الألمانية

عندما يتوجه الألمان في الـثامن عشر من أيلول/سبتمبر الجاري لانتخاب برلمان جديد، سيجد بعضهم مفاجئة تكنولوجية بانتظارهم: فلأول مرة في تاريخ ألمانيا يمكن الاستغناء عن أوراق الاقتراع التقليدية واستخدام جهاز مزود بلوحة مفاتيح الأحرف الأبجدية وشاشة عرض صغيرة. هذا الجهاز الصغير الذي يشبه الصراف الآلي إلى حد ما من حيث الشكل، تم استخدامه مؤخرا في انتخابات الرئاسة الأمريكية في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، الا أن معايير السرية قد لا تكون متشابه، لا سيما وأن بعض الأخطاء الالكترونية تم تسجيلها آنذاك في بعض الولايات الأمريكية.

معايير وشروط صارمة

تضع القوانين الألمانية شروطا صارمة جدا على استخدام الآلات في العمليات الانتخابية. ولعل أهم هذه الشروط هو أن تكون تقنيتها بسيطة واستخدامها سهلا بحيث يمكن لأي شخص استعمالها دون الحاجة إلى معرفة مسبقة باستخدام التقنيات الحديثة. الحد الأدنى المطلوب هو القدرة على القراءة والكتابة ولا شيء غير ذلك. وأما الشرط الآخر لاستخدامها فهو عدم احتواء الجهاز على نظام تشغيل على الإطلاق مثل نظام وندوز أو لينوكس أو ما شابه ذلك تفاديا لحدوث عمليات القرصنة الالكترونية وتفاديا لاحتكار الشركة المبرمجة لأرقام سرية قد تؤثر في عملية البرمجة. أما طريقة التشغيل فهي تشبه إلى حد ما عمل آلة الحسابات البسيطة في أماكن البيع والشراء. فعلى شاشة الجهاز يجد المنتخب قسيمة الاقتراع بنفس الشكل المتعارف عليه، وما عليه إلا أن يضع إشارة بجانب الشخص أو الحزب الذي يريد التصويت له. وبعد انقضاء عملية التصويت، يقوم موظفو الدائرة الانتخابية بطباعة المعطيات والاحتفاظ بها لاستخدامها في حالة حدوث طعن في نتائج الانتخابات. يذكر أن السلطات الألمانية كانت قد منحت شركة هولندية ترخيصا بتزويد الدوائر الانتخابية الألمانية بآلات انتخابية تعرف بـ "ESD".

ما بين التقبل والتشكيك

من المفترض أن يختار حوالي 5 ملايين ألماني من بين 65 ناخب بالاقتراع الكترونيا يوم الأحد القادم. وقد قامت 65 دائرة انتخابية فقط بإدخال نظام الاقتراع الآلي، في حين سيتم الانتخاب في الدوائر الأخرى بالطرق التقليدية المعروفة. ولهذا الغرض قامت هذه الدوائر بوضع 2100 آلة تحت تصرف الناخب. وفي هذا السياق أوضح متحدث باسم لجنة الانتخابات العامة أن مسألة استخدام التقنيات الجديدة في العملية الانتخابية هي مسألة تقررها الدائرة نفسها وليس اللجنة، مضيفا القول "أن الشيء الوحيد الذي يعنينا هنا أن لا تتعارض الإجراءات الانتخابية مع نص وروح القوانين الانتخابية السائدة." وعندما سئل المتحدث عن الضمانات التي يمكن أن يقدمها للناخبين حول مقدار ثقة لجنة الانتخابات بالتقنية الجديدة، أجاب بالقول: "أن نتائج الفحص الدقيق لعمل هذه الآلات بينت أن إمكانية حدوث عمليات تزوير مستبعدة جدا. كما أن المعطيات سيتم طباعاتها وبالتالي سيتم بسهولة التأكد من حدوث تلاعب." أما البرفسور اوبيرتوس بيكشتاين من جامعة "كرايز فالد" فله رأى آخر: " لا يمكن للمقترع الحصول على معطيات تصويته على الورق، وانما يقوم موظفو الدائرة بذلك بعد انتهاء العملية الانتخابية. هذه هي العلة الحقيقية لهذه الآلات. هذه هي المشكلة التي واجهت السلطات في الانتخابات الأمريكية السابقة. فعندما يحدث هناك تشكيك في النتائج، لا يوجد أي إثبات لدى الناخب بأن قراره الانتخابي تم بالفعل الأخذ به."

انتخابات المستقبل

لعل الاقتصاد في المصاريف هو السبب الأهم في البحث عن طرق بديلة للاقتراع عن تلك المتعارف عليها، أي الاقتراع عبر البريد أو بالتوجه إلى الدائرة الانتخابية والإدلاء هناك بالصوت. ويتوقع الخبراء أن استخدام الآلات في العملية الانتخابية ما هي إلا مقدمة للاقتراع عبر الانترنت او الرسائل القصيرة المعروفة باسم (SMS). وهذا لا يتطلب من المقترع أن يتواجد في بلده أصلا، الامر الذي يحل أولا مشكلة تصويت المواطنين الموجودين خارج البلاد، كما أن ذلك سوف يساهم في تخفيض النفقات بشك كبير جدا. المشكلة المطروحة هنا تتعلق بإجراءات الأمن والسلامة وهذا ما يعمل الخبراء على إيجاد الحلول له.

دويتشه فيله