تمايز طفيف بين الاشتراكيين والمسيحيين إزاء الشرق الأوسط
١٨ سبتمبر ٢٠٠٩تفوّق مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمنصب المستشار فرانك فالتر شتاينماير قبل أسبوعين من موعد الانتخابات النيابية العامة في بعدة بنقاط على المستشارة أنغيلا مركل في المناظرة التلفزيونية التي أجريت على شاشات أربعة قنوات تلفزيونية وشاهدها نحو 20 مليون مواطن. ويبذل وزير الخارجية الحالي شتاينماير جهودا كبيرة لخفض الفارق الكبير في نسب الأصوات القائم بين حزبه والاتحاد المسيحي الذي تقوده المستشارة.
وبعد استعراض مواقف الاتحاد المسيحي (المشكّل من الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا) إزاء أزمات الشرق الأوسط ، نعرض في ما يلي الخطوط العامة لمواقف الحزب الديمقراطي الاشتراكي منها مع لحظ نقاط الخلاف بينها وبين مواقف الاتحاد المسيحي.
حق إسرائيل بالوجود وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم
منذ تأسيس إسرائيل عام 1948 أخذ الحزب الاشتراكي الديمقراطي على عاتقه مثله مثل كل الأحزاب الألمانية الأخرى الدفاع عن حق هذه الدولة في الوجود، بحيث يكون لليهود الذين واجهوا الاضطهاد العنصري والمحرقة النازية وطن. وضمَّن هذا الموقف المبدئي كل برامجه الحزبية، وكذلك برنامجه الأخير الذي أُقر في هامبورغ عام 2008 وجاء فيه: "تتحمل ألمانيا مسؤولية خاصة إزاء حق إسرائيل في الوجود. وفي إطار ذلك أيضا نجهد لإقامة سلام شامل في الشرق الأوسط على قاعدة الاتفاقيات الدولية. كما أننا ندعم حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وإنشاء دولة فلسطينية قادرة على الحياة". وإن كانت مواقف الاشتراكيين والمسيحيين السياسية إزاء حل الصراع في الشرق الأوسط متشابهة حاليا إلى حد كبير، إلا أن علاقات الحزب الاشتراكي تاريخيا مع الفلسطينيين أقوى بكثير من علاقات الاتحاد المسيحي وأكثر حميمية وتضامنا، خاصة من جانب الجناح اليساري فيه. والتأكيد في برنامجه على "حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره" يرقى إلى مستوى التأييد المبدئي الإيديولوجي الذي يبرر له حقه أيضا في استخدام السلاح حسب تعريف القانون الدولي، ما لا نجده في برنامج المسيحيين. أما موقفه الرافض لأي تعاون مع حركة "حماس" الفلسطينية إلى أن تعترف بوجود إسرائيل فيلتقي فيه مع موقف الاتحاد المسيحي من الحركة.
رفض الحرب الأمريكية على العراق
وبالنسبة إلى الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان عام 2006 وافق الحزب الاشتراكي من خلال مشاركته في حكومة المستشارة أنغيلا مركل على إرسال قوة بحرية إليه ضمن قوات "يونيفيل" الدولية لمراقبة وقف النار ومنع تهريب السلاح إليه. وهو يؤيد بدوره دعم الأكثرية النيابية فيه وتقوية الدولة اللبنانية وجيشها لفرض سيطرتها على كامل أراضيها، كما يوافق على تقديم الدعم التقني والبشري للحكومة لضبط حدودها مع سورية.
ورفض الحزب الاشتراكي بقيادة المستشار غيرهارد شرودر بشدة الحرب الأميركية على العراق عام 2003 رافضا تصديق تهم حيازة نظام صدام حسين على القنبلة النووية وأسلحة الدمار الشامل، ما أدى إلى توتير العلاقات بين برلين وواشنطن. ودفع هذا الموقف جميع الأحزاب الألمانية الأخرى، بما فيها الاتحاد المسيحي إلى التخلي عن فكرة تأييد الحرب التي رفضتها أيضا أكثرية ساحقة من الألمان.
دعم الولايات المتحدة عسكريا في أفغانستان
قبل ذلك، وعلى خلفية أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 الإرهابية، وافقت حكومة شرودر في حينه على إرسال قوات إلى أفغانستان لدعم القوات الأميركية التي قررت خوض حرب ضد مقاتلي "القاعدة" و"طالبان" في عقر دارهم. ويعتبر الحزب الاشتراكي مثل الاتحاد المسيحي أن حماية أمن ألمانيا وأوروبا من الإرهاب الدولي تبدأ من أفغانستان، لكنه يرفض القول بأن القوات الألمانية تخوض هناك حربا، ويصر على القول بأنها مكلَّفة بمساعدة الحكومة الأفغانية لبناء مؤسسات الدولة وحماية مشاريع إعادة الاعمار.
وفي الموضوع النووي يدعو برنامج الحزب الاشتراكي إلى "عالم خال من السلاح النووي" وإلى "فرض رقابة دولية على تخصيب اليورانيوم". من هذا المنطلق يطالب الحزب مثله مثل الاتحاد المسيحي بممارسة ضغط دولي على إيران وفرض عقوبات دولية عليها لكي توقف تخصيب اليورانيوم، ، لكنه يرفض بدوره استخدام السلاح لحل النزاع مع طهران. إضافة إلى ذلك فهو ينتقد إيران بشدة أيضا بسبب تهديداتها المستمرة بالقضاء على إسرائيل.
"ألمانيا بلد هجرة"
وفي موضوع الهجرة، وعلى عكس برنامج الاتحاد المسيحي، يعتبر برنامج الحزب الاشتراكي ألمانيا "بلد هجرة"، وأن المهاجرين "أغنوا البلد اقتصاديا وثقافيا". وفيما يميل الاتحاد المسيحي إلى اعتبار اندماج الأجانب فيه من مسؤوليتهم في الدرجة الأولى يشير هو إلى "أن الاندماج يتطلب جهودا مشتركة" من الجانبين. ومثل المسيحيين يعتبر الحزب الاشتراكي أن من يريد الحصول على فرص التعلم والعمل لا بدَّ له من امتلاك اللغة الألمانية.
الكاتب: اسكندر الديك
مراجعة: ابراهيم محمد