تهديد علماء اليمن بالجهاد ضد التدخل الأجنبي ـ توظيف للورقة الدينية؟
١٥ يناير ٢٠١٠تزامناً مع عمليات قوات الأمن ضد عناصر القاعدة في اليمن هدد يوم أمس الخميس 150 عالم دين من مختلف المناطق اليمنية خلال مؤتمر صحفي في العاصمة صنعاء بالدعوة إلى الجهاد في حال قيام أي جهة خارجية بتدخل عسكري في اليمن. وأكد البيان، الذي وقعه أيضاً عضو البرلمان الشيخ عارف الصبري والشيخ عبد المجيد الزنداني المتهم من قبل واشنطن بتمويل ودعم أنشطة إرهابية، على "الرفض الكامل لأي تدخل خارجي سياسي أو أمني أو عسكري في شؤون اليمن".
شكوك أمريكية في قدرة اليمن على مواجهة القاعدة
واللافت أن هذه التحذيرات جاءت بعد يوم فقط من تصريحات السيناتور الديمقراطي في مجلس الشيوخ الأمريكي كارل ليفين أن بلاده تبحث إمكانية استخدام الضربات الجوية في محاربة أعضاء القاعدة في اليمن. ورغم أن الرئيس الأمريكي أوباما استبعد في تصريحات سابقة أي تدخل عسكري مباشر في اليمن ووعد بتقديم مساعدات في مواجهة القاعدة، اعتبر ليفين أن الهجمات بطائرات أمريكية بدون طيار يجب أن تكون من بين الخيارات في محاربة القاعدة هناك إضافة إلى المساعدات العسكرية والتنسيق المخابراتي.
وتأخذ هذه التصريحات وزنها من المكانة المؤثرة للسيناتور الديمقراطي في السياسية الخارجية لإدارة أوباما حيث انه يرأس في الكونغرس لجنة القوات المسلحة. وتطرح هذه التصريحات تساؤلات فيما إذا تراجعت الثقة الأمريكية في قدرة النظام اليمني على مواجهة القاعدة رغم إعلان هذا الأخير الحرب المفتوحة على هذا التنظيم منذ الإعلان عن تورطه في المحاولة الفاشلة، التي هدفت إلى تفجير الطائرة الأمريكية في ديترويت.
فرص الاستفادة الاقتصادية من مواجهة القاعدة
ويبدو أن الحكومة اليمنية تعي بشكل واضح مدى تداعيات كل تدخل عسكري أمريكي على الساحة السياسية والاجتماعية في البلد، حيث أن ذلك يضعف القوى الحاكمة. وفي الوقت الذي تشن فيه قوات الأمن عمليات موسعة ضد التنظيم، فإن الحكومة تستبعد أي حوار غير مشروط مع القاعدة في محاولة لإقناع الغرب بقدرتها على القيام بهذا الدور دون تدخل عسكري أجنبي، مقابل الحصول على مساعدات اقتصادية وتنموية. الأمر الذي يقلل من حدة أزمة النظام الحاكم وما يتخبط فيه البلد امنياً بين حركة الانفصال في الجنوب والحرب مع الحوثيين في الشمال، إضافة إلى تحركات تنظيم القاعدة التي تواجهها الحكومة بدعوة أعضاء التنظيم في اليمن إلى إلقاء سلاحهم ووعدهم بالدمج داخل المجتمع "إذا تحولوا إلى مواطنين مسالمين".
لكن المعارضة وصفت من جهتها هذه الخطابات بـ"ذر الرماد في العيون". وكان وزير الخارجية اليمني أبوبكر القربي قد أكد في وقت سابق أن بلاده قادرة على التعامل مع التهديدات الإرهابية ومكافحتها غير أنه في حاجة إلى مساعدات اقتصادية وتنموية وأمنية من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي حتى يمكن مواجهة تنظيم القاعدة بنجاح. وأضاف الوزير اليمني أن بلاده في حاجة إلى مساعدات بحجم ملياري دولار سنوياً لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.
وفي هذا السياق يرى الكاتب الصحفي عارف الصرمي أن النظام اليمني يحاول الاستفادة من المقاربة التي تجمع بين المصلحة الأمريكية ورغبة النظام في الحصول على دعم مالي ولوجستي، سعياً إلى "خلق شراكة مع الغرب بهدف مواجهة الأزمات الداخلية".
اختلاط أوراق المصالح السياسية
غير أن بعض المراقبين يعتقدون أن رغبة النظام في اليمن في الظهور على الساحة الدولية "كرأس الحربة" في مواجهة المتشددين يواجهها من الجانب الآخر رغبة بعض الأوساط الأمريكية داخل الحزب الديمقراطي في إبراز المشاركة العسكرية في محاربة القاعدة في اليمن -ولو بشكل متحفظ- بهدف توظيف موضوع محاربة الإرهاب في السياسات الداخلية من خلفية انتخابات الكونغرس المقبلة والظهور في صورة ايجابية مخالفة عن "صورة فشل الإدارة الأمريكية إلى حد الآن في مكافحة القاعدة في أفغانستان والعراق أو في الصومال وباكستان"، كما يقول الصرمي.
ولربما كانت تحذيرات جمعية علماء اليمن بالدعوة إلى الجهاد في حال أي تدخل عسكري لقوات أجنبية بمثابة عن استخدام جديد للورقة الدينية في حسابات الوضع الأمني المفخخ في اليمن. لكن الأصل بعد خلط الأوراق هو أن ورقة القاعدة هي الأكثر تأثيراً في لعبة المصالح السياسية داخل اليمن وخارجه.
الكاتب: عبد الحي العلمي
مراجعة: عماد غانم