تونس تمضي ليلة أولى من حظر التجول
٢٣ يناير ٢٠١٦أمضت تونس ليلة أولى من حظر التجول الذي أعلن بعد أيام من احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة في حجمها ومدتها، منذ ثورة 2011. فيما أكد رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد الجمعة أن الوضع "تحت السيطرة". وقال في باريس عقب مأدبة غداء مع الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند في قصر الاليزيه إن "الهدوء يعود" والوضع "تحت السيطرة حاليا". ومن المنتظر أن يعقد الصيد اليوم السبت (23 يناير/ كانون الثاني 2016) اجتماعا وزاريا طارئا لمناقش تطورات الأحداث.
واندلعت التظاهرات تزامنا من ذكرى الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، فيما انطلقت شرارتها من منطقة القصرين (وسط) الفقيرة احتجاجا على الجوع والتهميش، عقب وفاة الشاب رضا اليحياوي (28 عاما) العاطل عن العمل يوم السبت الماضي، بصعقة كهربائية خلال تسلقه عامودا قرب مقر الوالي احتجاجا على سحب اسمه من قائمة توظيف في القطاع العام. لتمتد بعد ذلك الحركة الاحتجاجية إلى مدن أخرى عدة اتسمت بالعنف خصوصا في منطقة تونس الكبرى.
وفي المقابل، يسود هدوء هش في سيدي بوزيد -مهد الثورة التونسية- والتي شهدت صدامات بين رجال الشرطة ومتظاهرين عاطلين عن العمل وطلاب جامعيين وطلاب مدارس ثانوية، حسبما ذكر مراسل لفرانس برس. وأعلن الرئيس الفرنسي الذي استقبل رئيس الوزراء التونسي الجمعة عن خطة دعم لتونس بقيمة مليار يورو للسنوات الخمس المقبلة، تهدف خصوصا إلى "مساعدة المناطق المحرومة والشباب عبر التركيز على الوظائف".
احتجاجات "طبيعية"
من جهته، أكد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أن الاحتجاجات على البطالة والإقصاء الاجتماعي القائمة في بلاده "طبيعية"، وقال في خطاب بثه التلفزيون مساء الجمعة إن هذه الاحتجاجات "في المناطق التي نعرف أنها محرومة، مثل القصرين وغيرها، طبيعية". وأضاف أن شعار الثورة كان الحرية والكرامة و"ليس هناك كرامة من دون عمل (...) لا نستطيع أن نقول لأحد لا يملك ما يأكله أن يصبر أكثر". غير أن الباجي قائد السبسي حذر أيضا من "أياد خبيثة" تريد استغلال الوضع. وقال إن "الذي وقع بعد انطلاق المسيرات هو أن دخلت الأيادي الخبيثة وأججت الأوضاع"، مشيرا إلى أن "الشيء الجديد هو أن داعش أيضا الذي هو موجود في ليبيا الشقيقة، أصبح تقريبا على حدودنا الآن، وبدا له أن الوقت سانح ليحشر أنفه في هذه العملية".
وأكد رئيس الوزراء التونسي في مقابلة مع قناة فرانس-24 أنه "يتفهم" الحركة الاحتجاجية لكنه أكد أيضا أنه "ليس لدينا عصا سحرية لإعطاء وظائف للجميع في نفس الوقت"، مضيفا "ما يحدث في تونس مع الشباب ليس حالة جديدة، نحن نرث هذا الوضع". ودعت منظمات عدة بينها الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وأوكسفام إلى "تبني نموذج اقتصاد (...) لتقليص الفوارق بين المناطق والتفاوت الاجتماعي"، معبرة عن خيبة أملها من عدم تحرك مختلف الحكومات.
أعمال نهب
وكانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت أمس الجمعة "حظر التجول بكامل تراب الجمهورية" من الساعة الثامنة ليلا إلى الساعة الخامسة صباحا بالتوقيت المحلي لتونس (من 19,00 الى 4,00 ت غ) "نظرا لما شهدته البلاد من اعتداءات على الأملاك العامة والخاصة وما بات يُشكله تواصل هذه الأعمال من مخاطر على أمن الوطن والمواطن"، حسب بيان الداخلية.
وسجلت ليل الخميس الجمعة أعمال "نهب" و"تخريب" في مدينة التضامن الحي الشعبي في تونس الكبرى حيث أوقف 16 شخصا كما أعلنت السلطات. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية وليد الوقيني إن هناك "مجرمين يسعون لاستغلال الوضع". وأضاف محذرا "نحن مع المتظاهرين السلميين ولكن ستتم محاسبة من يعتدون على الأملاك العامة والخاصة بقسوة".
وأكدت الوزارة أن "كل مخالفة لهذا القرار يتعرض مرتكبها إلى التبعات القانونية اللازمة في ما عدا الحالات الصحية والمستعجلة وأصحاب العمل الليلي". وأهابت بكل المواطنين "الالتزام بمقتضيات حظر التجوال الليلي".
و.ب/ ص.ش (أ.ف.ب)