تونس ـ اعتقال صحفيين اثنين ومحامية بارزة منتقدة للرئيس
١٢ مايو ٢٠٢٤قال شهود إن الشرطة التونسية اقتحمت مقر هيئة المحامين السبت (12 مايو/ أيار 2024) وألقت القبض على سنية الدهماني، وهي محامية بارزة ومعروفة بانتقادها الشديد للرئيس قيس سعيد، تنفيذا لأمر قضائي بسبب تصريحات في برنامج تلفزيوني، ثم اعتقلت لاحقا صحفيين اثنين.
وقالت مسؤولة بنقابة الصحفيين لرويترز إن الشرطة اعتقلت أيضا برهان بسيس ومراد الزغيدي، وهما مقدما برامج بإذاعة "آي.إف.إم."
وأصدرت السلطات القضائية التونسية الأحد مذكرة توقيف بحق مقدّم البرامج التلفزيونية والإذاعية برهان بسبّس والمعلق السياسي مراد الزغيدي، إثر تعليقات انتقدا فيها الوضع العام في البلاد، على ما أفاد محام.
وقال المحامي غازي مرابط لوكالة فرانس برس أن السلطات أصدرت بحق الزغيدي وبسيّس "بطاقة احتفاظ (توقيف) لمدة 48 ساعة على أن يمثلا الاثنين أمام قاضي التحقيق مجددا".
وأوضح مرابط أنه تم التحقيق مع الزغيدي "في خصوص تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي يساند فيها صحافيا موقوفا، وكذلك عن جملة تصريحاته خلال برامج تلفزيونية منذ شهر شباط/فبراير الفائت".
والزغيدي محلّل ومعلّق تلفزيوني على المواضيع السياسية والاجتماعية، ويعمل مع برهان بسيّس الذي يقدم برامج إذاعية وتلفزيونية في محطات خاصة تتطرق للشأن العام في البلاد.
وأتى توقيفهما بعدما أوقفت السلطات بالقوة ليل السبت المعلّقة الدهماني التي تعمل معهما في البرامج ذاتها.
وإلقاء القبض على الدهماني هو الأحدث في سلسلة من الاعتقالات والتحقيقات التي شملت ناشطين وصحفيين ومسؤولي منظمات من المجتمع المدني ينتقدون سياسات الحكومة والرئيس.
وتفاقم هذه الخطوة مخاوف المعارضين من نهج أكثر تشددا وتضييقا على الحريات بشكل متزايد قبل انتخابات رئاسية متوقعة هذا العام. وتنفيذ (بطاقة الجلب) ضد الدهماني جاء بعد أن قالت في برنامج تلفزيوني مؤخرا إن تونس بلد لا يطيب فيه العيش، وذلك تعليقا على خطاب للرئيس ذكر فيه أن تدفق آلاف المهاجرين من دول جنوب الصحراء الكبرى للبقاء في تونس أمر يثير الريبة حول أهدافه ومن يقف وراءه.
واستدعى قاضي التحقيق الدهماني بشبهة نشر شائعات والمساس بالأمن العام إثر تصريحاتها، لكنها طلبت تأجيل التحقيق القضائي، وهو ما رفضه القاضي الذي أصدر قرارا بإحضارها. وعقب إلقاء القبض على الدهماني، خرج المحامون أمام مقر هيئة المحامين رافعين شعارات "المحاماة حرة والبوليس على بره" و"سنواصل الكفاح" و"يا سنية لا تهتمي الحريات تفدى بالدم".
ودانت "الهيئة الوطنية للمحامين" ما اعتبرته "اقتحاما لمقر الهيئة واعتداءً سافرا" خلال توقيف الدهماني، مطالبةً بإطلاق سراحها فورا. واستنكر رئيس فرع الهيئة العروسي زقير في مؤتمر صحافي "الاعتداء المادّي واللفظي على المحامين والصحافيين"، معلنا "الدخول في إضراب في محاكم تونس العاصمة بدايةً من الاثنين".
كما دانت قناة "فرانس 24" بشدة "تدخل رجال الشرطة الملثمين" بينما كانت تغطي توقيف الدهماني مباشرة، معتبرة أنه "تضييق على حرية الصحافة".
وسيطر سعيد على صلاحيات شبه مطلقة في عام 2021 عندما حل البرلمان المنتخب وانتقل إلى الحكم بمراسيم قبل أن يعيد صياغة دستور جديد بنسبة مشاركة ضئيلة. ومنذ انتفاضة تونس عام 2011، أصبحت حرية الصحافة مكسبا رئيسيا للتونسيين وأصبحت وسائل الإعلام التونسية واحدة من بين الأكثر انفتاحا في أي دولة عربية.
لكن السياسيين والصحفيين والنقابات يقولون إن حرية الصحافة تواجه تهديدا خطيرا في ظل حكم سعيد، الذي وصل إلى السلطة عام 2019 عبر انتخابات حرة. ويرفض سعيد هذه الاتهامات، قائلا إنه لن يصبح دكتاتورا.
وفي القرار القانوني الذي نشرته وسائل إعلام محلية، تخضع الدهماني للتحقيق بتهمة "تعمّد استخدام شبكات وأنظمة معلومات... بهدف الإضرار بالأمن العام"، بموجب المرسوم 54 .
وأصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد في 13 أيلول/ سبتمبر 2022 مرسوما رئاسيا عُرف بـ"مرسوم 54" ينصّ على "عقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام" وغرامة تصل الى خمسين ألف دينار "لكلّ من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني".
وخلال عام ونصف عام، حوكم أكثر من 60 شخصا، بينهم صحافيون ومحامون ومعارضون للرئيس، باسم المرسوم 54، وفق النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين.
ع.ش/ م.س (رويترز، أ ف ب)