ثلاثة أسباب وراء "صحوة" الكرة الجزائرية
٢٣ يناير ٢٠١٥لا يختلف اثنان أن المشوار الذي حققه المنتخب الجزائري في مونديال البرازيل حين بلغ ثمن النهائي، كان الأكبر في تاريخ الكرة الجزائرية، جعلته مباشرة يتربع على صدارة الكرة الإفريقية. حيث أمتع "محاربو الصحراء" مشجعيهم بأداء بلغ ذروته أما ألمانيا التي ستفوز بعد ذلك باللقب العالمي. وكثيرا ما يعيد التلفزيون الألماني، الحوار الصحفي الذي أطلق فيه المدافع بير مرتزاكر لجام غضبه على الصحفيين عقب مباراة بلاده أمام الجزائر في دور الثمانية، قائلا "هل تعتقدون أن الفرق 16 المؤهلة للنهائيات هي فرقة كارنافالية؟!"، في رد فعل يعكس مدى إحراج الجزائر لألمانيا حتى وإن كانت الأخيرة قد حسمت المباراة لصالحها بهدفين مقابل هدف. لا أحد ينسى أيضا كيف أن الحارس الدولي مانويل نوير أجبر على لعب دور "ليبرو" للحد من خطورة ثنائي الهجوم إسلام سليماني وسفيان فيغولي.
الجزائر أقوى المرشحين في أمم إفريقيا
وفي غينيا الإستوائية حيث تقام بطولة كأس أمم إفريقيا إلى الثامن من الشهر المقبل، تعد الجزائر من أقوى المرشحين لنيل لقب البطولة، وقد استهلت مشوارها بفوز واضح على جنوب إفريقيا بثلاثة أهداف مقابل هدف، عقب سلسة من الانتصارات في تصفيات البطولة بلغت خمس مباريات من أصل ستة. وبموازاة ذلك توج فريق نادي وفاق سطيف بلقب دوري أبطال إفريقيا 2004، ما جعل الأوساط الرياضية تتحدث عن "صحوة" الكرة الجزائرية. ومن يتساءل عن أهم من ساهم في هذه الصحوة، فإنه سيلاحظ أنها نتاج على الأقل لمجهود إداري وتنظيمي قام به الإتحاد الجزائري لكرة القدم.
خصصت الدولة الجزائرية في الآونة الأخيرة ميزانيات ضخمة لكرة القدم لتؤكد أنها جادة في هذا الملف، فتمّ بناء المركز التحضيري في منطقة سيدي موسى بضواحي الجزائر العاصمة بمقاييس أوروبية، ليصبح معقل تدريب الخضر، وذلك عام 2011. ويتم توسيعه ليشمل ملاعب ومراكز سباحة ومراكز للترويض البدني إلى جانب مطعم ومسرح وجناح للصحافة وغيرها من التجهيزات الضخمة.
ويتم تمويل هذه المشاريع من خلال الراعين الماليين أو مداخيل البطولات الدولية. فقد حصل الاتحاد الجزائري لكرة القدم من الاتحاد الدولي فيفا على نحو تسعة ملايين يورو لمشاركته في مونديال البرازيل، تضاف إلى ذلك 25 ملايين يورو دفعتها شركة "موبيليس" للاتصالات لإبرام عقد لمدة أربع سنوات كراعي رسمي للمنتخب، إضافة إلى ثلاث ملايين يورو دفعتها الشركة الألمانية للملابس والمستلزمات الرياضية "أديداس" لرعاية "محاربي الصحراء".
قانون "الباهاماس"
وبشهادة الدولي السابق بولحجيلات المدير الرياضي لنادي وفاق سطيف الجزائري، فقد تمّ إنشاء مراكز تحضيرية في كل ولاية من الولايات الجزائرية ليبلغ عددها 22 مركزا، مهمتها تأهيل وإعداد المواهب الشابة. ويشيد بولحجيلات في حواره مع DW عربية بجهود إدارة الإتحاد في هذا المجال وعلى رأسها محمد روراوة الرجل الذي ساهم في تعديل لوائح الفيفا المتعلقة بالسماح لأي لاعب مزدوج الجنسية بتغيير المنتخب الذي لعب فيه في المنتخبات دون 21 عاما، شريطة أن لا يلعب في منتخبات الكبار.
وهو القانون المعروف تحت اسم "قانون الباهاماس" الذي تبناه الفيفا عام 2009. واستفادت منه الجزائر بشكل كبير عبر استقطاب خدمات لاعبين لعبوا لمنتخبات أخرى في فئة الشباب خاصة فرنسا، كيبدة ومغني وعبدون وبودبوز ومحاني وبلعيد ومبلوحي وفغولي وبلفوضيل وغلام، وغيرهم...
النضج التكتيكي
ويؤكد المدير الرياضي لنادي وفاق سطيف أن اللاعب الجزائري وإن كان دائما يتوفر على القدرات التقنية الكبيرة، إلا أنه كان يفتقر في الوقت نفسه للنضج التكتيكي. وبفضل المدرب السابق للمنتخب الجزائري، وحيد خليلهودزيتش "دخلت" ثقافة النضج التكتيكي إلى كرىة القدم الجزائرية، لتزيد من قدرات لاعبين هم أصلا يلعبون في أندية أوروبية كبيرة.
إلى ذلك يضيف بولحجيلات أن خليلهودزيتش أدخل معه أيضا نهج الصرامة في احترام تعليماته داخل الملعب. وهذه الثقافة "ستستمر" مع المدرب الجديد الفرنسي كريستيان كورغوف المعروف عنه العمل "برزانة شديدة"، يقول بولحجيلات.