"ثورة بنات السعودية" أول لعبة فيديو ببطلات سعوديات
٢٠ مارس ٢٠١٧"ثورة بنات السعودية" لعبة فيديو سعودية، تروج لصورة جديدة عن النساء السعوديات، بشكل مغاير لما هو متعارف عليه في المجتمع السعودي المحافظ. إذ يظهرن في اللعبة وهن في معسكرات اعتقال مع بعض الرجال المحافظين النافذين وهن يحاولن تحرير أنفسهن والانتصار على الحاكم المستبد. وغرض اللعبة حسب ما تم الترويج له هو: تشجيع المساواة بين الجنسين في العالم العربي مع التأكيد على أن الهدف هنا لغايات اجتماعية وليس سياسية.
الملفت في الموضوع إضافة إلى كون اللعبة تروج لقيم مختلفة وتحمل نقدا غير مباشر لأوضاع المرأة السعودية، هو أن اللعبة من إنتاج وفكرة فرد من الأسرة الحاكمة في السعودية وهو الأمير فهد آل سعود. فما الرسالة وراء هذه المبادرة؟ وهل تهدف حقا إلى تشجيع نوع من التمرد النسائي على القيود الحالية؟ أم أنها مجرد محاولة لترويج فكرة إيجابية عن السعودية للغرب؟
تغيير الصور النمطية
حسب موقع ساسة بوست فإن لعبة "ثورة بنات السعودية" تسعى أيضا بالإضافة إلى معالجة مسألة المساواة بين الجنسين في العالم العربي، (تسعى) إلى تغيير الأفكار النمطية المتداولة حول العرب في ألعاب الفيديو الأجنبية، حيث يتم توظيفهم غالبا في أدوار الأشرار. وبالتالي فهذه اللعبة تقرب المستخدم العربي من بيئته وخصوصيته، وفي نفس الوقت تروج لدى المستخدم الأجنبي صورة أخرى عن العرب مغايرة للصورة المنتشرة في الغرب.
الأمير السعودي صرح لوسائل إعلام مختلفة بأن تفكيره في تطوير هذه اللعبة نابع من ولعه بألعاب الفيديو منذ طفولته، بالإضافة إلى رغبته في تشجيع صور مختلفة عن العرب وخصوصا النساء في ألعاب الفيديو، وأضاف أن اللعبة تتفادى أسلوب الإثارة الجنسية ليس بسبب الرقابة وإنما بسبب عدم اقتناعه بأن هذا هو التمثيل الحقيقي للمرأة.
يشار إلى أن مدينة جدة السعودية عرفت ما بين 16 و18 فبراير/ شباط الماضي لأول مرة فعاليات معرض "كوميك كون" المتخصص في الرسوم والقصص المتحركة وألعاب الفيديو. المعرض أقيم لمدة ثلاثة أيام برعاية الهيئة العامة للترفيه، وشهد إقبالا فاق كل التوقعات ولم يكن فيه فصل بين الجنسين، في خطوة وصفها كثيرون بأنها جريئة من هيئة الترفيه، وجَرَّت وابلا من الانتقادات من جهات سعودية محافظة.
وعن الرسالة وراء إطلاق مبادرة كهذه من طرف أمير سعودي، وهي التي يُفترض أنها تشجع حضور النساء أكثر في المجتمع وتمردهن على القيم التي تقيدهن، يقول يحيى عسيري الحقوقي السعودي المعارض إن "انتهاك حقوق النساء في السعودية تحديدًا مرده السلطة السعودية. مثلا نظام الولي الذي يلزم المرأة باحضار ولي أمر ذكر في معاملاتها، لا علاقة له بالدين ولا بالثقافة العربية الموجودة قبل نشأت هذه السلطة ومدرستها الدينية الخاصة بها والمولودة معها".
وحول نوايا الأمير بهذا الخصوص ومدى ارتباط المبادرة بسياسة السلطة في السعودية، يقول عسيري "لا أستطيع الجزم، هل هذه المبادرة تابعة للسلطة في الأساس، أم انها نتيجة للانفصال التام للمنتج عن مجتمعه، فالأمير في حياته المترفة والخاصة بعيد عن فهم المجتمع بتطلعاته وآلامه، ولا يستطيع فهم معاناة فتاة تكتب في هاشتاغ الولاية كل يوم ما تعانيه من سائق رجل مثلا أو من التعنيف وغير ذلك".
ويضيف عسيري في تصريحات لـ dw عربية: "تجريم وتحريم الاختلاط بين الجنسين لم يكن موجودا في الدين ولا في العادات العربية، بل كل ذلك بسبب آراء السلطة، لذا فالمشكلة في جوهرها سياسية وليست دينية ولا ثقافية". وتابع عسيري "التعريف باللعبة يقول إن الهدف هو التغيير الاجتماعي وليس السياسي، وبهذا فإنه يصب في صالح السلطة بتبرير انتهاكاتها برغبات المجتمع، بينما المجتمع مقموع ولا يعبر عن رأيه، والمدرسة الدينية المتشددة التي انتُقدت في اللعبة هي تابعة للسلطة بشكل كامل، ولا تخالف نهج السلطة".
رسالة سلبية
وحتى فيما يتعلق بكون اللعبة تهدف أيضا إلى تغيير الصور النمطية المنتشرة عن العرب في ألعاب الفيديو الأجنبية، يرى الخبير السعودي أن ما يسيء في الواقع للعرب والمجتمعات العربية هو "الانتهاكات والقمع ونشر الجهل والأفكار المتشددة التي لا هي من صميم الدين ولا الثقافة العربية. السلطة تتبرأ من كل ذلك بنسبه للدين والعادات، وهذه اللعبة ترسخ ذلك"، حسب تعبيره.
وشككت حقوقيات سعوديات أيضا في أهداف لعبة "ثورة بنات السعودية". ففي هذا الإطار تساءلت حقوقية سعودية طلبت عدم ذكر اسمها في تصريحات لـdw عربية: "ما الغرض من هذه اللعبة ما دام لم يتم الترويج لها وتسويقها داخل السعودية؟ لم يسمع بها أحد. هذه اللعبة ربما خلقت ضجة في الخارج لكن ليس هنا وبالتالي لا أرى أنها بالفعل تسعى لتغيير الأفكار النمطية التي تقيد المرأة". وهذا ما يجعل الناشطة النسائية تعتقد أن الجهة التي أنتجت هذه اللعبة تسعى لتحسين الصورة السلبية والمنتشرة حول السعودية في الخارج فيما يتعلق بملف حقوق المراة، أكثر منه تحسين أوضاع النساء فيها بالفعل.
ويشار إلى أن السعودية تسعى ضمن رؤيتها الإصلاحية 2030، التي تهدف إلى إدخال إصلاحات اجتماعية وسياسية واقتصادية في الحياة السعودية، إلى تعزيز حضور النساء في سوق العمل كما تروج لذلك المملكة، وفي هذا الإطار تم تعيين ثلاث نساء في وظائف مالية ومصرفية، هن سارة السحيمي التي عينت كأول امرأة ترأس مجلس إدارة شركة السوق المالية السعودية "تداول"، بينما عينت لطيفة السهبان مديرة مالية لشركة سامبا المالية ورانيا النشار رئيسة تنفيذية لنفس المجموعة.
وبالإضافة إلى ذلك تسعى الهيئة العامة للترفيه أيضا ضمن أهداف رؤية 2030 إلى تعزيز الفعاليات الثقافية والترفيهية.
رغم ذلك لا يرى يحيى عسيري أن السلطات السعودية جادة في هذه المبادرات. ويقول في هذا السياق "الفعاليات التي قدمتها مؤخرًا لم تكن جادة، كان الهدف بوضوح هو الربح المادي وتسجيل نقاط بالادعاء بوجود ترفيه، لا يمكن اتخاذ خطوات جادة في تعزيز الأنشطة الثقافية أو الاجتماعية أو حتى الترفيهية ما لم يكن للمجتمع دور في ذلك في مناخ حر وآمن".
الكاتبة: سهام أشطو