جنوبيو السودان بين الوحدة والانفصال
٢٠ ديسمبر ٢٠١٠تصدح أنغام أغنية شعبية جديدة عن استقلال جنوب السودان من مكبرات صوت مثبتة فوق سيارة شحن صغيرة تجوب ضمن موكب سيارات مزينة برايات جنوب السودان شوارع العاصمة "جوبا". ويصحب تلك السيارات فرقة آلات نحاسية وقارعو طبول وتلاميذ يلوحون بنفس الرايات.
تشجع حكومة جنوب السودان شعبها للاشتراك في الاستفتاء الذي سيحدد مستقبل السودان. توماس لوهيما سافر من قريته التي تبعد 30 كيلومتراً عن جوبا لكي يسجل اسمه في لائحة المشاركة بالاستفتاء. لوهيما رجل عجوز يتكئ على عصاه يدخل خيمة تسجيل المنتخبين وبحوزته بطاقة التصويت. عاصر هذا الرجل عشرين عاماً من الحرب الأهلية فقد خلالها خمسة من أبنائه كانوا يحاربون قوات الحكومة الشمالية. بالإضافة إلي ذلك، عاش أياماً قاسية كلاجئ سياسي في صحراء بلاده.
حشد المواطنين للمشاركة في الاستفتاء
وعبر لوهيما عن سعادته البالغة لأنه سيشارك في الاستفتاء قائلاً: "تم استغلالنا وقهرنا من قبل الحكومة الشمالية على مدار عشرين عاماً. أعتقد أن حالنا سيتحسن إذا استطعنا أن نقرر مصيرنا بأنفسنا. وبهذا سوف تستطيع بلادنا أن تتطور". يغمس لوهيما أثناء التسجيل أصابعه النحيفة في حبر أزرق، بهذا الإجراء تتأكد لجنة الاستفتاء من أن الأشخاص الذين لا يمتلكون بطاقة شخصية لا يتم تسجيلهم مرتين بالخطأ.
يساند شاب اسمه تيتو مارو لوهيما الذي تعب من الوقوف. يقول مارو أنه أتى من أوغندا لكي يسجل اسمه في لائحة الاستفتاء. درس مارو االطب في عاصمة أوغاندا ليصبح طبيباً. ويقول مارو :"أخيراً انتهت الحرب في جنوب السودان- أتمنى أن نحصل على استقلالينا". مارو هو نموذج للكثير من السودانيين من الجنوب الذين فروا من بلادهم إلى دول أخرى ثم عادوا لكي يشاركوا في إعادة بناء وطنهم. ويضيف مارو" نخشى حتى اليوم أن يشن الشمال حرباً جديدة علينا إذا انفصلنا ولكننا نتمنى أن يتم كل شيء بشكل سلمى".
وهذا الاقبال الكبير من الناخبين لتسجيل أسمائهم في لوائح الاستفتاء، يدل على دارية مواطني جنوب السودان بأهمية هذا التصويت والنتائج المترتبة علي أساسه، رغم 90% منهم أميون؛ إذ أنهم يعيشون في القرى أو في الصحراء.
تحديات كثيرة
وتقول بياتريس خميسة من لجنة الاستفتاء المسئولة عن التنظيم، إن توعية مواطنين الجنوب بأهمية الاستفتاء يشكل تحدياً كبيراً للجنة. وقد واجهت لجنة الاستفتاء الكثير من التحديات منذ البداية. ففي إحدى مرة هطلت أمطار غزيرة في ولاية جونقلي أدت إلى فيضانات في شوارع السودان وجعلت مرور السيارات من هناك مستحيلاً. ولهذا اضطرت اللجنة إلي اللجوء لبعض المساعدين ليحملوا أوراق التسجيل إلى قرى تلك الولاية. وقد تم نقل بطاقات الانتخابات سيراً علي الأقدام أو في قوارب الكانو.
وتقول خميسة :"على الرغم من المصاعب التي واجهناها فأنا سعيدة برؤية الناس يحاولون أن يساندوا وطنهم." ومع هذا ترى خميسة أن ثلاثة ملايين ناخب من أصل خمسة ملايين سجلوا أسماءهم في لوائح الاستفتاء عدد مبشر وأكثر من المتوقع. وهي ليست الوحيدة المتفائلة، بل هناك الكثير من المواطنين المتفائلين في جنوب السودان الذين يدركون تماماً أهمية هذا الاستفتاء علي الرغم من المخاوف التي تساورهم.
سيمونه شليندفاين/ منى حفنى
مراجعة: عارف جابو