حرائق تركيا.. تجاذبات سياسية وتحقيقات بتهمة "إهانة الرئيس"
٥ أغسطس ٢٠٢١بدأت فرق الإغاثة التركية اليوم الخميس (الخامس من آب/أغسطس) بإجلاء مئات السكان بحراً، فيما اقترب حريق من محطة للطاقة الحرارية تخزن آلاف الأطنان من الفحم. وعلى وقع إنذارات الاخلاء، كان السكان يكدسون المقتنيات القليلة التي تمكنوا من أخذها من منازلهم على متن زوارق سريعة لحرس السواحل الذين جندوا في مرفأ أورين قرب مدينة ميلاس التي تقع بجوارها محطة الطاقة، كما أفاد صحافيو وكالة فرانس برس على الأرض.
وأكدت السلطات المحلية أن مخازن الهيدروحين المستخدمة لتبريد المحطة التي تعمل بالفيول والفحم، أفرغت وملئت بالمياه احترازاً. وقال المسؤول المحلي عثمان غورون للصحافيين: "ثمة احتمال في انتشار الحريق ليطال آلاف الأطنان من الفحم الموجودة" داخل المحطة. وأظهرت مشاهد بثها رئيس بلدية ميلاس محمّد توكات حريقاً مستعراً عند مدخل المحطة وكتب في تغريدة: "يجري الآن إخلاء المحطة بالكامل".
ونجحت فرق الإطفاء بداية في السيطرة على الحريق بفضل طائرتين قاذفتين للماء أرسلتهما إسبانيا ومروحيات أفرغت مياها من البحر على قمم الجبال والمناطق السكنية القريبة. إلا ان ألسنة النار اندلعت مجدداً. وغرّد رئيس البلدية: "نرجوكم ونحذركم منذ أيام. الحريق طوق المحطة"، طالباً "إرسال طائرة قاذفة للمياه فوراً".
لكن رئيس دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية، فخر الدين ألطون، أكد فيما بعد أنه "لم يتم تسجيل" أي أضرار جسيمة بمحطة الطاقة الحرارية التي وصلت إليها الحرائق. وشدد ألطون على أنه جرى وقف تشغيل المحطة بسبب وصول نيران حرائق الغابات إلى موقعها، وإجلاء كافة العاملين بها.
"استغلال الحرائق سياسياً وقضائياً"
وتواجه الحكومة التركية انتقادات كثيرة حول إدارتها للأزمة والنقص في طائرات مكافحة الحرائق. وتأخذ المعارضة على الرئيس رجب طيب أردوغان فشله في المحافظة على قاذفات المياه التي تملكها تركيا والتأخر في قبول المساعدة الدولية.
في المقابل، حذر المجلس الأعلى التركي للمرئي والمسموع محطات التلفزة من بث معلومات حول الحرائق "قد تثير الخوف والقلق" في نفوس السكان. بينما اتهم اردوغان في مقابلته التلفزيونية المعارضة بالسعي لتحقيق منفعة سياسية من الوضع، في حين تتأثر دول الجوار مثل اليونان أيضاً بالحرائق. وقال إن "حرائق الغابات تشكل تهديداً دولياً مثل جائحة كوفيد ... مثل أي مكان في العالم، حدثت زيادة حادة في حرائق الغابات في بلادنا. يجب ألا يكون هناك مجال للسياسة في هذه القضية".
إلى ذلك فتح المدعي العام في أنقرة تحقيقاً في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تم وصفها بأنها ذات طبيعة "إجرامية". وصرّح في بيان "إن بعض الأفراد والجماعات يعملون على إثارة الخوف والذعر بين الناس، وتحقير الحكومة التركية". وتشمل "الجرائم المرتكبة"، وفقاً للادعاء، "التحقير من مسؤولي الحكومة وإهانة الرئيس". وجرى تداول وسم "helpturkey" (أنقذوا تركيا) على نطاق واسع على موقع تويتر.
"حرائق غير مسبوقة" منذ 2003
ويجتاح أكثر من 180 حريقاً منذ الأربعاء الماضي غابات وأراضي زراعية، إضافة إلى مناطق مأهولة على السواحل التركية على المتوسط وبحر إيجه، أوقعت ثمانية قتلى.
كذلك طالت النيران مواقع سياحية استعادت نشاطها في الفترة الأخيرة بعد أشهر من القيود المفروضة لاحتواء تفشي وباء كوفيد-19. وأفاد مركز المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية التابع للاتحاد الأوروبي أن قوة الحرائق في تركيا بلغت كثافة "غير مسبوقة" منذ 2003. ويفيد خبراء أن التغير المناخي في دول مثل تركيا يزيد من خطورة هذه الحرائق. وقال وزير الزراعة التركي بكر باكديميرلي إن الحرارة في مدينة مارمريس الواقعة على بحر إيجه بلغت مستوى قياسياً مع تسجيلها 45,5 درجة خلال الأسبوع الحالي. وقال الوزير للصحافيين: "نحن نشن حرباً. يجب أن تبقى معنوياتنا عالية. أحث الجميع على التحلي بالصبر".
وتأتي التطورات الأخيرة في تركيا في وقت لامست فيه الليرة التركية اليوم الخميس أدنى مستوياتها مقابل الدولار الأمريكي في أسبوع بفعل مخاوف حيال السياسة النقدية بعد أن قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أسعار الفائدة ستنخفض. وخسرت العملة قرابة 12 بالمئة منذ بداية العام الجاري. وفي مقابلة جرى بثها، قال أردوغان إن التضخم، الذي بلغ أعلى مستوى في عامين في تموز/يوليو، سيتباطأ بعد آب/أغسطس وإن أسعار الفائدة ستهبط، مكرراً معارضته المستمرة منذ أمد بعيد لأسعار الفائدة المرتفعة.
م.ع.ح/و.ب (د ب أ ، أ ف ب)