حرية الفكر أولى ضحايا القمع في العالم العربي
يقضي عارف دليلة، الخبير الاقتصادي وعميد كلية الاقتصاد الأسبق بجامعة دمشق، حكماً بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة السعي لتغيير الدستور بسبل غير قانونية حسب ما قضت محكمة أمن الدولة العليا السورية في عام 2001، فيما اصطلح بتسميته محاكمة نشطاء ربيع دمشق. وعارف دليلة هو أحد مؤسسي حركة المجتمع المدني بسوريا، وهذا بالتحديد هو السبب في اعتقاله كما ذكرت د. كارين كلارك، المنتدبة عن لجنة "كتاب في السجن" التابعة لنادي القلم الدولي " الـ PEN ". وذكرت في حديثها أن محاضرة ألقاها عارف دليلة ونادى فيها بالديمقراطية والشفافية قد تسببت في سجنه.
"التحركات السريعة" شبكة لإنقاذ الكتاب المهددين
ومن أجل الدفاع عن حقوق الكتاب قامت لجنة "كتاب في السجن" " بإنشاء ما يعرف بشبكة التحركات السريعة" "Rapid Action Network" عام 1991. وتشارك فروع نادي القلم العالمي في هذه الشبكة. وتهدف الشبكة إلى محاولة إخطار الرأي العام العالمي بسرعة عند تعرض أحد منتقدي النظام للقمع. كما تسعى للتشجيع على اتخاذ موقف لإنقاذ هذا الشخص ولكن بالطبع دون اللجوء للعنف، فهذا أحد الشروط الراسخة في ميثاق نادي القلم العالمي، كما تؤكد كلارين كلارك. وفي معظم الأحوال تستطيع اللجنة عبر هذه الحركة على الأقل إيقاف أو منع التعذيب الذي يمكن أن يتعرض له الكتاب والصحفيون في بعض البلدان.
ولحماية الكتاب المعتقلين ومساعدتهم تقوم الـPEN بثلاثة نشاطات أساسية: إخبار الرأي العام، التدخل الدبلوماسي، وما يسمى بالتحركات السريعة. "هذه التحركات السريعة هي عبارة عن اعتراضات على الحكومة والسلطات القانونية. إنها خطابات ترسل من لجان "كتاب في السجن" التابعة لنادي القلم الدولي وترسل هذه الخطابات للسلطات والمسئولين. وقد نجحت هذه الأعمال إلى حد كبير، ففي العام الماضي حققت التحركات السريعة نسبة نجاح تصل لأكثر من 40%.
وفي بعض الأحيان تحاول لجنة الكتاب في السجون إيجاد حلول عبر العلاقات العامة. ويعني هذا الاتصال بالسفارات أو بوزارات الخارجية، أو ببعض الأفراد الذين يمكنهم المساعدة دون لفت الأنظار. وتؤكد كارين كلارك على أن الأولوية الأولى هي دون أدنى شك عدم تعريض الأفراد للخطر، وبالطبع فتحقيق هذا الأمان للأفراد يضع حدوداً لإمكانيات التدخل.
المفكرون هم ضحايا القمع
وينتقد نادي القلم الدولي الـ"PEN" أوضاع السجن في العديد من الدول العربية مؤكداً أنها مخالفة صريحة للشروط الأساسية لحقوق الإنسان . فعادة ما يتعرض المقبوض عليهم للتعذيب أثناء الاستجواب، لكي يدلوا بأسماء شركائهم المفترضين أو كي يقدموا إقراراً بالخيانة الوطنية حسب سيناريو مرسوم من جهاز المخابرات. وتضيف كلارك في هذه النقطة: "أنا أفكر في سوريا، حيث يتم القبض على أي معارض، وإلقاؤه في السجن وتعذيبه أيضاً في بعض الحالات. نحن نعرف أن التعذيب لازال قائماً في العديد من الدول. وفي بعض البلاد تعذب النساء أيضاً، وللأسف ففي معظم هذه الحالات يعني هذا اغتصابهن."
وكثيراً ما يحاول الحكام تبرير أعمال القهر التي يقومون بها مع كل معارضيهم فيتخذون من الدين حجة. ولكن حسب تقديرات نادي القلم الدولي الـ"PEN" الأمر لا علاقة له بالدين أو بأي أيديولوجية، وإنما هو مجرد قهر سياسي، وإساءة لاستخدام السلطة. فبالنسبة لكارين كلارك يعد الأمر علامة مميزة لتعصب أصحاب النفوذ. ويتساوى الأمر إن كان هذا النفوذ ديني أو حكومي. فالمتعصبون يسعون دائماً للحكم السياسي. فالأمر إذاً لا يتعلق بالدين ولكن بالسلطة السياسية، ويكون الضحية دائماً هو من يحاول التفكير بطريقة مختلفة.