حقول بافاريا الخضراء.. تتحول إلي محطات للطاقة الشمسية!
٢٥ أكتوبر ٢٠٠٩رغم أن سطوع الشمس في ولاية بافاريا ليس دائماً، إلا أن الولاية تشهد ثورة في تكنولوجيا تحويل الطاقة الشمسية إلي طاقة كهربائية، وقد اجتاحت حمى هذه التكنولوجيا أراضي الولاية الزراعية في السنوات الأخيرة بشكل كبير. وأينما تجولت في ربوع الولاية، فإن عينيك لا تخطئ ألواح خلايا الطاقة الشمسية الزرقاء التي تغطي أسطح المنازل والمنشآت الرياضية والمباني الحكومية بل أن عدداً من المزارع في أرض الولاية استبدلت الزراعة فعلياً بألواح الخلايا الشمسية الزرقاء. الأمر الذي دفع بالعديد من المناهضين لهذا التوسع الغير مسبوق في استخدامات الطاقة الشمسية علي حساب الأرض الزراعية إلي رفع شعار لن "نأكل الشمس" في تعبير مجازي عن الغضب من تقلص حقول الولاية الخضراء.
ووفق اتحاد رابطة الماء والكهرباء، فإن عدد وحدات الطاقة الشمسية وصل إلي 160 ألف وحدة وسط الاستمرار في تقديم الطلبات لاستخراج تصاريح جديدة لإنشاء مزيد من المحطات. الأمر الذي يعزز مخاوف المسؤولين في الولاية من هجرة فلاحي بافاريا للزراعة واستثمار مزارعهم في إنتاج الطاقة الشمسية، لكن أحد الأسباب الرئيسية في ذلك هو تدني أسعار الحبوب والألبان التي هي مصدر رزق الفلاحين.
مزارع عائلية تتحول إلى محطات للطاقة
أحد هؤلاء الفلاحين، هو "ماريو مونش" وهو ابن لعائلة ريفية في ولاية بافاريا، استطاع أن يقنع عائلته بتحويل مزرعتهم التي تقع علي مساحة 11 ألف متر مربع من مزرعة منتجة للحبوب وتربية الأبقار إلى مزرعة للطاقة الشمسية. وكان ماريو اقترض قبل 4 سنوات نصف مليون يورو لتشييد ثلاثة آلاف خلية ضوئية في محطة تمد قريته الآن بالطاقة الكهربائية النظيفة. ووفق ما يراه ماريو، فإن ذلك يمثل استثماراً جيداً مكنه من تأمين دخل جيد للعائلة يفوق دخل الإنتاج الزراعي وساعدته تلك الأرباح الآن في تأسيس شركة خاصة يعمل فيها 17 عاملاً برأس مال قدره 20 مليون يورو. ورغم أن عائلته عارضت ذلك المشروع في البداية، إذ كان من الصعب أن تتخلي عن مهنة توارثتها الأجيال، إلا أنها أصبحت الآن مقتنعة به خاصة وأن عائده يفوق العائد الزراعي بكثير.
وفي الوقت الراهن، هناك مفاوضات بين الحكومة وعائلة "فورستن" لإنشاء محطة جديدة في فيلدكيرشن على مساحة تبلغ 190 هكتار مملوكة للعائلة. لكن المعارضين لهذا التوسع في إنتاج الطاقة الشمسية ينتقدون تقليص الأرض الزراعية من ناحية، كما ينتقدون إفساد المشهد الجمالي في الولاية، بينما يرى المؤيدون لها أن البعض يعترض على كل مصادر الطاقة، ويقول أحدهم: "إنهم يعترضون على استخراج الطاقة من الفحم أو من المفاعلات النووية ومن شأن ذلك أن يؤدي في النهاية إلى العيش دون طاقة!".
الكاتب: صلاح سليمان - ميونخ
مراجعة: سمر كرم