حلف الناتو بين عولمة مهامه وغموض دوره السياسي
١٠ فبراير ٢٠٠٦أعلن مسئولون في وزارة الدفاع الأمريكية أن وزير الدفاع الأمريكي رمسفيلد سيلتقي اليوم وزراء دفاع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي / الناتو لمناقشة إمكانية توسيع القوة الدولية للمساعدة في بسط الأمن في مناطق أخرى في أفغانستان. يذكر أن الحلف الأطلسي يقوم بمهة تثبيت الأمن في أفغانستان منذ أن قامت القوات الأمريكية بإسقاط حكم الطالبان. ورغم تجاوز الحلف للإنقسامات الحادة بين أعضاءه حول شرعية وضرورة الحرب على العراق، إلا أن دوره على الصعيد السياسي لا يزال غير واضح. كما أن مواجهة التهديدات الجديدة المتمثلة في عولمة الإرهاب تنذر بتوسيع مهامه في المستقبل وبتغيير دوره في منظومة العلاقات الدولية.
رؤية ميركل لدور الناتو
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل قد تطرقت في أول خطاب لها حول الخطوط العريضة والدوافع المبدئية للسياسية الخارجية الألمانية إلى دور الناتو في إطار فعاليات مؤتمر ميونيخ للأمن في العام الماضي. ومن المعروف أن جوهر السياسة الأمنية والخارجية يتمثل في حرص برلين على تفعيل الدور الألماني في إطار سياسة أمنية أوروبية موحدة. وقد سبق وأن صرحت أنجيلا ميركل في هذا السياق قائلة: "على أوروبا أن تكون قادرة على الأخذ بزمام الأمور على صعيد السياسة الأمنية". وأضافت: "إن هذا لا يعني أن يحل الإتحاد الأوروبي محل حلف شمال الأطلسي، بل أن يكمله. إن ما يهمنا هو أن يشكل الإتحاد الأوروبي دعامة للتحالف وتقوية له، لأن الناتو كان ولا يزال الركيزة القوية لأمننا المشترك. كما يظل الناتو المنتدى الإستراتيجي للتشاور والتنسيق بين ضفتي الأطلسي. وستعمل ألمانيا على إعادة ذلك التعاون إلى الجوانب التي لم يشملها بعد."
وينبغي الإشارة في هذا السياق إلى أن قدرة الحوار الإستراتيجي بين الحلفاء داخل منظومة الناتو كانت محور مباحثات نفس مؤتمر الأمن في هذا العام في ميونيخ. وكان المستشار السابق غيرهارد شرودر قد تطرق إلى هذه القضية، معتبرا وقتها أن التحالف العسكري لم يعد المكان المناسب للتشاور بين دول ضفتي الأطلسي الست والعشرين، مما أثار ردود فعل متباينة آنذك. ورغم الدعوة التي وجهها المستشار الألماني السابق إلا أن "ثقافة الحوار عبر الأطلسية" داخل هيئات التحالف العسكري لم تشهد تتغيرا يذكر، وفق إجماع المراقبين.
تباين المواقف على ضفتي الأطلسي
يشكل تعداد جيوش الاتحاد الأوروبي مجتمعة مليوني جندي مسلح. وهذه قوة لا تضاهيها حتى قوات الجيش الأمريكي. غير أن جزءاً صغيراً منها فقط قادر على العمل خارج الحدود الأوروبية. لذلك يسعى الاتحاد الأوروبي في إطار سياسته الدفاعية والخارجية المشتركة لإنشاء قوات تدخل عسكرية خاصة قوامها 60000 رجل بحلول عام 2007. وينبغي لهذه القوات أن تكون قادرة على الوصول إلى أي منطقة في العالم خلال مدة قصيرة والبدء بعملياتها. من جانبها لا تنظر الولايات المتحدة الأمريكية بعين الارتياح لتكوين هذه القوة. فهي لا ترى حاجة لإنشائها على أساس أنها ستلحق الضرر بالانسجام القائم بين دول الاتحاد وحلف الناتو. أما الاتحاد الأوروبي فيجادل بان اعتماد سياسة دفاعية وخارجية مشتركة سيعود بالأمن على أعضاءه، ولن يكون له أي تأثير على الدور الذي تلعبه دول الاتحاد في حلف الناتو. ولا يدور الحديث حول جيش أوروبي مشترك بقدر ما يدور حول قوات تتمثل مهامها فقط في الحفاظ على الأمن في المناطق الواقعة في محيط الاتحاد الأوروبي ومنع نشوب الحروب فيه إضافة للقيام بمهام إنسانية. ويرى المراقبون أن هذه القوات يمكن أن تشكل نواة تشكيل مثل هذا الجيش في المستقبل المنظور. أما قوات "سفور" الأوروبية المرابطة في الجبل الأسود والبوسنة فإنها تسلمت القيادة في هذه المناطق من حلف شمال الأطلسي. غير أنها ما زالت تعتمد اعتمادا مباشرا على قوات الحلف في القيام بمهامها.
شيفر: عضوية إسرائيل في حلف الأطلسي ليست مطروحة على الطاولة
ومن جهته رفض الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اليوم الخميس الدعوة لمنح إسرائيل عضوية حلف الأطلسي بوصفه "مظلة كبيرة" لحمايتها من اي تهديدات إيرانية. وقال ياب دي هوب شيفر للصحفيين في اجتماع لوزراء دفاع حلف الأطلسي في ميناء تاورمينا في جزيرة صقلية "انها مسألة أخلاقية.. مسألة عضوية اسرائيل ليست على الطاولة." ونسب الى وزير الدفاع الإيطالي انتونيو مارتينو في وقت سابق هذا الاسبوع دعوته لمنح اسرائيل عضوية الحلف. وأشار مارتينو الذي تحدث في نفس المؤتمر الصحفي الذي تحدث فيه دي هوب شيفر الى ان اي خطوة باتجاه العضوية لا يمكن ان تأتي الا بعد طلب إسرائيلي. ويمكن ان يستغرق النظر في طلب العضوية سنوات. ولكنه أعاد تأكيد وجهة نظره بان إسرائيل تواجه تهديدا محددا من جانب إيران . وقال مابتينو: "ان اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي يشكك الآخرون بحقها في الوجود." وسعت إسرائيل في الأعوام الأخيرة إلى تعزيز صلاتها بحلف الأطلسي ولكن دون ان تتقدم بطلب العضوية في الحلف. ومن المقرر ان يبحث وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز غدا التعاون الدفاعي مع وزراء من الحلف ونظرائهم من ست دول عربية.
واشنطن تحث حلفاء الأطلسي بشأن قوة الرد السريع
قال مسئول أمريكي اليوم الثلاثاء أن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد سيضغط على الحلفاء في صقلية خلال الأسبوع الجاري للتعهد بالمزيد من القوات في قوة الرد السريع لحلف شمال الاطلسي التي ينقصها افراد قبل اشهر من الموعد المقرر لإعلان بدء عملها على النحو الكامل. وقال البنتاجون إن رامسفيلد سيطير الى مدينة تورمينا التي تعود الى القرون الوسطى لحضور اجتماع غير رسمي لوزراء الدفاع من الدول الست والعشرين الأعضاء في الحلف تستضيفه ايطاليا يومي الخميس والجمعة. وقال مسئول عسكري بارز في إفادة للصحفيين قبل اجتماع الحلف. "هذا عام مهم جدا لقوة رد الفعل التابعة لحلف شمال الأطلسي". كما خطط الحلف لإجراء مناورات جوية وبرية وبحرية في يونيو / حزيران في جزر الرأس الاخضر في المحيط الأطلسي لتكون اختبارا نهائيا لقوة الرد السريع. ويريد الحلف من القوة ان تكون قادرة على الانتشار في نقاط الصراع البعيدة خلال خمسة ايام ويأمل في جعلها قادرة على على العمل بحلول الاول من اكتوبر/ تشرين الاول. غير ان الولايات المتحدة قالت إن دول الحلف تعهدت بتقديم نحو 80 في المئة من القوات التي ستكون جزءا من القوة خلال الفترة من يوليو/ تموز إلى ديسمبر / كانون الأول.