حملة الشهادات من الأجانب لا يجدون فرص عمل تناسب كفاءاتهم
٨ مايو ٢٠١٠محمد أبو سالم شاب مصري يبلغ الثامنة والثلاثين من العمر، هاجر منذ خمس سنوات إلى ألمانيا وهو من خريجي كليتي التجارة والآداب في القاهرة. عمل أبو سالم بعد إتمام دراسته في مصر لمدة تسعة أعوام، في البداية كمحاسب، ثم في قسم المعلومات في شركة خاصة. ولما قدم إلى ألمانيا لم يكن يملك تصريحاً بالعمل. وحتى بعدما حصل على هذا التصريح، لم يكن بإمكانه العمل في المجال الذي درسه في مصر.
عائق اللغة
محمد أبو سالم يرجع ذلك إلى العقبات العديدة التي تعود إلى النظام العام. "العقبة الأولى هي اللغة الألمانية، فهي لغة صعبة كما أن المرء يحتاج إلى وقت طويل، حتى يحصل على مستوى جيد يؤهله لدخول سوق العمل." مقابل ذلك سيكون المرء مضطراً لقبول مهن ذات مستوى منخفض، أو تلك التي لا يحتاج فيها المرء إلى إتقان اللغة.
اللغة إذن هي أحد العوائق التي تقف في وجه الأجانب لدخول سوق العمل في ألمانيا، كما يؤكد الدكتور أنور حديد من جامعة أولدنبورغ الألمانية، الذي قام بدراسة ميدانية عن وضع المهاجرين حاملي الشهادات في ألمانيا وتأقلمهم مع سوق العمل فيها. نتائج الدراسة لم تكن مفرحة، كما يقول الدكتور حديد. على العكس من ذلك، فقد "كانت مروعة، إذ كان 66 في المائة من مجموع المائتين وستين شخصاً الذين اشتركوا في الدراسة، كانوا عاطلين عن العمل، مع العلم أنهم كانوا حاصلين على تخصصات في مجالات يحتاجها الاقتصاد الألماني".
وهذا ما يعتبره الدكتور أنور حديد خسارة للاقتصاد الألماني، السبب يعود لعامل اللغة، إضافة إلى صعوبة معادلة الشهادات الجامعية في ألمانيا أيضاً، خاصة تلك التي تم الحصول عليها في دول لا ترتبط باتفاقيات مع ألمانيا في هذا المجال. كما أن هناك مهن، كالتدريس والطب والمهن القضائية، لا يمكن ممارستها في ألمانيا إلا بعد التخرج من معاهد ألمانية علياً، معترف بها من قبل الدولة.
دورات تدريبية لتأهيل الأجانب
أما السبب الثالث الذي يذكره الدكتور حديد، والذي يقف حائلاً أمام اندماج أصحاب الشهادات من المهاجرين في سوق العمل الألمانية، فهو عدم تواجد دورات تدريبية في ألمانيا تساعد الأجانب على تأهل تخصصاتهم. "فالمهندس الذي درس في تركيا أو أوكرانيا أو إيران، لا يمكنه ممارسة المهنة دون دورات تدريبية توضح له وضع ممارسة مهنة المهندس هنا في ألمانيا"، كما يوضح الدكتور حديد.
لذا أطلقت جامعة أولدنبورغ شعبة دراسية جديدة تحمل اسم "التعليم والاستشارة في محيط متعدد الثقافات"، حيث يمكن لأصحاب الشهادات من المهاجرين الحصول على دورات تدريبية في مجالي التدريس والتربية، وتؤهلهم للحصول على شهادة بكالوريوس ألمانية معترف بها، وبالتالي يمكنهم ممارسة المهنة التي تعلموها. وعلى الرغم من أن منح إمكانية الدراسة في ألمانيا هي خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تبقى غير كافية، كما يقول الدكتور حديد. هذا الأمر وصل إلى أعلى مستويات النقاش السياسي في ألمانيا. فالحكومة الاتحادية قررت ابتداء من مطلع العام القادم، منح كل المهاجرين حق معادلة شهاداتهم وخبراتهم العملية، وهو حق كان مقتصراً على مواطني الإتحاد الأوروبي فقط. الشاب المصري محمد أبو سالم قرر من جانبه العمل بشكل مستقل، حيث يصمم مواقع إلكترونية لشركات خاصة كما أنه يمنح خدمات تتعلق بالشبكة العنكبوتية.
الكاتب: خالد الكوطيط
مراجعة: عماد مبارك غانم