حوارعلى نارهادئة حول قضايا الاندماج والاسلام في الإعلام الألماني
١١ يوليو ٢٠١٣”يجب أن نقول للمسلمين في ألمانيا بأنهم جزء من المجتمع وبأنهم مواطنون لهم كافة الحقوق ولكن في المقابل فالمسلمون عليهم تقبل انتقاد دينهم لأن هذا يدخل في إطار حرية التعبير والتي لا يمكن التنازل عنها” كانت هذه كلمات صرح بها الصحافي الألماني ألبريشت ميتزغر لـ DW عربية في تعليقه على ضرورة اندماج المسلمين في المجتمع، وتأثير ذلك على إعطاء صورة حقيقة وايجابية عن الإسلام.
لكن ميتزغر يؤكد في الوقت ذاته على ضرورة احترام حرية التعبير وعدم تقييدها تحت أي ذريعة وهنا نقطة الخلاف الجوهرية بين المسلمين الذين يرون في انتقاد الإسلام استفزازا لهم، ويطالبون بتقنين حرية التعبير. المحجوب بنسعيد مسؤول الاتصال في المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) يرى في حوار مع DW أن ممارسة "حرية التعبير بمسؤولية والتقيد بأخلاقيات مهنة الصحافة" شرط ضروري لتجاوز مظاهر عدم الفهم المتبادل والصدام بين الثقافات.
وكمدخل لمعالجة قضايا الاسلام الحرية في الإعلام الألماني يقترح عدد من الخبراء والإعلاميين، إعطاء المسلمين فرصة للحضور أكثر في الإعلام، وهو ما عبر عنه الإعلامي الألماني عبد الأحمد رشيد بقوله ”صحيح أن الأمور تطورت خلال السنوات القليلة، ولكن مع ذلك فحضور المسلمين في الإعلام ما زال ضعيفا". وهو ما يعزوه الإعلامي الألماني(من أصل أفغاني)، أولا "للصعوبة التي يجدها المسلم في الانخراط في المجال الإعلامي في ألمانيا وكذلك إلى قلة المسلمين الذين يمتلكون كفاءة في المجال الإعلامي الأمر الذي يجعل من ناس لا يعلمون شيئا عن الإسلام يتحدثون عنه"، ضعف حضور إعلاميين مسلمين يؤدي إلى تزايد الصور السلبية عن الإسلام ولا يتيح إمكانية الحوار والتفاعل من أجل تجاوز سوء الفهم.
قضايا الحرية والاندماج وتأثيرها على صورة الإسلام في الرأي العام الألماني شكلت موضوع حوار بين خبراء وإعلاميين، من ألمانيا والعالم الإسلامي، برعاية المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) في بون نهاية الأسبوع الماضي.وعلى هامشها حاور موقع DWإعلاميين حول البدائل المطروحة لتجاوز سوء الفهم وتعميق الحوار بين الطرفين.
اندماج المسلمين في الحقل الإعلامي
مع أن الإعلام الألماني يحرص على أن تكون جميع مكونات المجتمع الألماني حاضرة فإن الدكتور دانييل مولر المختص في قضايا الاندماج والإعلام يرى بأنه ”يجب تحاوز مفهوم الحرص على التعددية والكوطة(نظام الحصص) إلى مفهوم أشمل وهو التنوع أي أن يكون المشهد الإعلامي الألماني متنوعا من حيث توجهاته وكذلك من حيث الفئة التي يتوجه لها كما يجب أن يسمح بمشاريع إعلامية حرة حتى يعبر فيها كل طرف عن أفكاره".
ولكن المشكل في نظر مولر يكمن في أن ”الجميع يقول بأنه يمثل الإسلام، بينما هناك تعبيرات متعددة للاسلام، فكل يطبق الإسلام على حسب فهمه ويقول بأنه يمثل الإسلام”، هذا المشكل حسب الصحفي ألبرت ميتزغر ”يزداد سوءا وتعقيدا عندما يصبح بعض المتطرفين يقولون بأنهم هم من يمثلون الإسلام الصحيح ومن حقهم بأن يقوموا بأعمال العنف ضد الآخرين، وهذا ما يعطي صورة سيئة جدا عن الإسلام ويؤثر على المسلمين في ألمانيا”.
وإذا كانت أعمال بعض المتطرفين والتي يتم التركيز عليها من طرف الإعلام ، قد أساءت للمسلمين في ألمانيا وجعلت منهم دائما موضع اتهام وهذا ما عبر عنه ألربت متزغر بقوله ”منذ أحداث 11 سبتمبر / أيلول، والمسلمون يتم وضعهم موضع اتهام دائما وأصبح المسلمون ينعزلون عن المجتمع حتى يتجاوزوا هذه الاتهامات وهذه أمر خطير بالنسبة للمجتمع الألماني".
فإذا كان تركيز قسم من وسائل الإعلام على بعض الأمور السلبية لدى المسلمين قد أدى إلى تكوين صورة خاطئة لدى الرأي العام الألماني فإن الصحافية جولي شوانيك ترى بأنه ”يتعين على المسلمين بأن ينخرطوا في المجتمع من اجل إعطاء صورة أفضل عن دينهم وثقافتهم وعدم عيش دور الضحية بل يجب أن يندمجوا في المجال الإعلامي حتى يعطو الصورة الصحيحة عن الدين الذي ينتمون إليه".
حرية التعبير بين الإطلاقية والمسؤولية
ضعف حضور إعلاميين من أصول مسلمة، أدى إلى ترسيخ العديد من الصور النمطية في بعض وسائل الإعلام الألمانية، لكن ما زاد من اتساع الهوة بين المسلمين وغير المسلمين في ألمانيا هوالخلاف حول "حدود حرية التعبير"، ذلك ان مسألة انتقاد الدين والسخرية من الرموز الدينية التي تعتبرها الصحافة الألمانية تدخل في إطار حرية التعبير، يعتبرها قطاع مهم من المسلمين استفزازا لهم ولمعتقداتهم.
وحول هذه المسألة يقول المحجوب بنسعيد مسؤول الاتصال في المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بأن ”المسلمين لا يريدون تقييد حرية الرأي والتعبير أو الحد منها ولكن نحن نتحدث عن وضع قانون تنظيمي ليس من أجل تقييد هذه الحرية لأنه حتى في الغرب لا يمكن للصحفي أن يتجاوز القوانين القائمة فهناك قوانين تنظم الحقل الإعلامي وتضع معايير مهنية للعمل الصحفي".
الخبير الاعلامي بنسعيد أضاف أن ”مسألة انتقاد الدين تعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان التي تنص على حرية الاعتقاد لأنه لا يوجد حق يخول لك التعدي على خصوصيتي الثقافية من منطلق أنك تمارس حقك في التعبير وحتى في الغرب هناك العديد من الأصوات التي تقول بأن هذه الحرية يجب أن ترتبط بالمسؤولية وهذا ما نطالب به أن تكون هناك حرية تعبير مسؤولة”.
لكن الصحفي الألماني ألبريشت ميتزغر يرى بأن مسألة انتقاد الأديان هو ”أمر عادي ولا يمكن التراجع عن حرية التعبير فقط من أجل إرضاء البعض، حتى المسلمين ينتقدون معتقدات الآخرين وأفكارهم وبالتالي عليهم أن يتقبلوا أيضا النقد"، أما فيما يتعلق بمسالة السخرية فإن ميتزغر يعتبر بأن ”السخرية هي التي تؤدي إلى ظهور فكر تنويري، أنا مسيحي مؤمن ولكن ليس لدي مشكل مع السخرية من النبي عيسى، ، لأن الاستفزاز يؤدي إلى فتح نقاش جيد في المجتمع لذلك يجب (ممارسة)السخرية من الإسلام خاصة وأن الدين له سلطة قوية في الدول الإسلامية”.