خبير ألماني: تأسيس إخوان مصر حزبا سياسيا تحول مهم وليس مفاجئا
٣٠ أبريل ٢٠١١أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، أكبر حركة معارضة إسلامية في مصر، السبت(30 ابريل/نيسان) تأسيس حزب سياسي أطلق عليه "حزب الحرية والعدالة"، ويرأسه القيادي في الجماعة محمد مرسي. وقد أكدت الجماعة أنه سيكون حزبا "مدينا وليس دينيا"، وسيشارك الحزب في الانتخابات النيابية في أيلول/سبتمبر المقبل.
ويعد إنشاء الإخوان المسلمين لحزب سياسي، خطوة هي الأولى من نوعها بعد أن كان مؤسس الجماعة حسن البنَّا منذ تأسيسها قبل 83 عاما، يرفض فكرة الحزبية. ولتحليل أبعاد هذه الخطوة وتداعياتها المستقبلية على الحياة السياسية في مصر، حاور دويتشه فيله الخبير الألماني المتخصص في الأحزاب والحركات الإسلامية البروفيسور لوتز روغلار الباحث بجامعة لايبزيغ الألمانية.
وفيما يلي نص الحوار:
دويشته فيله: إلى أي حد يشكل إعلان جماعة الإخوان المسلمين عن تأسيس حزب سياسي، تحولا في مسار الجماعة التي كانت تاريخيا تعتبر نفسها جماعة دينية وليس حزبا سياسيا؟
لوتز روغلار: اعتقد أن إعلان تأسيس حزب سياسي هو تحول مهم في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، ولكن هذا التطور لا يشكل مفاجأة، لأن الجماعة أعلنت منذ سنوات نيتها تأسيس حزب سياسي إذا سمحت الظروف بذلك. وفي ظل النظام السابق لم يكن ممكنا للجماعة تأسيس حزب سياسي، ولكن التغيير الكبير الذي حدث في مصر بفضل ثورة 25 يناير أتاح لجماعة الإخوان المسلمين إمكانية تأسيس حزب سياسي، مثلما هو حال عدد من القوى السياسية الأخرى.
وماذا تقصد بعبارة "تحوُّل مهم" في تاريخ الإخوان المسلمين؟
يكمن التحوُّل في تأسيس حزب سياسي خاص بالإخوان المسلمين وذلك للمرة الأولى في تاريخ الجماعة. وفي بداية مراحلها، كان مؤسسها حسن البنَّا يرفض حتى فكرة التحزب والحزبية، ولذلك يعتبر تأسيس حزب خاص بالإخوان، تحولا في تاريخهم. وثانيا أن الظروف السياسية في الماضي خلال فترات حكم جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات ثم حسني مبارك، لم تكن تسمح للإخوان بتأسيس حزب سياسي.
أطلق الإخوان على حزبهم الجديد "حزب الحرية والعدالة"، هل تؤشر هذه التسمية إلى مدلول معين برأيك؟
ربما يمكن القول أن جماعة الإخوان المسلمين كسائر القوى السياسية المعارضة ناضلت خلال العهد السابق من أجل حرية العمل السياسي والحزبي وأيضا من أجل إعادة توزيع الثروات بشكل عادل في البلاد. ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن هذه التسمية ترمز إلى توجهات مركزية في سياسة الحزب. وربما أيضا يريد الإخوان المسلمون من خلال هذه التسمية القول بأنهم يستجيبون للمطالب الأساسية للشعب المصري.
ألا تشير هذه التسمية إلى تقارب ما مع حزب العدالة والتنمية التركي أم أن التجربتين مختلفتين؟
يمكن أن نجد في تسمية حزب الحرية والعدالة إشارة لوجود تقارب مع حزب العدالة والتنمية التركي، وقد أشار بعض قادة الإخوان المسلمين خلال الأسابيع الماضية إلى وجوب تقارب معين بين التجربتين، لكنهم أكدوا في نفس الوقت على خصوصية الوضع السياسي والاجتماعي في مصر.
الحزب الجديد أعلن أن ترشيحاته في الانتخابات البرلمانية المقبلة لن تتجاوز 50 في المائة من الدوائر الانتخابية، هل يشكل ذلك رسالة طمأنة لأطراف معينة في الداخل والخارج؟
لاشك في ذلك، ولكن هذا القرار هو نابع أيضا من مبدأ أقره الإخوان المسلمون منذ سنوات ويطلقون عليه "المشاركة وليس المغالبة"، والهدف من ذلك هو طمأنة بعض القوى السياسية في الداخل وأيضا بعض العواصم الغربية.
وهل يشكل ذلك، برأيك، خطوة تكتيكية أم هو نابع من توجه وقعي راسخ في نهجهم السياسي؟
أنا أميل للقراءة الثانية، أي أنهم يعتمدون نهجا براغماتيا لكنه ينطوي في نفس الوقت على اعتراف منهم بالواقع السياسي في مصر وعدم التأكد من حجم وجودهم الحقيقي على الساحة السياسية المصرية. فخلال العقود الأخيرة لم تشهد مصر انتخابات حرة يمتحن من خلالها الإخوان قوتهم السياسية. ورغم أنهم كانوا يشاركون في الانتخابات السابقة إلا أن الجميع يعرف أنها كانت مزورة. والإخوان المسلمون وكذلك القوى السياسية الأخرى في مصر ينتظرون الانتخابات النيابية في سبتمبر/أيلول المقبل ليروا ما هو الحجم الحقيقي للإخوان في المجتمع المصري.
ومن خلال أبحاثك ومتابعاتك لمسارهم التاريخي وأفكارهم،هل تعتقد أن الإخوان المسلمين سيلتزمون من خلال حزبهم السياسي بقواعد اللعبة الديمقراطية، أم أنهم سينقلبون عليها ويطرحون في مرحلة لاحقة شعارات من قبيل تطبيق الشريعة الإسلامية وأسلمه المجتمع المصري؟
أنا شخصيا أرجح أن تلتزم جماعة الإخوان المسلمين بقواعد اللعبة الديمقراطية، أولا، لأن هنالك توجه عام داخل المجتمع المصري نحو الديمقراطية والتعايش بين القوى السياسية المختلفة. وهنالك أيضا تيار شبابي داخل الإخوان المسلمين يسعى إلى دمقرطة هياكل ومؤسسات الجماعة. ولئن كانت هنالك صراعات موجودة حول هذا الموضوع داخل الإخوان المسلمين أو فيما بينهم وبين قوى سياسية أخر، فإنني اعتقد أن الجماعة ستحترم في نهاية المطاق متطلبات القواعد الديمقراطية، لأن الجماعة تعي أيضا الأهمية الكبيرة لهذه التجربة بالنسبة لأنظار الكثيرين خارج مصر.
وكخبير ألماني، كيف تتوقع ردود الفعل الغربية في حال فوز الإخوان المسلمين في الانتخابات المقبلة، هل يمكن أن تحدث أزمة بين مصر وعواصم غربية؟
أنا أرى أن بعض الحكومات الغربية، مثلا فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، تراقب التطورات اللاحقة في مصر وخصوصا مشاركة الإخوان المسلمين في الانتخابات. ففي السياسة الخارجية الفرنسية، مثلا، نرصد تحولا في موقف الحكومة الفرنسية من الإسلاميين وخصوصا على خلفية ما جرى في تونس، وهو ما يؤكده تصريح لوزير الخارجية آلان جوبيه الذي شدد على موقف رسمي فرنسي جديد يقوم على فكرة الحوار مع الحركات الإسلامية مثل حركة النهضة في تونس والإخوان المسلمين في مصر، وذلك اعترافا بالدور الذي لعبته الحركتان في المرحلة السابقة ولكن أيضا في مستقبل البلدين( تونس ومصر).
وماذا عن الموقف الألماني من هذه المسألة؟
حتى الآن ليس هنالك موقفا رسميا للحكومة الألمانية من مسألة الحوار مع الحركات الإسلامية بشكل عام، ولكنني أعرف أن هنالك مؤسسات سياسية قريبة من أحزاب ألمانية حاولت الاقتراب من جماعة الإخوان المسلمين من أجل التحاور واستكشاف سبل تعاون في المستقبل ربما.
أجرى الحوار منصف السليمي
مراجعة: عبده جميل المخلافي