خبير ألماني: من يتقدم للانتخابات ومن يملك السلطة الفعلية في الجزائر هما أمران مختلفان
٢٨ نوفمبر ٢٠١٢DW: في ماي/ أيار الماضي، تمكن حزب جبهة التحرير الوطني (FLN) الذي ينتمي إليه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من الفوز في الانتخابات التشريعية. والجزائر الآن مقبلة على الانتخابات البلدية. ما هي الأهمية التي تكتسيها هذه الاستحقاقات بالنسبة للجزائر؟
فيرنر روف: يجب دائما توخي الحذر فيما يخص موضوع الانتخابات في الجزائر. فمن يسمح له بالتقدم إلى الانتخابات ومن هو صاحب السلطة الفعلي هما أمران مختلفان. وفي الجوهر، جهاز الأمن العسكري هو من بيده السلطة. وكل شيء آخر هو في واقع الأمر مجرد إكسسوار. والانتخابات التشريعية في مايو/ أيار الماضي لم تخرج عن هذه القاعدة. وخلال الانتخابات البلدية القادمة لن يسمح لبعض الأحزاب أو الجماعات في المشاركة فيها خاصة إذا كانت لها توجهات إسلامية واضحة. إضافة إلى أنه في مستنقع الفساد في الجزائر يتم اختيار الناس الذين يسمح لهم بالمشاركة أو الترشح في الانتخابات بعناية. وفي نهاية المطاف، يقوم هؤلاء بتطبيق سياسات النظام حتى يتمكنوا من الاغتناء من وراء ذلك.
الشعب الجزائري يرى كل ذلك. ألا تؤدي هذه الظروف إلى حالة من عدم الرضا؟
حالة عدم الرضا سائدة باستمرار. فلا يكاد يمر يوم دون وضع حواجز في الشوارع أو حدوث اعتداءات على ممثلي المجالس البلدية. كل ذلك يحدث بشكل شبه يومي. لكن هذه الأمور لا تهم النواة الصلبة للسلطة المنشغلة بالاغتناء عن طريق الاستيراد والتصدير، وبنية الاستيراد وخلق قروض قصيرة المدى لتمويل الاستيراد.
كيف هي الحالة الاقتصادية في الجزائر؟
عائدات الموارد النفطية أدت في الواقع إلى الحد من الإنتاجية. 98 في المائة من عائدات الدولة تأتي من تصدير الغاز والنفط. وفي المقابل يتم استيراد 97 في المائة من المواد الغذائية والأدوية وغيرها. لكن ما هو شاذ في هذه البنية هو غياب أي مصلحة لدى الحكام لتغيير هذا الوضع، لأن هذه التبعية هي أساس ثرائهم.
في بداية الثورات العربية خرج الجزائريون للاحتجاج في الشوارع. هل توجد هناك قابلية لاحتجاجات أكبر وأكثر تنظيما؟
في أعقاب الأحداث في تونس ومصر، كانت هناك احتجاجات لكن النظام قضى عليها في مهدها. كانت العاصمة مطوقة بالكامل. إذ تم نشر أكثر من ثلاثين ألف رجل أمن. وقد تعرضت فئة المحتجين القليلة المكونة من 200 شخص التي استطاعت الوصول إلى وسط المدينة إلى الضرب. لكن هذا لا يعني أن الناس لم يخرجوا للاحتجاج في الشارع على مستوى باقي مناطق البلاد. لكن لا توجد بكل بساطة حركة للتنسيق على المستوى الوطني. وتعمل السلطات للحيلولة دون حصول ذلك. ولهذا السبب تبقى هذه الاحتجاجات ذات طابع محلي ولا تكاد تجد مكانا لها في وسائل الإعلام.
كيف يمكن للغرب الوقوف إلى جانب الشعب الجزائري؟
ليس هناك سعي إلى ذلك. فالجزائر مصدر مهم للطاقة وتعتبر ضمانا في السياسة الأمنية الأمريكية، كما أنها تلعب دورا مهما في منطقة الساحل. ويمكن، على سبيل المثال، وضع شروط على عمليات الاستيراد والتصدير ويفرض على الجزائر الالتزام بها. من الممكن فعل ذلك، لكن لا أحد يريد هذا الأمر، لأن الجزائر شريك وعامل رئيسي لفرض النظام في إفريقيا. ولهذه الأسباب يتم غض الطرف عن السياسة الداخلية.
الدكتور فيرنر روف أستاذ في العلوم السياسية وباحث في قضايا السلام. شغل منصب أستاذ جامعي في جامعة كاسل الألمانية إلى غاية 2003. ونشر العديد من الكتب من بينها كتب عن الجزائر.