خبير عسكري لـDW: هذه رسائل صواريخ الحوثيين على السعودية
١٩ ديسمبر ٢٠١٧في تطوّر ميداني جديد، أعلن الحوثيون اليوم الثلاثاء (19 كانون الأول/ديسمبر 2017) إطلاق صاروخ باليستي على قصر اليمامة في الرياض، غير أن قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية قالت إنها تمكنت من اعتراض هذا الصاروخ، فيما أكدّ شهود عيان في الرياض سماعهم لدوي انفجار أعقبه عمود دخان، ولم يُعلن عن وقوع أي خسائر بشرية جرّاء هذا الصاروخ.
وتعدّ هذه ثاني مرة يصل فيها صاروخ أطلقه الحوثيون إلى كل هذه المسافة، بعد صاروخ يبلغ مداه 750 كيلومتراً، كان قد استهدف مطار الملك خالد في الرياض بداية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، واستطاعت القوات السعودية اعتراضه فوق المطار. وقبل هذا التاريخ، أطلق الحوثيون وقوات الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح (اغتاله الحوثيون مؤخراً بعد فكّه التحالف معهم)، ما يقارب 77 صاروخاً بالسيتياً على الأراضي السعودية وفق رواية التحالف العربي.
ويرى الخبير العسكري العراقي، اللواء الركن المتقاعد ماجد القيسي، في تصريحات لـDW عربية، أن الهدف من وراء إطلاق الحوثيين لهذه الصواريخ هو استراتيجي أكثر منه محاولة ضرب أهداف في السعودية؛ إذ يحاول الحوثيون استعادة التوازن العسكري على الأرض، بما أن التحالف العربي يمتلك أسلحة متطورة وعتاداً كبيراً لا يمكن أن تصل إليه قدرات الحوثيين.
ويتابع اللواء أن الحوثيين يلجؤون إلى إطلاق صواريخ بشكل منفرد، حتى يوصلوا رسائل للسعودية وللتحالف بأنهم لا يزالون موجودين على الأرض، لافتاً أن هذه الصواريخ تحتاج وقتاً طويلاً حتى تصل إلى أهدافها، ممّا يغيّب عنها عنصر المفاجأة، ويوّفر للسعودية إمكانية إسقاطها، خاصة وأن الرياض تمتلك منظومة باترويت مخصصة لإسقاط الصواريخ، وموّزعة على طول التراب السعودي.
مصدر الصواريخ البالستية؟
يتهم التحالف إيران على الدوام بتزويد الحوثيين بالأسلحة، وهو ما تنفيه طهران بشدة. آخر فصول هذا الاتهام ما جاء على لسان المتحدث الرسمي باسم "قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن"، العقيد الركن تركي المالي، الذي قال إن "استمرار استهداف المدن بالصواريخ الباليستية دليل واضح على استمرار المليشيات الحوثية المدعومة من إيران في استخدام المنافذ المستخدمة للأعمال الإغاثية في تهريب الصواريخ الإيرانية إلى الداخل اليمني، بكل الطرق والوسائل في انتهاك واضح لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".
غير أن ماجد القيسي يتساءل حول مدى حقيقة هذه الاتهامات في ظل المراقبة الشديدة لكل المنافذ القريبة من اليمن، إذ يقول إن هناك قوات عربية وأجنبية كثيرة حاضرة من الساحل الإيراني إلى السواحل العربية، منها أساطيل في البحر العربي تهدف لمواجهة القرصنة البحرية، وأساطيل أخرى في مضيق المندب بين اليمن وجيبوتي، زيادة على وجود قوات إماراتية على جزيرة سقطرى اليمنية. وتُضاف لهذه المراقبة البحرية أخرى جوية عبر طائرات حربية وطائرات تجسس وأقمار اصطناعية، ممّا يجعل تهريب الأسلحة من إيران إلى اليمن "أمراً بالغ الصعوبة، ولو وقع هذا التهريب، فسيكون علامة فشل كبيرة لمنظومة المراقبة"، يقول الخبير.
هذا المعطى، يؤكد حسب كلام القيسي، أن صواريخ الحوثيين تعود إلى فترة الرئيس علي عبد الله صالح، أي قبل إسقاط نظامه. ويوّضح القيسي أكثر بأن الحوثيين ورثوا صواريخ سوفياتية الصنع من جيش النظام السابق، يتراوح عددها بين 300و 400 صاروخ، يصل مداها إلى 500 ميل. ويمكن للحوثيين تطوير هذه الصواريخ محلياً حتى تتم الزيادة في مداها، لكن هذا التطوير، يردف الخبير العسكري، يؤثر سلباً على الرأس الحربي وعلى دقة الوصول إلى الأهداف.
الحرب إلى أين؟
بات الحوثيون يسيطرون على مناطق واسعة في الشمال اليمني، وتعاظم نفوذهم أكثر بعد سيطرتهم على صنعاء واغتيالهم حليفهم السابق علي عبد الله صالح الذي كان يخطّط لتقارب مع السعودية. تقدم الحوثيين يأتي بعد اقتراب عاصفة الحزم السعودية من الدخول في عامها الرابع، دون أن تحقق أهدافها على الأرض، أي إنهاء سيطرة الحوثيين، بل زاد الوضع تعقيداً، ومن ذلك الوضع الإنساني، إذ بات 8.4 مليون يمني على شفا المجاعة، حسب تقديرات الأمم المتحدة، فضلاً عن آلاف القتلى من المدنيين.
ويرى الخبير العسكري ماجد القيسي أن التحالف العربي كان يظّن أنه سيحسم الصراع في بضعة أسابيع، فقط لأنه يمتلك أسلحة متطورة، بينما غاب عنه الطبيعة القاسية للأراضي اليمنية، المكونة في الغالب من الجبال والهضاب الوعرة. ويتابع الخبير كما أن فشل التحالف في السيطرة على تعز تعدّ نقطة استراتيجية بالغة الأهمية، أكدّ قصور استراتيجية المتبعة في الحرب، خاصة وأن الحوثيين لا يعتمدون فقط على الحرب التقليدية بالمواجهة المباشرة، بل كذلك على حرب العصابات، ممّا يجعل الحسم العسكري أمراً مؤجلاً.
إسماعيل عزام