قانون الإسلام "ضمان" للمسلمين في النمسا
١ مارس ٢٠١٥القانون الخاص بالمسلمين في النمسا والذي يعود لعام 1912 كان بحاجة إلى مراجعة، لماذا؟
قانون عام 1912 كان بدائيا؛ لأنه ساوى بين المسلمين وبين أتباع الطوائف الدينية الأخرى في مملكة الدانوب دون أن تكون هناك مؤسسة للمسلمين تعمل كمظلة لهم. إلى جانب ذلك، كان عدد المسلمين آنذاك قليل جدا. وهو (القانون الجديد) ليس ردا على الهجمات الإرهابية الأخيرة التي نفذها إسلاميون متطرفون، إنما دمج للقوانين المتعلقة بالدين الإسلامي كانت موجودة لكنها كانت متناثرة، وكان ينبغي أن تجمع بطريقة قانونية سليمة في إطار قانون مستقل.
الانتقاد الرئيسي الذي واجهه هذا القانون، أنه شدد على المسلمين دون غيرهم بأن قانون الدولة يعلو على القوانين الدينية – إذ أنه ألزم المسلمين لفظيا بالاعتراف بالدولة والقانون. إلى أي مدى أساء هكذا بند إلى المسلمين؟
أولا وقبل كل شيء، من الطبيعي أن يكون القانون العام في دولة علمانية مقدما على القوانين الدينية. هذا أمر بديهي، حتى أنه لم يدرج ضمن النصوص القانونية المتعلقة بالأديان الأخرى. أما بالنسبة للمسلمين، فقد وُجِدَ أنه من الضروري تدوين ذلك في "قانون الإسلام" وإبرازه تماما مباشرة في المادة الثانية من القانون. في رأيي، هي إشارة غير ضرورية يمكن أن تُفسر بالشكل التالي: "في الواقع نحن لا نثق فيكم". أي أن هناك شك تجاه المسلمين بأنهم سيمنحون الأولوية للقانون الديني في كل الأحوال حتى عندما يتعلق الأمر بالتزامات تجاه الدولة.
كيف واجهت ذلك، بالنظر إلى أنك كنت مشاركا كخبير ومقيم لموضوعات "قانون الإسلام"؟
لقد قاومت ذلك فعلا. لكن عليك أن تضع في الاعتبار أنه عندما توجد قاعدة (قانونية) كهذه مرة واحدة في العالم، ويتم إبلاغها للرأي العام، فإنها تنتج قوة دفع خاصة بها. حتى يبدو السؤال القائم: لماذا يريد مسلمون فجأة إلغاء شيء بديهي، بعدها قد يعني ذلك: أنتم (يا مسلمون) لا تريدون قبول ذلك؟. من جانبها، تخشى السلطات النمساوية من أن أيّ تراجع عن ما جاء في النصوص قد يبدو خضوعا. وفي ظل وجود رأي عام أغلبه منتقد للإسلام، مظهر الساسة لن يكون جيدا.
أيضا تمّ انتقاد الفقرة التي تحرم على المؤسسات الإسلامية بتلقي تمويل من الخارج. ما جدوى ذلك؟ وهل هي رقابة أكثر تشددا من السابق؟
إنها تتعلق بالحماية. فالطائفة المسلمة باعتبارها مؤسسة عامة ينبغي أن تحصل على ضمان معين للوجود، يحميها في حال توقف التمويل الخارجي بين عشية وضحاها. التمويل الأساسي يأتي حتى الآن من تركيا. والأئمة الذين يُرْسَلَون من هناك (إلى النمسا) هم موظفون أتراك أيضا. وبسبب الفصل المؤسسي بين الكنيسة (الدين) والدولة، فإن هذا قد يعني أن أي موظف تركي لا يمكنه في نفس الوقت أن يكون رجل دين أو مرشدا دينيا. هذا غير مسموح به لموظفي الدولة في النمسا بأي حال.
الآن يفرض القانون أن تقوم الجهة الأجنبية التي تدعم المسلمين في النمسا بإنشاء مؤسسة تكون خاضعة بدورها لهيئة الرقابة النمساوية. أعتقد أن مثل هذا القيد على التمويل الأجنبي، يتلاءم مع مقتضيات الدستور، ولم توجه أيضا انتقادات لهذه الجزئية في الملاحظات التي أبدتها منظمة الأمن والتعاون في أوربا، وقيل فقط إن تطبيقه سيكون بشكل متباين قليلا.
هناك مادة أخرى تنص على أن تكوين الأئمة سيجري مستقبلا في النمسا، وأنه يجب أن يكون محل إقامتهم الرئيسي فيها. ألا يرقى ذلك إلى نوع من الوصاية؟
يتعلق الأمر بمعايير وبمستوى تعليم موحد، لتجنب التوترات ناجمة على وجه الخصوص حين يأتي شخص إلى النمسا قادما من بيئة اجتماعية مختلفة ومعرفته بالظروف المحلية قليلة. لهذا السبب، تمّ في ألمانيا إنشاء المراكز الإسلامية الأربعة لتدريس علوم الدين الإسلامي، لأن هناك ببساطة إرادة في أن يجري تدريس العلوم الإسلامية وبالتالي تدريب الأئمة محليا. وقد قبلت ذلك الجالية المسلمة وكانت حريصة دائما على أن تساهم من خلال ذلك في تقوية مسلمي النمسا.
من وجهة نظرك، ما الذي نجح فيه بصفة خاصة قانون الإسلام؟
الآن مثلا مسموح بالختان، كجزء من التقاليد الخاصة (بالمسلمين). كما أصبحت لدينا قاعدة واضحة بخصوص الذبح (وفق الشريعة الإسلامية). ولدينا قواعد واضحة للإرشاد الديني الإسلامي داخل الجيش (النمساوي)..
قيل إن الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاجتماعي المسيحي المشاركين في الحكومة الألمانية يرون أن قانون الإسلام في النمسا يمكن أن يكون له دور قيادي في أوروبا. هل توافق هذا الطرح؟
علمت بهذا من خلال وسائل الإعلام. ولم نتلق أية استفسارات محددة من الخارج.
ريشارد بوتس: رجل قانون وخبير في قانون الأديان المقارن، وهو أيضا مدير لمعهد الفلسفة القانونية وقوانين الأديان والثقافة بجامعة فيينا. شارك كمستشار في إعداد "قانون الإسلام".