"خطف" جندي إسرائيلي يخلط الأوراق مجدداً في المنطقة
١ أغسطس ٢٠١٤انهارت التهدئة الإنسانية في قطاع غزة، التي أعلنت عنها الأمم المتحدة والولايات المتحدة في بيان مشترك، بسرعة قياسية لم يكن أحد يتوقعها. فهذه التهدئة غير المشروطة كانت تمتاز عن سابقاتها بأنها حظيت بموافقة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني وتمت برعاية أمريكية وأممية. وكان من المقرر أن تتبعها على الفور محادثات غير مباشرة في القاهرة لتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار.
لكن ومع بدء دخول التهدئة حيز التنفيذ في قطاع غزة، أخذ الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني يتبادلان الاتهامات بخرقها. فقد تحدثت مصادر طبية فلسطينية عن مقتل أكثر من خمسين فلسطينياً جراء القصف الإسرائيلي على القطاع بعيد الإعلان عن سريان الهدنة. كما اعتبر الجانب الإسرائيلي من جهته أن قصفه جاء على غزة رداً على قيام الفصائل الفلسطينية بإطلاق الصواريخ وقذائف المورتر، وبالتالي فهي (الفصائل) مسؤولة عن خرق الهدنة.
انهيار سريع وغير متوقع
بيد أن الأنباء الواردة عن احتمال قيام عناصر من حماس بخطف جندي إسرائيلي، كانت بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت على هذه التهدئة التي لم تبصر النور تماماً. وفي حين قالت مصادر فلسطينية إن إعلان إسرائيل عن احتمال خطف أحد جنودها، ما هو إلا محاولة تضليل للتهرب من الالتزام بالهدنة، أعرب القيادي البارز في حركة حماس موسى أبو مرزوق عن اعتقاده أن خطف الجندي تم قبل موعد دخول التهدئة حيز التنفيذ. إلا أن أبو مرزوق رفض أن يؤكد أو ينفي نبأ خطف الجندي "لأن ذلك لو تم فسيكون الإعلان عنه من مسؤولية كتائب القسام"، الجناح العسكري لحماس.
وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية سباقة إلى إعلان انهيار الهدنة بشكل رسمي. فقد ذكرت الصحيفة المعروفة بقربها من دوائر القرار في إسرائيل نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين أن الجيش الإسرائيلي أبلغ الأمم المتحدة رسميا بنهاية الهدنة وأنه سيقوم بعملياته وكأنها لم تكن. فيما بعد أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الليفتنانت كولونيل بيتر ليرنر، هذه الأنباء مشيراً إلى احتمال قيام المقاتلين الفلسطينيين بخطف جندي إسرائيلي. كما كشف الجيش الإسرائيلي هوية العسكري الذي يعتقد أنه أسر وهو ضابط صف عمره 23 عاماً يدعى هدار غولدن من كفر سابا، شمال تل أبيب.
القاهرة تؤجل المفاوضات
الحكومة المصرية أكدت بشكل غير مباشر انهيار الهدنة، حين أبلغت مسؤولين فلسطينيين أنها قررت تأجيل المفاوضات، التي كانت ستعقد بإشرافها لتحويل التهدئة إلى وقف إطلاق نار دائم. وحسب مصادر فلسطينية ومصرية فإن إسرائيل اشتكت للقاهرة بأن مسلحين خطفوا أحد جنودها في غزة. هذه المعلومة أكدها زياد النخالة نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الذي قال لفرانس برس إن "المصريين أخبروا الحركة أن إسرائيل أبلغت مصر بأن جندياً خطف"، مضيفاً أن "المباحثات ستؤجل".
من جانبه نفى موسى أبو مرزوق نائب المكتب السياسي لحركة حماس أن تكون حركته قد خرقت الهدنة وأن أي "عملية (في إشارة إلى احتمال خطف الجدي)، جرى تنفيذها قبل بداية وقف إطلاق النار". وأشار أبو مرزوق إلى أن حماس لا تزال ترغب في الالتزام بهدنة الـ 72 ساعة إذا ما التزمت إسرائيل بها.
هذه التطورات لم تدفع بالرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى اليأس، إذ قرر إيفاد وفد فلسطيني موحد برئاسة عزام الأحمد إلى القاهرة "مهما كانت الظروف" لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة. لكن هل هناك جدوى من إرسال الوفد بعد كل ما جرى؟ الأيام المقبلة ستجيب عن هذا السؤال.
أ.ح/ ح.ع.ح (ا ف ب، د ب أ، رويترز)