خلافات حول حرب أوكرانيا وتوعد بمحاسبة الدول التي تساعد روسيا
٢٤ فبراير ٢٠٢٣سعى زعماء المال في كبرى اقتصادات العالم اليوم الجمعة (24 فبراير/شباط 2023) إلى تضييق هوة الخلافات حول كيفية التعامل مع روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا قبل عام، مع تصعيد الغرب عقوباته ضد موسكو.
واتهمت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين المسؤولين الروس في اجتماع مجموعة العشرين الذي يستمر يومين في مدينة بنغالورو الهندية بأنهم "متواطئون" في فظائع الحرب.
الهند تتجنب ذكر الحرب
لكن في تجل للانقسام مع الدول التي لم تنضم إلى جهود عزل الاقتصاد الروسي، تجنبت الهند التي تستضيف الاجتماع ذكر الحرب المستمرة منذ عام في كلمة الافتتاح وقالت إن الاقتصاد العالمي يواجه مجموعة من التحديات الأخرى.
وقال رئيس الوزراء ناريندرا مودي "أود أن أحث على أن تركز مناقشاتكم على المواطنين الأكثر ضعفاً في العالم". وأضاف أنه يجب إعادة الاستقرار والثقة والنمو إلى الاقتصاد العالمي.
وتناول مودي تداعيات جائحة كوفيد وارتفاع مستويات الديون واضطراب سلاسل التوريد والتهديدات على أمن الغذاء والطاقة باعتبارها دواعي القلق الرئيسية بالمحادثات.
وقال مسؤولون في مجموعة العشرين لرويترز إن الهند لا تريد من الكتلة مناقشة العقوبات على روسيا وتضغط أيضاً لتجنب استخدام كلمة "حرب" في أي بيان لمجموعة العشرين لوصف الصراع.
مواجهات سياسية متزايدة
لكن وزير المالية الفرنسي برونو لو مير قال إنه من المستحيل أن تتراجع المجموعة عما ورد في بيان مشترك تم الاتفاق عليه في قمة المجموعة في بالي بإندونيسيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وقال الوزير الفرنسي إن "معظم الأعضاء أدانوا بشدة الحرب في أوكرانيا" في ذاك البيان. وقال لو مير للصحفيين "إما أن تُستخدم نفس اللغة أو أننا لن نوقع على البيان الختامي".
وأصبحت مثل هذه المواجهات شائعة بشكل متزايد في مجموعة العشرين، وهي منتدى تم إنشاؤه منذ أكثر من 20 عاما في استجابة لأزمات اقتصادية سابقة لكنه تعثر في الآونة الأخيرة بسبب الخلافات بين الدول الغربية ودول أخرى منها الصين وروسيا.
وحثت يلين، في حديثها في الذكرى الأولى للغزو الروسي، اقتصادات مجموعة العشرين على مضاعفة جهودها لدعم أوكرانيا وتقييد قدرة روسيا على خوض الحرب. وقالت يلين للصحفيين "أحث المسؤولين الروس هنا في مجموعة العشرين على استيعاب أن عملهم المستمر مع الكرملين يجعلهم متواطئين في الفظائع التي يرتكبها بوتين".
ولم يحضر وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف ورئيسة البنك المركزي إلفيرا نابيولينا اجتماع مجموعة العشرين في الهند وكان هناك نواب يمثلون موسكو في الاجتماع. وتصف روسيا أعمالها في أوكرانيا بأنها "عملية عسكرية خاصة".
مجموعة السبع تتوعد
ووجه قادة دول مجموعة السبع إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة تحذيرا حازما للدول التي تساعد روسيا في الالتفاف على العقوبات المفروضة عليها على خلفية غزوها لأوكرانيا.
خلال القمة الافتراضية برئاسة اليابان في ذكرى الغزو الروسي، أكدت الدول السبع دعمها "الثابت" لأوكرانيا وحذرت موسكو من اللجوء إلى استعمال أسلحة نووية.
وقال زعماء مجموعة الدول السبع في بيان مشترك بعد القمة، "ندعو الدول الثالثة أو الجهات الفاعلة الدولية الأخرى التي تسعى إلى الالتفاف على تدابيرنا أو تقويضها للكف عن تقديم الدعم المادي للحرب الروسية أو مواجهة تكاليف باهظة".
وأضافوا "من أجل ردع هذا النوع من النشاط في كل مكان في العالم، سنتخذ إجراءات ضد الجهات الفاعلة في الدول الثالثة التي تقدم الدعم المادي للحرب التي تشنّها روسيا في أوكرانيا".
كما أكدوا أنهم "عازمون على منع روسيا من إيجاد وسائل جديدة للحصول على مواد وتقنيات ومعدات عسكرية وصناعية متطورة"، بما في ذلك من دول غربية.
لم تستهدف مجموعة السبع أي دولة بعينها في البيان، رغم استعمال روسيا طائرات إيرانية مسيّرة في أوكرانيا وتحذير واشنطن مؤخرا من أن بكين تدرس دعم جهود موسكو الحربية.
ونفت الصين هذه الاتهامات وقدمت اقتراحا من 12 نقطة بشأن تسوية النزاع.
وقال البيان الصادر عن اليابان، الرئيس الحالي لمجموعة السبع "سنبقي على الإجراءات الاقتصادية التي فرضناها بالفعل وننفذها بالكامل ونوسعها". وأشار إلى أن المجموعة ستعمل على سبل لحرمان روسيا من عائدات صادرات الألماس.
وبشكل منفصل، أصدرت واشنطن حزمة من العقوبات والتي لم تستهدف روسيا فحسب، بل استهدفت أيضاً "جهات فاعلة من دول ثالثة" في أنحاء أوروبا وآسيا والشرق الأوسط تدعم المجهود الحربي الروسي. كما فرضت بريطانيا المزيد من العقوبات على روسيا، بما يشمل حظر تصدير كل عنصر استخدمته في ساحة المعركة وحظر استيراد منتجات الحديد والصلب.
لكن مصادر دبلوماسية قالت لرويترز إن دول الاتحاد الأوروبي ما زالت تكافح للتغلب على الخلافات بشأن مجموعة جديدة من عقوبات التكتل ضد روسيا. ويقومون بمحاولة جديدة اليوم الجمعة بعد أن انتهت محادثاتهم بالفشل في وقت متأخر من مساء أمس الخميس.
وشهدت كل من الصين والهند طفرة في التجارة مع روسيا بعد فرض العقوبات، إذ زادت نيودلهي بشكل كبير مشترياتها من النفط الروسي الأرخص ثمنا.
زيلينسكي يعلن اعتزامه لقاء الرئيس الصيني
أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم إنه يعتزم عقد اجتماع مع نظيره الصيني شي جينبينغ، الشريك الوثيق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد تقديم بكين مقترحات لتسوية النزاع.
وقال زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي "أنوي لقاء شي جينبينغ. سيكون ذلك مهما للأمن العالمي. الصين تحترم وحدة الأراضي ويجب أن تفعل كل شيء لضمان مغادرة روسيا أراضي أوكرانيا".
وكانت الصين قد دعت في اليوم الذي يوافق مرور عام بالضبط على بدء الغزو إلى وقف شامل لإطلاق النار، وهو اقتراح رفضته كييف ما لم يشمل سحب روسيا قواتها.
وحثت بكين على التهدئة بشكل تدريجي وحذرت من استخدام الأسلحة النووية وقالت إن الصراع لا يفيد أحداً.
شكوك حول المبادرة الصينية
وأبدت الدول الغربية تشككاً في المبادرة الصينية، وقال حلف شمال الأطلسي إن بكين لا تتمتع بمصداقية كبيرة كوسيط. وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لبرنامج (صباح الخير يا أمريكا) الذي تبثه شبكة (إيه.بي.سي) أن "أي اقتراح يمكن أن يدفع عجلة السلام هو أمر يستحق النظر. إننا نلقي نظرة عليه".
واستطرد قائلاً: "لكن... هناك 12 نقطة في الخطة الصينية. إذا كانوا جادين بشأن النقطة الأولى، وهي السيادة، فإن هذه الحرب يمكن أن تنتهي غدا". وتابع "تحاول الصين الجمع بين الشيء ونقيضه: فمن ناحية تحاول تقديم نفسها علنا على أنها محايدة وتسعى إلى السلام، بينما تدافع في نفس الوقت عن رواية روسيا الزائفة عن الحرب".
وأضاف بلينكن أن الصين تقدم مساعدات غير فتاكة لروسيا من خلال شركاتها، مكررا اتهام بكين بأنها "تفكر الآن في تقديم مساعدة فتاكة".
وفي إستونيا، أشار الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في تصريحات للصحفيين إلى أن بكين وقعت اتفاقية مع روسيا قبل أيام فقط من غزوها أوكرانيا قبل عام. وقال "الصين لا تتمتع بالكثير من المصداقية لأنها لم تكن قادرة على إدانة الغزو غير المشروع لأوكرانيا".
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الصين لم تعرض خطة سلام بل بعض المبادئ. وأضافت "سننظر في المبادئ بالطبع، لكننا سننظر إليها في ضوء انحياز الصين إلى أحد الطرفين".
ع.ح./ع.ا.ج. (رويترز، أ ف ب)