داستانينغ.. عادة سويدية غريبة لترتيب المنزل استعداداً للموت
٣١ أكتوبر ٢٠٢١تنشغل لينا ساندغرين البالغة من العمر 84 عاماً في ترتيب منزلها الواقع في قلب ستوكهولم استعدادا لليوم الذي لن تعود فيه على قيد الحياة، في ظاهرة واسعة الانتشار بين كبار السنّ في السويد تحمل اسم "داستادنينغ". وتقول السيّدة وهي ترتّب مكتبتها على ضوء شمعة: "أقوم بذلك مرّات عدّة في الأسبوع، فيرتاح بالي".
وبدأت ساندغرين توضّب أمورها في البيت منذ نحو عشر سنوات، من الأواني إلى الكتب مروراً بالملابس ولم تترك قسماً إلا ورتّبت شؤونه. وتضيف المسنة السويدية بالقول: "أشعر بالارتياح عندما أتخلّص من المقتنيات" قبل أن تضع جانباً رزمة من الكتب عن علم النبات.
وهذا الفرز المعروف بـ "داستادنينغ" بالسويدية، عادة قديمة في هذا البلد الإسكندنافي، ينكبّ عليها الكبار في السنّ وشرحت أصولها الكاتبة مارغاريتا ماغنوسون (86 عاماً) سنة 2017. وتقول الكاتبة: "يقضي الأمر بالاعتناء بكلّ التفاصيل التي سنخلّفها بعد وفاتنا". وتوضح أن "ترتيب شؤون البيت قد يجلب ذكريات طيّبة، وإذا لم يكن الحال كذلك، فلا بدّ من التخلّص من هذه المقتنيات".
أما ابنتها جاين (53 عاماً) فترى أن هذه العادة تزيل في المقام الأول عبئاً عن كاهل أقرباء المتوفى، "فكّل هؤلاء الذين لديهم أعمال يريدون الاعتناء بالحدّ الأدنى من التفاصيل عندما لا يعود أهلهم على قيد الحياة". وتضيف قائلة بشيء من الحماس: "أنا أثمّن غاليا العمل الذي أنجزته ويسعدني أن أرى هذه العادة منتشرة في أنحاء العالم أجمع".
وتُرجم كتاب مارغاريتا ماغنوسون الذي يحمل عنوان "الفنّ السويدي للترتيب ما قبل الموت" إلى لغات عدّة وبات من "أكثر الكتب مبيعاً" بحسب تصنيف صحيفة "نيويورك تايمز" وتضمّ صفحته على "فيسبوك" نحو 18 ألف متابع. وتحصد صاحبة مدوّنة أمريكية تطبّق مفاهيم الكتاب أكثر من 3 ملايين مشاهدة للشريط الواحد الذي تعرضه على الإنترنت.
وتعود هذه الممارسات في السويد إلى تقليد منزلي قديم، إذ تكشف كريستينا أدولفسون الممثلة السابقة التي باتت تزاول الـ "داستادنينغ" إن "جارة كبيرة في السنّ أخبرتني قبل أربعين عاما بأنها ستقوم بهذا النوع من التوضيب استعدادا للموت". وتقرّ "فأدركت أننا لا نعيش إلى الأبد".
أما بالنسبة إلى مارغاريتا ماغنوسون، فتُعزى هذه الظاهرة إلى سمة ثقافية خاصة بالسويد في المقام الأول، "العالم بأسره يخشى الموت. وهي من دون شكّ حال السويد أيضا لكننا لا نخشى مواجهة هذه المسألة".
وتكتفي مارغاريتا ببضع قطع ملابس في خزانتها، في حين أن صالونها ما زال يزخر بالتماثيل الصغيرة. وتضيف قائلة: "قمت بترتيب البيت تمهيدا لوفاتي مرّات عدّة، لكن بقي لي الكثير... فيتعذّر علينا أن ننجز هذه المهمة بالكامل".
ع.غ/ و.ب (آ ف ب)