"داعش" يحتضر في سوريا ونساؤه يتوعدن بـ "فتوحات مقبلة"
٩ مارس ٢٠١٩بعد أقل من خمس سنوات على إعلان متشددي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إقامة "خلافتهم" المزعومة على منطقة ضمت أراض شاسعة، تساوي مساحة بريطانيا، بشرق وشمال شرق سوريا وغرب العراق؛ يواجه التنظيم المتطرف في الوقت الحالي خسارة منطقة الباغوز، آخر جيب له في سوريا، بعدما خسر العام الماضي كافة الأراضي، التي كان يسيطر عليها في العراق.
ومنذ أسابيع، تنتظر قوات سوريا الديموقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد، أن تحين لحظة إعلان انتصارها على "خلافة" داعش، لكن يبدو أن البقعة الصغيرة المحاصرة داخل البلدة النائية عند ضفاف نهر الفرات لم تفرغ من قاطنيها بعد، وفاق عددهم كل التوقعات.
"أين كان كل هؤلاء؟"
خرج عشرات آلاف النساء والأطفال والرجال منذ كانون الأول/ ديسمبر، من بلدة الباغوز، فرّ بعضهم من المعارك والحصار، وتمّ إجلاء البعض الآخر في حافلات وشاحنات، بعدما أبطأت قوات سوريا الديموقراطية وتيرة عملياتها العسكرية على البلدة، حيث البقعة المحاصرة.
وفي كل مرة كانت تخرج دفعة جديدة من آلاف الأشخاص، كانت قوات سوريا الديموقراطية تظن أن العملية العسكرية باتت قريبة وأن انتهاء "الخلافة الإسلامية" أصبح وشيكاً، ليتضح بعدها أن آلاف المدنيين والمقاتلين لا يزالون في الداخل. ويقول المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديموقراطية في دير الزور عدنان عفرين لوكالة فرانس برس "حين بدأنا الحملة، كنا نتوقع وجود مدنيين، لكن ليس بهذا العدد". ويتساءل "أين كان كل هؤلاء؟ تحت الأرض جميعهم؟" وبعد أن يأمل المتحدثون باسم قوات سوريا الديموقراطية في تصريحاتهم للصحافيين في أن "يشهد اليوم آخر عملية إجلاء"، يعود الأمر نفسه ليتكرر في اليوم التالي.
الفكر المتشدد لا يفارق نساء داعش
يبدو الخارجون من بلدة الباغوز منهكين وجائعين ومتألمين من الهزيمة التي لحقت بتنظيم وعدهم بـ"خلافة" مترامية الأطراف. رغم ذلك، لا يقر كثيرون منهم بانتهاء "الدولة الإسلامية".
فور رؤيتهنّ صحافيين تجمعوا في المكان، بدأت حوالى عشر نساء بالصراخ، وحمل بعضهن أحذيتهنّ أمام كاميرات الصحافيين، فيما ألقت أخريات الحجارة على الكاميرات. وصرخن "الله أكبر"، و"باقية وتتمدّد".
كنّ في طريقهن إلى الحافلات لنقلهنّ إلى مخيم الهول في الحسكة بشمال شرق سوريا. وقالت إحداهنّ "سننتقم وسيصل الدم إلى الركب"، مضيفة "خرجنا، لكن هناك فتوحات جديدة مقبلة".
صحفيون من رويترز قاموا بزيارة المخيم، فشاهدوا نساءً أجنبيات من أتباع "داعش" وهن يحاولن الاعتداء على أخريات يعتبرهن من "الكفار" في محاولة لفرض آرائهن المتطرفة عليهن رغم مواجهة التنظيم هزيمة وشيكة على الأرض. وقالت امرأة سورية في مخيم الهول: "يصرخن علينا بأننا كافرات لأننا لا نغطي وجوهنا... حاولن ضربنا".
وطوقت السلطات السورية الكردية، التي تسيطر على المخيم، الأجنبيات. وتجمعت النساء المنقبات في ملابس سوداء خلف سياج أغلقت بوابته. وقال مسؤول أمني في المخيم "الأجنبيات يلقين الحجارة. ويشتمن السوريات أو العراقيات ومسؤولي المخيم. حتى الأطفال يوجهون التهديدات".
أطلق حراس النار في الهواء لتفريق بضع مشاجرات واستخدموا صاعقا كهربائيا في إحدى المرات للسيطرة على أجنبية معتقلة وفقا لما روته سورية في المخيم.
ويشير الولاء القوي لدى أتباع الدولة الإسلامية للتنظيم إلى أن خطره سيستمر حتى بعد السيطرة على الباغوز. ومن المتوقع أيضا على نطاق واسع أن يظل المتشددون يمثلون تهديدا بسيطرتهم على مناطق نائية وشن هجمات على غرار حرب العصابات.
"نقطة الانهيار" بمخيم الهول
معظم نساء وأطفال داعش الخارجين من الباغوز نقلوا إلى مخيم الهول، المكتظ بالفعل بنازحين ولاجئين سوريين وعراقيين. ويقول مسؤولو المخيم إنه ليس لديهم ما يكفي من الخيام أو الطعام أو الدواء.
وبحسب لجنة الانقاذ الدولية، وصل 12 ألف امرأة وطفل من الباغوز إلى مخيم الهول منذ صباح الأربعاء، بينهم ستة آلاف يوم الخميس (08 مارس/ آذار 2019) وحده. وارتفع بذلك عدد القاطنين في المخيم إلى 65 ألفاً، ما تسبب بـ"أزمة صحية". وقالت مديرة التواصل لمنطقة الشرق الأوسط في اللجنة ميستي بوسويل إن وضع المخيم بلغ "نقطة انهيار".
وقال مازن شيخي وهو مسؤول في المخيم "الوضع بالمخيم مأساوي جدا .. كل الخيام حتى الكبيرة منها امتلأت" مما أجبر البعض على النوم في العراء. وبحسب معطيات لجنة الإنقاذ الدولية فإن 100 شخص على الأقل توفوا أغلبهم من الأطفال وهم في طريقهم للمخيم أو بعد فترة وجيزة من الوصول إليه.
ص.ش/ع.ج (أ ف ب، رويترز)