دراجة سكوتر - نظرة جديدة إلى ألمانيا الشيوعية
٢١ أغسطس ٢٠١٢لا يمكن القول بأن فيلم this ain't california يدخل في إطار الأعمال التسجيلية الكلاسيكية. فالفيلم يتناول ذكريات مجموعة أشخاص كانوا قبل 30 عاما من أوائل من استخدموا دراجات سكوتر في ألمانيا الشرقية الشيوعية سابقا.
ربما يعتقد الكثيرون أن مثل هذه الدراجة ( سكوتر) لا علاقة لها بدولة شيوعية مثل جمهورية ألمانيا الشرقية سابقا، غير أن أحد شخصيات الفيلم يؤكد عكس ذلك حيث "يشعر الأطفال بالاستقلالية عندما يتعاملون مع سكوتر. كان لدينا وفرة من الجدران الأسمنتية. وعندما تقدم لطفل مثل هذا الشيء الذي يدور ويتحرك عندما تدفعه للأمام فهو يشعر بالتحرك داخل هذا العالم الأسمنتي. إذن فلا علاقة لأمريكا بذلك على الإطلاق".
الأصدقاء القدامى يلتقون من جديد
تدور أحداث الفيلم في حي أولفنشتيت بمدينة ماغدبورغ، عاصمة ولاية سكسونيا آنهالت خلال ثمانينات القرن الماضي، إذ يتقابل ثلاثة أصدقاء في أحد الأفنية ذات الأرضية الأسمنتية ويقضون وقتهم بالتزلج على دراجات سكوتر ذاتية الصنع. يركز الفيلم على علاقة الصداقة بين الشباب الثلاثة وكيف يقضون وقتهم داخل العالم الذي صنعوه لأنفسهم فوق دراجات سكوتر. ويتابع الفيلم حياة الأصدقاء الثلاثة وانتقالهم إلى الشطر الشرقي من برلين وكيف ابتعدوا مع الوقت وخاصة بعد سقوط جدار برلين عن عالم دراجات سكوتر.
ويتناول الفيلم الأحداث من المنظور الحالي خاصة وأن دينيس بارسيك ، أحد الأصدقاء الثلاثة التحق بالجيش الألماني وأرسل في مهمة الى أفغانستان حيث قتل هناك عام 2011 . خلال مراسم دفن دينيس يلتقي الأصدقاء من جديد ويتذكروا أيام الماضي ومتعة اللعب على دراجات سكوتر.
حول المخرج مارتن بيرزيل/38 عاما/ والذي اعتاد ركوب دراجات سكوتر منذ عمر الثامنة، حياة مجموعة الأصدقاء وذكرياتهم عن الماضي إلى قصة تتطرق إلى شبه ثقافة لم يتخيل الكثيرون وجودها في ما كان يعرف بألمانيا الشرقية. وعن تجربته يقول المخرج بيرزيل:"الفيلم مثل الموسيقى لا يخلو من الشاعرية و إلا فإن الأمر يتحول الى التقنية البحتة"
.
الفن بين الواقعية والخيال
المقصود بالجانب الشعري في الفيلم هنا هو الخيال، فقصص أبطال الفيلم لم تحدث بالفعل ولا تشير بيانات الجيش الألماني إلى وجود شخص باسم دينيس بارسيك تم قتله في أفغانستان.
لكن منتج الفيلم رونالد فيتس يرفض الحديث عن قصص خيالية ويقول:"الخيال يعني أننا اخترعنا الأمر لكن هذا غير حقيقي فنحن لم نخترع أي قصة. استخدمنا أبحاثنا بهدف صناعة الفيلم وما قمنا به هو شيء جديد نهاية الأمر، يبرز فيه السرد بشكل كبير.أقصد بذلك أن القصص الموجودة في الفيلم حقيقية و ربما قد تكون معروضة بشكل مختلف بعض الشيء".
لكن المؤكد هو أن هذا الفيلم يعتبر تجربة جريئة. فبالرغم – أو ربما بسبب – طريقة صنعه حقق نجاحا كبيرا، تماما كما يحدث من خلال اللوحات، فكثيرا ما تستطيع الأعمال التجريدية إيصال الحقائق بشكل أعمق.
ما كان يحدث بتلقائية في الفناء الخلفي في ماغدبورغ بشرق ألمانيا أصبح يحمل معنى آخر داخل برلين. فالشباب الذين يقومون بحركات بهلوانية على دراجات سكوتر بالقرب من برج التليفزيون يجذبون الكثير من المارة الذين يتابعون تحركاتهم بانبهار و يتسآلون في نفس الوقت: ما الجدوى من ذلك؟ ومن يستفيد منه؟
ويعكس الفيلم أجواء حركات شبابية متمردة و ومحاولات السلطات بإضفاء الطابع القانوني على أنشطة 200 شخص يستخدم سكوتر في ألمانيا الشرقية.وفي عام 1988 تشكل أول اتحاد يضم أفضل سائقي دراجات سكوتر في مدينة براغ.
ولا يخلو الفيلم من عنصر "الحنين للماضي" ورغبة شباب وقرارهم بالتمسك بزمام حياتهم بأنفسهم من خلال تمكنهم من تحركات عجلات سكوتر.
وجاء أبرز رد فعل على الفيلم من قبل مذيع في التليفزيون الألماني اسمه ينز ريفا ، والذي كان من هواة دراجات سكوتر في ألمانيا الشرقية سابقا. وفي إحدى الحلقات خرج المذيع عن النص وقال:"أرغب الآن في احتضان الشخص الذي قام بهذا العمل. سابقا لم يتحدث أي شخص عن ألمانيا الشرقية بهذه الطريقة. وأخيرا ظهر صوت آخر وهو صوت حقيقي". إنها كلمات المذيع الذي لم يستطع حبس دموعه أمام الكاميرا.