ألمانيا: ميل متزايد لتبني مواقف يمينية في غرب البلاد
١٥ نوفمبر ٢٠٢٤بحسب دراسة "السلطوية والاستبداد 2024" التي تم عرضها في شهر نوفمبر/ تشرين الأول من العام الجاري 2024 في برلين، شهدت ألمانيا في غرب البلاد زيادة ملحوظة في تأييد التصريحات، المعادية للاجانب مما جعل مواقف السكان في غرب ألمانيا تقترب بشكل كبير من تلك السائدة في شرقها. بالإضافة إلى ذلك بينت الدراسة حدوث تراجع في مستويات الرضا عن كيفية ممارسة الديمقراطية في ولايات شرق ألمانيا إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2006.
في الأوساط الأكاديمية، يُفهم مصلح "السلطوية" أو "الاستبداد" على أنه شكل من أشكال الحكم الديكتاتوري الذي يفتقر إلى التعددية. وتحت عنوان "متحدون في المشاعر السلبية"، لخص مركز بحوثالتطرف اليميني والديمقراطية في جامعة لايبزيغ نتائج استطلاع آراء 2500 شخصا، وقد تم إجراء الدراسة بالتعاون مع مؤسسة هاينريش بُول، المقربة من حزب الخضر، ومؤسسة أوتو-برينر التابعة لنقابة الصناعات المعدنية Industrie-Gewerkschaft Metall
كراهية الأجانب آخذة في الارتفاع
أظهرت النتائج أن تأييد التصريحات المعادية للأجانب والتعصب القومي في غرب ألمانيا سبق وتراجعت في الماضي، بينما شهدت تقلبات في شرق ألمانيا. لكن الفارق الكبير بين الشرق والغرب بدأ يتضاءل الآن. فقد ارتفعت نسبة الأشخاص الذين يحملون نظرة معادية للأجانب بشكل واضح في الغرب من 12.6 بالمائة عام 2022 إلى 19.3 بالمائة حاليا، بينما انخفضت هذه النسبة بشكل طفيف في الشرق من 33.1 إلى 31.5 خلال نفس الفترة.
في هذا الصدد يقول عالم الاجتماع وعلم النفس إلمار بريلر: "بهذا، أصبحت معاداة الأجانب موضوع استياء مشترك على مستوى البلاد بأكملها". وقد أجرى بريلر الدراسة بالتعاون مع الباحث في مجال التطرف اليميني أوليفر ديكر وفريقه. حيث قاموا بزيارة المشاركين شخصيًا وتسليمهم استبيانًا حول آرائهم.
وحسب الدراسة اتفق حوالي 31 بالمائة من الذين شملهم الاستطلاع في ولايات غرب ألمانيا مع العبارة القائلة بأن ألمانيا "مكتظة بالأجانب". وفي عام 2022 بلغت نسبة الموافقة على هذه العبارة 22.7 بالمئة. وفي الشرق ارتفعت نسبة الموافقة من 38.4 إلى 44.3 بالمائة. وتتجلى وجهة النظر المعادية للأجانب بشكل أكثر وضوحًا بنسبة 61 بالمائة بين ناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا. وهو الحزب الذي يصنفه مكتب حماية الدستور في العديد من الولايات الألمانية على أنه يميني متطرف.
ومما يلفت النظر من وجهة نظر ديكر هو أن "الدراسة تكشف هذا العام عن تحول ملحوظ في المزاج العام، وخاصة في ولايات غرب ألمانيا". يمكن ملاحظة ذلك أيضًا من خلال زيادة في المشاعر المعادية للسامية حيث ارتفعت من 3 إلى 4.6 بالمائة في غرب ألمانيا، بينما انخفضت من نفس المستوى إلى 1.8 بالمائة في ولايات شرق ألمانيا.
النفور من الديمقراطية في الشرق
إن الرضا عن حالة الديمقراطية يتراجع في جميع أنحاء ألمانيا، على الرغم من أن 90.4 بالمائة من المستطلعة آرائهم يعتبرونها فكرة جيدة نظريًا. لكن 42.3 بالمائة فقط راضون عن الطريقة التي يتم بها تطبيق هذه الشكل من الحكم عمليًا. ويمكن ملاحظة انخفاض سريع في القبول في الشرق بشكل خاص. فبينما كان 53.5 بالمائة راضين عن الديمقراطية التي يعيشونها عام 2022، انخفضت هذه النسبة إلى 29.7 بالمائة بعد عامين من ذلك. وفي غرب ألمانيا، انخفضت هذه النسبة من 57.7 إلى 46 بالمائة. وفي الوقت نفسه، تزداد المشاعر القومية.
وقد أتاح الاستطلاع للمشاركين التعبير عن آرائهم حول الديمقراطية بشكل كتابي للمرة الأولى. وكانت الشكاوى الأكثر شيوعًا تتعلق بالإحباط من الأحزاب والسياسيين والسياسات المتبعة، بالإضافة إلى نقص فرص المشاركة. وتوضح الدراسة أن الكثير من الناس يشعرون بعدم اليقين بشأن المستقبل.
الابتعاد عن الواقع
ما هي العواقب التي قد تترتب على هذه النتائج بالنسبة للسياسة والمجتمع؟ هذا سؤال مفتوح بالنسبة للباحثين. ويقول المشرف على الدراسة ديكر: "على الرغم من الشكوك المحيطة بالديمقراطية، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت الرغبة في حلول استبدادية أو يمينية متطرفة ستستمر لفترة طويلة. ولكن هناك ميل واضح للابتعاد عن الواقع".
أعده للعربية: علاء جمعة