ديون الأندية الإسبانية تتسبب في تأخر انطلاق الدوري

يستطيع عشاق كرة القدم الإسبانية الاستمتاع مجدداً بمشاهدة أبرز نجوم كرة القدم العالمية بعد أن تقرر انطلاق منافسات الموسم الكروي الجديد في إسبانيا نهاية الأسبوع الجارية. إذن، وعلى عكس ما كان متوقعاً، ستُقام منافسات الأسبوع الثاني من أفضل دوري كرة قدم في العالم في موعدها المحدد. ويأتي ذلك بعد تعليق إضراب اللاعبين الإسبان، حسب ما أعلن رئيس الدوري الإسباني خوسيه لويس استيساران ورئيس اتحاد اللاعبين لويس روبياليس.

وبذلك يبدو أن الطرفين توصلا بعد مفاوضات طويلة إلى اتفاق حول المشاكل التي كانت عالقة بينها والتي تتعلق بـ200 لاعب لم تدفع رواتبهم، إضافة إلى بعض البنود المتعلقة بقضايا مختلفة تهمّ اللاعبين. ويضع تعليق الإضراب حداً لتأخر انطلاق منافسات الموسم الكروي الجديد في إسبانيا والتي تأجلت مرحلته الأولى التي كان يُفترض أن تبدأ نهاية الأسبوع الماضي إلى الثاني والعشرين من كانون الثاني/ يناير القادم.

وكان محترفون في الدوري الإسباني في الدرجتين الأولى والثانية قد بدؤوا مع اتحاد اللاعبين إضرابهم قبل أسبوعين تقريباً احتجاجاً على أنديتهم التي لم تدفع لهم ما مجموعه 50 مليون يورو من مستحقاتهم المالية. وإضافة إلى دفع المستحقات المالية، ما انفكّ اتحاد اللاعبين يطالب بضمانات لدفع الرواتب مستقبلاً وبحق اللاعبين في فسخ عقودهم، في حال تخلفت أنديتهم عن دفع رواتبهم لثلاثة أشهر متتالية. وبتعليق الإضراب يبدو أن الطرفين توصلا إلى عدة اتفاقات أيضاً تتعلق بضمانات لرواتب اللاعبين وإمكانية أن يستطيع اللاعب الانتقال إلى فريق آخر، في حال عدم تلقيه راتبه لثلاثة أشهر متتالية.

4مليارات يورو تثقل كاهل الأندية الإسبانية

يعود العجز الكبير للأندية الإسبانية عن دفع كامل رواتب لاعبيها إلى السياسة المالية الخاطئة وغير المسؤولة بالدرجة الأولى والتي تسببت في تراكم الديون على أندية الدوري في بلد بطل العالم، لتصل إلى 4 مليارات يورو. وقد أدت هذه الديون إلى جرف نصف أندية الدرجتين الأولى والثانية (42 فريقاً) إلى حافة الإفلاس.

وبالفعل أعلنت بعض الأندية العريقة أيضاً، مثل ريال ساراغوسا وبتيس إشبيلية وريال مايوركا وشبورنتغ غيون، إفلاسها لتوفير حماية قانونية لها. فبفضل حالات الإفلاس هذه أنقذت الفرق المعنية نفسها من إجبارها على الهبوط، لأن قانون الإفلاس الإسباني يمنع ذلك. وهذا ما يطالب اتحاد اللاعبين بإصلاحه أيضاً، على غرار الوضع في ألمانيا وإنجلترا وهولندا حيث يتعين على كل فريق إثبات قدراته المالية قبل أن يحصل على رُخصة للمشاركة في الدوري.

ريال وبرشلونة على قمة جبل من الديون

والغريب في الأمر هو أن غالبية الديون في الدوري الإسباني لكرة القدم يتحملها الفريقان العملاقان ريال مدريد وبرشلونة. ففي حين تصل ديون الفريق الملكي ريال مدريد إلى نصف مليار يورو تقريباً، يعاني فريق برشلونة، أفضل فريق في العالم في الوقت الحاضر، من ديون تقترب من 450 مليون يورو. هذا مع أن الفريقين يحصلان على عائدات هائلة من قطاعي العقارات وتلك من حقوق بث مباريات الدوري. لكن تراكُم الديون الضخمة هذه يعود إلى سياسة مالية خاطئة، وأحياناً إلى الطمع ربما في اجتذاب أبرز نجوم كرة القدم العالمية.

فريال مدريد مثلاً اضطر الصيف الماضي إلى اقتراض مبلغ هائل لتمويل صفقة انتقال النجم البرتغالي الكبير كرستيانو رونالدو إلى صفوفه مقابل 94 مليورو يورو، وهو رقم قياسي جديد في تاريخ صفقات انتقالات اللاعبين. وقبل ذلك كان الفريق الملكي قد اجتذب النجم البرازيلي كاكا مقابل 65 مليون يورو. لكن الديون الملقاة على عاتق ريال مدريد ليست جديدة، فالفريق الملكي يعاني منذ سنوات طويلة واضطر قبل عشر سنوات إلى بيع ساحة التدريب السابقة الخاصة به مقابل 480 مليون يورو لتسديد ديونه.

كما يعاني القطب الآخر في الدوري الإسباني فريق برشلونة من ديون هائلة أثقلت كاهله. ولدفع رواتب لاعبيه اضطر الفريق الكتالوني الذي يُعدّ حالياً أفضل فريق في العالم، في صيف عام 2010 إلى بيع المدافع الأوكراني دميتري تشيغرنسكي بعد عام من التعاقد معه وبخسارة بلغت 10 ملايين يورو إلى فريقه السابق شاختيور دونيسك.

وتكمُن المشكلة الحقيقية الآن في عدم توفر الأموال اللازمة لدى كثيرٍ من الأندية الإسبانية التي تواجه مصاعب جمة في دفع رواتب لاعبيها، خاصة تلك التي أشهرت إفلاسها وحمت نفسها قانونياً. وفي هذه الحال يكون على اللاعبين في الغالب قبول مبالغ بسيطة من مستحقاتهم المالية. وهذا ما يسعى اللاعبون واتحادهم إلى الوقاية منه في المستقبل، وخاصة من خلال المطالبة بتغيير قانون الإفلاس وعدم منح الأندية رُخصاً للمشاركة في منافسات الدوري في الدرجتين الأولى والثانية إلا بعد أن تُثبت هذه الأندية قدراتها المالية الكفيلة أيضاً بدفع رواتب اللاعبين وفي الوقت المحدد.

علاء الدين موسى البوريني

مراجعة: منى صالح