رئاسة ترامب الجديدة.. الشرق الأوسط ينتظر صفقات "رجل الأعمال"
٦ نوفمبر ٢٠٢٤رغم خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض عام 2021 عقب خسارته السباق الرئاسي أمام جو بايدن، إلا أن الاتصالات بينه وبين دول إقليمية في الشرق الأوسط استمرت مع ابرام اتفاقات تجارية بملايين الدولارات والمشاركة في دبلوماسية هادئة من خلف الكواليس.
وبعيدا عن أهمية وأسباب مثل هذه الاتفاقات، فإنها كانت تحمل في طياتها مؤشرات على استمرار حلقة الوصل بين بعض دول المنطقة من جهة وبين ترامب الذي أعلن فوزه بـالانتخابات الرئاسية لعام 2024.
وتوالت ردود فعل زعماء الدول العربية على قرب بدء ترامب فصل جديد داخل البيت الأبيض، فيما كان القاسم المشترك بين برقيات التهنئة "التطلع إلى مرحلة جديدة يسودها الأمل في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".
"ترحاب مصري خليجي"، لكن لماذا؟
يرى الباحث السياسي المتخصص في الشأن الأمريكي، محمد السطوحي، أن عودة ترامب ستلقى "قبولا في دول الخليج ومصر. هناك شعور بالارتياح لدى كثير من دول الخليج بعودة ترامب، لأنه قادة هذه الدول يعرفونه ويعرفون أسلوبه".
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف السطوحي بالقول: "لم يبال دونالد ترامب خلال الفترة الأولى لقضايا الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان. هذه القضايا لم تكن عنصرا أساسيا ولا حتى فرعيا في سياسة واشنطن الخارجية خلال حكم ترامب من 2017 إلى 2021. واعتقد أن هذا سوف يعود خلال ولايته الثانية".
واتسمت العلاقات السعودية-الأمريكية بالتوتر في ظل إدارة الرئيس الحالي جو بايدن خاصة عقب نشر الحكومة الأمريكية جانب من تقرير يتهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالتورط المباشر في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي. ونفت السعودية تورط ولي العهد في مقتله. بيد أنه مؤخرا، عاد بعض الدفء إلى العلاقات بين الرياض وواشنطن بعد سنوات من الخلافات وانعدام الثقة.
من جانبه، يعتقد محمد قواص، الباحث السياسي المقيم في لندن، أن دول الخليج سوف "تعول" على علاقاتها القديمة مع ترامب. ومتحدثا إلى DW عربية، أضاف: "لدى ترامب علاقات جيدة مع مصر ومنطقة الخليج وسوف يساهم ذلك في نسج علاقات متقدمة".
وأوضح قواص بالقول: "تعتقد حكومات المنطقة الآن أنه بإمكانها إيجاد شريك في الولايات المتحدة. فلطالما كانت الكثير من العواصم العربية تشكك في الإدارات الديمقراطية منذ حقبة باراك أوباما".
"تغيير المعادلة وليس السياسات"
ورغم الترحيب الرسمي الضمني بعودة ترامب، إلا أن هناك ملفات شائكة تنتظره خاصة استمرار الحرب في قطاع غزة والقتال في جنوب لبنان فضلا عن التوتر الإقليمي مع إيران.
وخلال حملته الانتخابات، لم يصدر عن ترامب تصريحات واضحة حيال خططه لما يُعرف بـ "اليوم التالي" للحرب، لكنه أكد على ضرورة انتصار إسرائيل مع مطالبته بوقف الحرب.
وفي هذا السياق قال الصحافي المصري والكاتب السياسي أشرف العشري إن ترامب ربما يستغل "علاقته الوطيدة مع (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو للضغط على الأخير لوقف الحرب في غزة وجنوب لبنان".
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف العشري، مدير تحرير بصحيفة "الأهرام، بالقول: "أعتقد أن ترامب سيسعى إلى الخروج بسياسة تؤدي إلى حد ما إلى وقف لإطلاق النار. فوز ترامب ربما يغير المعادلة في الإقليم، لكن لن يغير السياسات بمعنى تغيير آليات التعاطي مع تفاصيل المشهد داخل الشرق الأوسط".
وعلى عكس برقيات المهنئة بفوز ترامب، قللت إيران من أهمية نتائج سباق البيت الأبيض، إذ نُقل عن المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني قولها: "الانتخابات الأمريكية لا تعنينا حقا. سياساتنا ثابتة ولا تتغير بناء على أفراد."
مصير التوتر مع إيران واتفاقيات إبراهام
وخلال ولايته الأولى، أعاد ترامب فرض العقوبات على إيران بعد انسحابه من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية والذي كبح جماح البرنامج النووي لطهران مقابل امتيازات اقتصادية.
يبدو أن هاجس عودة ترامب لم يفارق إيران ففي اللحظات لإعلان فوزه انخفضت قيمة الريال الإيراني، إذ وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 700 ألف ريال مقابل الدولار في السوق الحرة، وفقا لما نقلته رويترز عن موقع بونباست دوت كوم الذي يتتبع العملة الإيرانية.
وفي مقابلة مع DW، قالت بورجو أوزجيليك، الباحثة البارزة في "المعهد الملكي للخدمات المتحدة" ومقره لندن، إن ترامب "لن يميل إلى جر الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع إيران حتى في حال تصاعد المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران."
وأضافت: "سيسعى ترامب إلى إظهار القوة الأمريكية وإظهار تفوقه المميز كصانع للصفقات، لكن من المرجح أن يجد صعوبة في تحقيق ذلك في الوقت الراهن بالشرق الأوسط بعد (هجوم حماس الإرهابي في) السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023".
ويتفق في هذا الرأي، الباحث السياسي والخبير في الشؤون العربية-الأمريكية، محمد السطوحي، قائلا: "يُعرف عن ترامب أنه ينظر لكل العلاقات الدولية حتى العلاقات الإستراتيجية منها بمنطق الصفقات التي يقوم بها أي رجل أعمال. وبالتالي، هذه العلاقة التفاعلية سوف تحكم أسلوبه وسياساته مع العالم باسره خاصة الشرق الأوسط".
وخلال رئاسة ترامب الأولى، أبرمت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان اتفاقيات تطبيع، أو ما سمي باتفاقيات إبراهام، مع إسرائيل عام 2020، لكن أصبح المزيد من التقارب الإسرائيلي العربي معلقا في الوقت الحالي عقب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل وما تلى ذلك من عمليات إسرائيلية في غزة. ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
وأشار الصحافي المصري أشرف العشري إلى أن ترامب "ربما يطرح شكلا من أشكال التطبيع السياسي مقابل التعاون الاقتصادي، باعتبار أن هذه أحد أدوات ترامب لإمكانية أن يحق جزء من السلام الذي يراه من وجهة نظر أمريكية، بعيدا عن أي نوع من الإلزام لإقامة دولة فلسطينية في المرحلة القادمة، وبالتالي ستكون إيران وحماس وحزب الله في زمرة الخاسرين."
ساهمت جنيفرهولايس في المقال