رئيس اللجنة الخارجية في البوندستاغ: "ألمانيا مستعدة لتقديم المساعدة لليبيا في بناء دولة ديمقراطية"
١٢ سبتمبر ٢٠١١بعد الانتقادات التي وجهت إلى السياسة الألمانية فيما يتعلق بموقفها من ليبيا، تحاول ألمانيا أن تعوض ذلك من خلال تعهدات بتقيدم مساعدات حقيقية في بناء الدولة الليبية المستقبلية. وحول الدور الذي يمكن لألمانيا أن تلعبه هناك، حاورت دويتشه فيله روبريشت بولينتس، عضو الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم في ألمانيا، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني؛ وإليكم نص الحوار:
دويتشه فيلله: واجه قرار ألمانيا بعدم المشاركة في العملية العسكرية في ليبيا العديد من الانتقادات، والآن لدينا وضع جديد في ليبيا، فما الذي يمكن أن تقدمه ألمانيا بعد سقوط نظام القذافي، من أجل مساعدة ليبيا على التطور؟
روبريشت بولينتس: ألمانيا شاركت منذ البداية في مجموعة الاتصال مع بقية الدول التي ترغب في مساعدة ليبيا الآن. وبعد رحيل القذافي تبدو الفرصة سانحة، بل هناك ضرورة من أجل المشاركة في المساعدة، والتي تتمثل بالدرجة الأولى في المساعدات الإنسانية. فهناك نقص في الأدوية وبشكل جزئي في المواد الغذائية.
ولكن الأمر سيتطور بسرعة وتصبح الحاجة ماسة من أجل المساعدة في بناء المجتمع المدني. وألمانيا أصبح لديها مؤخرا بعض الخبرة في كل من تونس ومصر، وخاصة من خلال نشاطات المؤسسات السياسية غير الحكومية، في المساعدة في بناء هياكل للمجتمع المدني. ويمكن تقديم مثل ذلك في ليبيا. كما يمكننا أن نساعد في إعادة تشكيل قطاع القوى الأمنية. ويجب أن لاننسى بأن ليبيا، بسبب الحكم الفردي الذي مارسه القذافي ونظام المجالس الذي اتبعه، تفتقد إلى المؤسسات الحكومية التي يمكن متابعة البناء على أساسها. فالآن يجب البدء من الصفر من أجل بناء كل ذلك، وهنا يحتاج الليبيون إلى المساعدة.
تحدثتم عن الافتقاد للمؤسسات المستقرة. فهل تعتقدون أنه من الخطأ، أو ربما من السذاجة، أن يتم الحديث عن مستقبل ديمقراطي للبلاد أو عن المجتمع المدني في ليبيا؟
الأمر يتعلق بالأفاق الزمنية التي ننظر من خلالها إلى المستقبل. فانتظار تحقيق كل ذلك خلال فترة وجيزة يعد ضربا من الخيال. وحتى على المدى المتوسط لا يمكن بناء هياكل يمكن وصفها بأنها ديمقراطية بشكل كامل. المهم في الأمر هو أن يتم السير في الاتجاه الصحيح وأن يتم مساعدة ليبيا في ذلك. وأنا أعرف، من خلال أحاديث مع معارضين، أن أمنية الليبيين تتمثل في بناء دولة ديمقراطية. وسيحتاج كل هذا إلى وقت. وقبل كل شيء النظام القانوني في البلاد، والسلطة القضائية، وتدريب القضاة والعاملين في النيابة العامة وغير ذلك. لا يمكن إنجاز كل ذلك بين ليلة وضحاها. ولكن ما المانع في أن تصبح ليبيا في يوم ما دولة ديمقراطية مستقرة؟
لو نظرنا إلى علاقة أوربا بليبيا في الماضي، لرأينا أن ثلاثة محاور كانت الأهم في تلك العلاقة وهي: الأمن، والهجرة غير الشرعية، والإمدادات النفطية. فهل ستبقى هذه المواضيع هي التي تحدد العلاقات الثنائية مستقبلا؟
ستبقى ذات أهمية. ولكن في الوقت الراهن هناك تركيز على معرفة أي نوع من الشركاء ستكون ليبيا في المستقبل؟ وهذا يعتمد على التطورات الداخلية هناك. ويجب الإشارة إلى أمر هام هنا، ألا وهو أن الليبيين هم من يقرر ذلك. يجب أن يقرروا مستقبلهم بأنفسهم. إلا أننا نرغب في المساعدة في أن يحصل الليبيون على إمكانية تقرير مصيرهم، ليس فقط آنيا وإنما أن يستمر ذلك في المستقبل أيضا. وهذا يعني أن يصبح عند الليبيين مؤسسات تتيح، على سبيل المثال، تغيير الحكومة عن طريق الانتخابات، عندما لا يكونون راضين عن أدائها.
هل هناك تطلعات محددة من الجانب الألماني ترغبون في إيصالها للحكام الجدد في ليبيا؟
لا بد أولا من أن ينظر المجلس الانتقالي إلى كلمة "انتقالي" بجدية، وأن لا ينغمس في إغراء السلطة، التي آلت إليه بعد سقوط القذافي. يجب أن يفي المجلس الانتقالي بوعوده التي قطعها، من أنه سيعين حكومة انتقالية، وأنه سيدعو إلى جمعية وطنية تقوم بوضع دستور، ومن ثم سيجري انتخابات ديمقراطية على أساس دستور مقبول من قبل الشعب. إذا يتوجب على المجلس أن ينظم المرحلة الانتقالية وأن يلتزم بوعوده وتصريحاته. وينتظر أن يفي بذلك أيضا. ومن أجل تحقيق كل هذا لا بد أن نقوم نحن بمساعدته. وأعتقد بأن المجلس الانتقالي سيحتاج هذه المساعدة وسيقبل بها أيضا. على سبيل المثال في تنظيم الإستفتاءات والانتخابات.
أجرى الحوار: راينر زوليش / فلاح الياس
مراجعة: حسن زنيند
روبريشت بولينتس: من مواليد 1946، عضو الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم في ألمانيا، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني.