رحلة الموت.. من المسؤول عن مصرع أطفال بسيول الأردن؟
٢٦ أكتوبر ٢٠١٨"لا تتكلم، ولا تبكي.. هي في حالة لاوعي"، هذه هي حالة أم ميلار إحدى ضحايا سيول الأردن. تامر أبو السندس، والد ميلار تحدث لـDW عربية دقائق قبل دفن ابنته الكبرى. بغصة أب ثكل فلذة كبده، قال: "لم تُصدق بعد أن ميلار ماتت"، واصفا حالة زوجته بعد فقدان ابنتهما ذات الـ 12 عاما.
تامر حكى قصة ابنته الحزينة، التي انطلقت من عمان لتنتهي في "البحر الميت". وذكر أن الحادث وقع ظهر الخميس في حين لم يتوصل بجثة ابنته الهامدة إلا اليوم الجمعة (26 أكتوبر/ تشرين الأول)، على الساعة العاشرة صباحا.
ميلار ليست الضحية الوحيدة التي جرفت سيول المياه روحها في منطقة قريبة من البحر الميت بالأردن، وإنما هنالك حوالي 21 آخرين (لحدود الساعة)، معظمهم من التلاميذ، قُتلوا بينما كانوا في رحلة مدرسية تحولت إلى "رحلة الموت". فضلا عن أناس آخرين كانوا يتنزهون في تلك المنطقة السياحية، عندما داهمتهم السيول. وأصيب 35 آخرون بجروح. وما يزال البحث جاريا عن آخرين جرفتهم السيول نحو البحر الميت.
مواقع التواصل الاجتماعي صارت منصة للخوض في "فاجعة الأردن"، حيث أطلق رواد "السوشيال ميديا" وسوم (هاشتاغ) كثيرة يتأسفون فيها عن رحيل الأطفال في هذه الحادثة. وبينما تداول البعض صور الضحايا معبرا عن أسفه، اتجه آخرون للإجابة على سؤال: من المسؤول عن هذه "الفاجعة"؟
وكان العاهل الأردني عبد الله الثاني، قد غرد عبر حسابه الشخصي على "تويتر" معبرا عن حزنه بسبب "أسوأ كارثة أمطار" في بلده، وطالب بمساءلة المقصرين.
"الخميس الأسود!"
رغم تحذيرات الأرصاد الجوية، إلا أن رحلة طلاب مدرسة فيكتوريا بمنطقة مرج الحمام لم تُلغَ وأكملت الحافلة طريقها نحو وجهتها. الجو لم يسعفها لتعود بالركاب الذين أقلتهم، وعددهم 37 طالبا و7 أساتذة مرافقين. طلاب المدرسة والأساتذة المرافقون لهم نزلوا من الحافلة، التي توقفت قرب شاطئ البحر الميت في منطقة سياحية يطلق عليها اسم "المياه الساخنة" عندما باغتتهم سيول قوية جرفتهم مع الباص باتجاه البحر الميت، حسب ما ذكرته مصادر أمنية.
بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، قالوا إن عددا من الأهالي رفضوا في اللحظة الأخيرة ركوب أبنائهم الباص للذهاب في هذه الرحلة بسبب توالي تحذيرات مركز الأرصاد الجوية من تردي حالة الطقس وهبوب رياح وعواصف ترابية وأمطار غزيرة ابتداء من بعد ظهر الخميس (25 أكتوبر/ تشرين الأول).
وبمجرد انتشار الخبر تجمهر أهالي وعائلات الطلبة الذين كانوا بالحافلة أمام منطقة الأغوار والبحر الميت ومستشفى الشونة الجنوبية لمعرفة مصير أبنائهم.
تقصير حكومي؟
في حديثه لـDW عربية، قال والد ميلار إنه جمع عشرات من أبناء عشيرته للبحث عن ابنته بعدما عرف أن سيولا جرفت الحافلة التي كانت بها. كما أشار بأصبع الاتهام إلى فرق الإنقاذ التي قال إنها توقفت مع الساعة الواحدة صباحا من يوم الجمعة عن البحث عن الضحايا، لتستأنف عملها في الصباح. وفي ذات الاتجاه، قال إن الوزارة المعنية كان عليها أن تمنعهم من القيام بهذه الرحلة.
مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي، قالوا إن الأمر لا يقف عند المسؤولين عن القيام بالرحلة رغم تحذيرات الأرصاد الجوية، وإنما يتجاوزه إلى المسؤولين عن البنيات التحتية، في إشارة منهم إلى الجسر القريب من البحر الميت والذي طالته السيول الناتجة عن الأمطار الغزيرة.
يُشار إلى أن المنطقة التي وقع فيها الحادث تعرضت لمنخفض جوي أدى إلى إغلاق طرقات كثيرة وأنفاق بالأردن.
وفي السياق نفسه، أرجع البعض سبب "الفاجعة" إلى صعوبة تضاريس المنطقة الجبلية المحيطة بالأودية، التي وقع فيها الحادث، فضلا عن عدم وجود طرق للسير، واستمرار هطول الأمطار.
مخالفة مدرسية!
بالمقابل، نشر رئيس الوزراء الأردني؛ عمر الرزاز وثيقة على حسابه الخاص بتويتر، تُشير إلى أن المدرسة خالفت طلبها الذي وافقت عليه وزارة التربية. لافتا أن الرحلة كانت في اتجاه منطقة الأزرق بشرق البلاد وليس إلى البحر الميت.
ووفقا لما نقلت مصادر بوزارة التربية الأردنية، فإن "المدرسة كانت قد حصلت قبل نحو أسبوع على موافقة للذهاب في رحلة مدرسية إلى منطقة الأزرق "شرق عمان" حيث توجد محمية الأزرق.
لكن وثيقة أخرى نشرتها مواقع تشير إلى أن المدرسة عندما خاطبت الوزارة فإنها طلبت الموافقة على زيارة منطقة وادي الأزرق في البحر الميت.
بدوره ذكر وزير التربية بالأردن؛ عزمي محافظة، في بيان له أن "الوزارة ستفتح تحقيقا شاملا للوقوف على حقيقة ما جرى"، مؤكدا أن "منظم الرحلة يتحمل بالكامل مسؤولية ما جرى". وأوضح أن "الرحلة المدرسية التي جرفتها السيول في منطقة البحر الميت خالفت مسارها الموافق عليه من الوزارة".
مريم مرغيش